دراسة جديدة: الأضرار الناجمة عن الإفراط في التدخل بحياة الأبناء

من الغريبِ ألا يتدخل الأبُ والأمُ في حياةِ أطفالهم، حيث أن الوضعَ الصحيَّ لأسرةٍ سعيدةٍ يقتضي أن يتدخل الأهل في حياة الأبناء بشكل متَّزن. إلا أنَّه من المرجَّح أنَّك تعرفُ إحدى العائلاتِ التي يتدخلُ فيها الوالدان بحياة أطفالهم بشكلٍ مبالغٍ فيه. ويطلقُ على هذا النوعِ من الآباء “آباء الهيلوكبتر” (Helicopter Parenting).

ونظراً لأن الأطفالَ الذين تمَّت تربيتهم على يدِ أهلٍ يتدخلون بحياتهم ويحمونهم بشكلٍ مبالغٍ فيه يعانون من الصعوباتِ في اكتساب أهمِّ المهارات الحياتية، يجب على هذا النوع من الآباء أن يتَّخِذوا خطوةً إلى الوراءِ.

أهميةُ تعليم الأطفالِ مهارات التحكم الذاتي بالمشاعر والتصرفات تجبر الآباء على الانتظار:

من الطبيعي أن ترغب في حماية أطفالك من كل ما يؤذيهم، إلا أنَّ المشكلة تكمن بأنَّ الطريقة الوحيدة لتعليمهم كيفية التفريق بين ما يضرُّهم وما ينفعهم تتمثل بالسماح لهم بالخروج من منطقة الأمان التي ابتكرتها لهم. حيث أظهرت دراسةٌ مشتركة أجراها باحثون من جامعة مينيسوتا وجامعة كارولينا الشمالية وجامعة زيورخ أن الآثار السلبيَّة لتواجد الآباء الدائم حول أطفالهم تتخطى حجب دروس الحياة عنهم.

حيث قام الباحثون في هذه الدراسة بدعوة 422 طفلًا في عمر السنتين مع أُمهاتهم إلى مختبرٍ يحتوي على الألعاب التي يجب إعادتها إلى مكانها بعد الانتهاء من اللعب. وطوال مدة التجربة، راقب علماءُ النفسِ الأُمهاتِ اللاتي قُمن بتولي المهمة عن أبنائهنَّ. وبعد ثلاث سنوات، تمَّ إعادة دعوة المشاركين لغايات ملاحظة ردَّةِ فعل كل طفلٍ عندما يتم إعطاء زملائه هدايا أكثر منه. كما وتخلل الجزء الثاني من الدراسة إعطاء الأطفال بعض الأحجيات لحلّها في وقت محدود. وقام الباحثون بتتبع سلوكيات وتصرّفات الأطفال -بعمر الخامسة والعاشرة- في مدارسهم.

وكما توقَّع الباحثون، وجدت الدراسة أنّ القدرة على التحكُّم بالمشاعر كانت أقل لدى الأطفال الذين أبدت أُمهاتهم سلوكًا مسيطرًا على حياتهم. كما وتمَّ إيجادُ رابطٍ بين ضعف القدرة على التحكم بالمشاعر والتصرفات في عمر الخامسة وضعف كلٍّ من القدرة على تطوير المهارات الاجتماعية والتحصيل الدراسيِّ في عمر العاشرة. حيث صرَّح الدكتور نيكول بيري -المؤلف المشارك في الدراسة- أنَّه:

إعلان

 لضمان تعزيز المهارات العاطفية والسلوكية لأبنائهم، يجب على الآباء أن يفسحوا المجال لهم لتجربة مجموعة واسعة من المشاعر، مما سيساعدهم على ترويض هذه المشاعر بأنفسهم. ويكمن دور الأهل هنا بأن يقوموا بإرشاد ومساعدة أطفالهم إن لم يتمكنوا من مواجهة هذه المشاعر بأنفسهم.

عندما يكبر أطفال الهيلوكبتر:

أشار الباحثون في هذه الدراسة إلى قيودها التي تتضمن قيامهم بمراقبة التدخل الزائد في حياة الطفل لأحد الوالدين دون الآخر وإخضاع الطفل للدراسة في مرحلة واحدة من حياته. حيث أنه من الطبيعي والشائع أن يُظهِر الآباء و الأبناء على حد سواءٍ أنماطًا من السلوك اللاتكيّفي، كعدم الرغبة بترك المنزل حتى في المرحلة الجامعية.
وأبدت كريس مينو (Chris Meno) الأخصائية في علم النفس في جامعة إنديانا، استعدادها لتقديم النصائح حول هذا الموضوع.

كما وتحذر من جعل حياةِ الأبناء الخاصَّة والأكاديمية الأولويةَ القصوى في حياة الوالدين. حيث صرّحت بما يلي: قد يفتقر الأبناءُ الذين لا يُسمح لهم بمواجهة الصعوبات بمفردهم مهاراتِ حلّ المشكلات”. كما وجدت مينو أن الأبناء في هذه الحالة قد لا يستطيعون اجتياز مصاعب الحياة لانعدام ثقتهم بأنفسهم. ونظراً لأنه لم يُسمح لهم بتجربة الفشل، قد يكتسب الأبناءُ خوفاً شديداً من خوض هذه التجربة، مما يؤثر سلباً على حياتهم.

كما وأوجدت Meno علاقةً بين هذا النوع من السلوكيات وصعوبة إيجاد الأبناء لعملٍ مناسبٍ بعد التخرج من الجامعة نظرًا لاعتمادهم الكلّيِّ على والديهم قبل التخرج. لذلّك، قد يؤدي بناءُ القلاعِ حول أطفالك لحمايتهم من الآلامِ والمصاعب إلى جعل حياتهم شديدة الصعوبة على المدى البعيد.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: راما ياسين المقوسي

تدقيق لغوي: فاطمة الملّاح

اترك تعليقا