إن لم تكن عبقريًا فلا تحاول!!
العبقرية هي كل مايهم! في أحد مشاهد فيلم المقامر (The Gambler)، وفي إحدى محاضرات الأدب التي يلقيها د. جيم بينيت Jim Bennett (مارك والبيرج Mark Wahlberg) أعطى تلاميذه تلك النصيحة “إن لم تكن عبقريًا، فلا تزعج نفسك بالمحاولة!” وفي تلك اللحظة عمّ الصمت في قاعة المحاضرات.
ولكن هل بالضرورة أن أكون عبقريًا حتى أكون ناجحًا؟
قليلو الذكاء قد يصبحون عباقرة!
عام 1920 قرر عالم النفس “لويس تيرمان” تتبع حياة 1500 طفل بعد قياس معدّل ذكائهم، تجاوز معدل ذكاء الأطفال الذين تم اختيارهم 140، وصنفهم إلى “عبقري وقريب من العبقرية” ليرى كيف ستكون حياتهم مقارنة ببقية الأطفال. بعد مُضي حوالي أربعين عامًا على تلك الدراسة، تتبع الباحثون الأطفال ووثّقوا الآلاف من التقارير الأكاديمية والكتب التي نُشرت من قِبل هؤلاء الأطفال، بل وأكثر من 300 براءة اختراع و400 قصة قصيرة تم نشرها أيضًا.
ولكن ما اكتشفه الباحثون هو أن “الذكاء ليس ضامن جيد لإحداث إنجاز” حيث أنّ كثير من الأطفال الذين سجلوا معدلات ذكاء كبيرة عانوا كثيرًا في بداية حياتهم ومجموعة كبيرة من هؤلاء فشلت في الدراسة الأكاديمية. على النقيض من ذلك بعض الذين كان لهم معدل ذكاء معتدل استطاعوا أن يحصلوا على مكانة عالية وينجحوا في مجالهم، ومن هؤلاء عالم الفيزياء/ لويس ألفاريز Luis Walter Alvarez الذي حصل على نوبل في الفيزياء لعام 1968، ووليام شوكلي William Shockley الذي حصل على نوبل في الفيزياء لعام 1956.
العمل الدائم قد يكون بديلًا جيدًا للعبقرية
في الفصل الرابع من كتابه “Genius Explained” وتحت عنوان “تصنيع العباقرة Manufacturing Genius” أخذ عالم النفس “مايكل هاو” بتوضيح فكرة أن العبقرية شيء يمكن إنتاجه. يمكن أن يتم اكتشافه من البيئة المحيطة والعمل الدائم وتوجيه الوالدين لأبنائهم في مرحلة الطفولة. وذكر أنّ موزارت عزف مقطوعته الأولى على البيانو وهو ابن السادسة..
فقط له من العمر ست سنوات وألقى معزوفته الأولى على العامة!!
ولكن ما لا نعرفه هو أنّ موزارت تدرّب ما يقرب من 3500 ساعة قبل إلقاء تلك المعزوفة، وهو شيء اكتسبه بالتدريب الدائم.
“يُفتن الوالدان والمدرسون بإنجاز أبنائهم المبكر، بالطبع إنه لشيء رائع أن ترى طفلًا يجتاز امتحانات المدرسة بامتياز. وإنها لبداية رائعة له. ولكن لكي يصبح عبقريًا فذلك يتطلب مجهودًا أكبر، فيجب على الوالدين إعطاء أبنائهم الكثير من الثقة بالنفس ودفعهم للاعتماد على أنفسهم لو أرادوا فعلاً أن يجعلوهم عباقرة.”
– مايكل هاو
تناول “فؤاد صروف” في كتابه “أساطين العلم الحديث” حياة واحدةٍ من أعظم العلماء وهي “ماري كوري Marie Curie”، تلك المرأة التي لم تعرف معنى المرض؛ فقلّما كانت تختلط بالعامة وقلما خرجت من معملها.
عندما اكتشف “هنري بيكيل” تأثير صخر “البتشبليند pitchblende” على اللوح الفوتوجرافي وتركه أثرًا عند وضعه على اللوح، علم أن الصخر يحوي عنصرًا جديدًا أقوى من اليورانيوم. كان بيكريل يعرف ماري كوري وأنها تجيد العمل على العناصر في المعمل فأخبرها باكتشافه، وقامت ماري كوري على الفور بمراسلة حكومة النمسا فوافقوا على مساعدتها وأمدّوها بـ “طن” من صخر البتشبليند.
بعد عامين من العمل على الصخر والإعياء والضعف والإحباط الذي أصابها هي وزوجها، أخيرًا استطاعت ماري أن تستخرج من طن البتشبليند قدرًا ضئيلًا من أملاح البزموت، وبعد الكشف عنه بالكواشف المتاحة استنتجت ماري أنه عنصر جديد أقوى من اليورانيوم 300 ضعف وأطلقت عليه “بولونيوم”. وحصلت على نوبل في الفيزياء عام 1903 بمشاركة زوجها بيير وهنري بيكريل.
كان هنري بيكريل يعلم بمثابرة ماري وجدها في العمل وهذا ما جعله يسند إليها ما توصل إليه من اكتشاف ويعلم أنها ستتوصل إلى شيء من ذلك. وباستخدام الأساليب المناسبة استطاعت فعل ذلك. وهذا ما جعلها ماري كوري: العمل الدائم الجاد.
العبقرية عبارة عن واحد بالمئة إلهام و 99 بالمئة بذل مجهود.
Thomas A.Edison-
فإن لم تكن عبقريًا فأنت تملك كل الحق لأن تحاول.
المصادر 1- أساطين العلم الحديث لفؤاد صروف 2- A New Approach to the Study of Genius by terman 3- Genius Explained by Michael Howe