الأطباء يخشون أن يحدث فيروس كورونا أضرارًا دائمة تتخلل الجسم

طاقم طبي يعتني بمصاب بالكورونا ويلحظون علاماتٍ تدل على مشاكلٍ صحية طويلة الأمد لدى أولئك المتعافين من المرض.

بات من الواضح بالنسبة لعالم يتعامل مع فيروس كورونا المستجد أنه حتى عند زوال الوباء فإنه لن يزول حقًا. بدأ القلق يساور الأطباء بصحة الأمر ذاته بالنسبة لأولئك المتعافين من المرض. إن العدوى بفيروس كورونا المستجد تؤكد بأنها اجتياح لكامل الجسم بالنسبة لأخطر الحالات المرضية محدثة بذلك أضرارًا تتعدى الرئتين. وحتى بعد تعافي الحالات السيئة وزوال الفيروس، بدأ الأطباء بملاحظة التأثيرات الدائمة للعدوى.

ففي دراسة نشرت هذا الأسبوع، اختبر علماء في الصين نتائج فحص للدم لدى 34 مصابًا بكورونا خلال مدة علاجهم في المشفى. وجد الباحثون أن كثيرًا من النظم البيولوجية فشلت في العودة إلى وضعها الاعتيادي لدى المتعافين من الحالات الجيدة والسيئة على حد سواء. ومن بين نتائج الفحص المقلقة قراءات تشير إلى استمرار معاناة المتعافين من المرض ظاهريًا من تعطل وظائف الكبد. كانت هذه هي الحالة ذاتها حتى بعد إظهار اختبارين للفيروس الحي سلبية هذه الحالات وخلوها ليتم إخراجها.

وفي الوقت ذاته، وبينما كان أطباء القلبية يتعاملون مع التأثيرات الحالية لـ فيروس كورونا على القلب فإنهم يتساءلون عن ديمومة حجم الضرر الواقع. ففي دراسة مبكرة أجريت على مصابين بفيروس كورونا في الصين، لوحظ أن نسبة فشل القلب قد بلغت 12% لدى بواكير المتعافين ومن ضمنهم أولئك الذين لم تظهر عليهم علامات ضيق التنفس. فعندما لا تؤدي الرئتان وظيفتهما في توزيع الأكسجين إلى الجسم يعاني القلب من ضغط حاد ويصبح أضعف. وهذا مقلق بما يكفي بالنسبة لمرض يسبب مشاكل في التنفس. بيد أنه عندما تستمر إصابات القلب لدى من لا يعانون ضيقًا في التنفس ينبغي للأطباء التساؤل حول ما إذا كانوا يقللون من شأن قدرة الفيروس على إحداث دمار دائم.

وقال الدكتور هارلن كرومهولتز طبيب قلبية في جامعة ييل: “إن كوفيد 19 ليس فقط اضطراب في الجهاز التنفسي، وإنما يمكن أن يؤثر على القلب والكبد والكليتين والدماغ ونظام الغدد الصماء ونظام الدورة الدموية. ليس هناك متعافين طويلي الأمد من هذا المرض المستجد بشكل كامل، إذ حتى ضحاياه الأوائل في الصين استغرقت إزالتهم من محنتهم أكثر من ثلاثة أشهر. وما يشغل الأطباء هو معالجة الحالات السيئة من المرضى ليراقبوا تقدم المرض عند المتعافين البالغة أعدادهم 370,000 تقريبًا. كما أن الأطباء ما زالوا قلقين من أن بعض الأعضاء التي توقفت عن عملها خلال عودتها لن تتعافى بسرعة أو تعافيًا كاملًا. وهذا يجعل المرضى ضعفاء للأشهر والسنوات المقبلة.

وقال جوسيف برينان طبيب قلبية في جامعة ييل: “أعتقد أنه سيكون هناك مضاعفات طويلة الأمد لهذا المرض. كما حذر قائلًا: “لا أعرف إذا كان الأمر كذلك حقًا. بيد أن المرض ساحق لدرجة أن بعض المتعافين يحتمل مواجهتهم لمخاوف صحية مزمنة. والسؤال الذي يستغرق سنوات للإجابة عليه هو فيما إذا كان السارس COV-2 الذي سبب كوفيد 19 سيَخْمد في الجسم لسنوات ويتكاثر بشكل مختلف. في الحقيقة، لن يكون أول فيروس يتصرف بهذه الطريقة. فعلى سبيل المثال، بعد عدوى الجدري يختبئ فيروس الهربس المسبب للمرض لعدة عقود ثم يظهر المصيبة الموجعة مرض الهربس النطاقي. كما أن الفيروس المسبب لالتهاب الكبد B يزرع بذور سرطان الكبد لسنوات لاحقة. وبعد أشهر من انحسار وباء إيبولا في غرب أفريقيا عام 2016، لوحظ أن الفيروس المسؤول عن هذا المرض سكن في السائل الزجاجي لعيون بعض المصابين مسببًا بذلك العمى أو شكلًا من أشكال الإعاقة البصرية لدى 40% من المصابين.

إعلان

ونظرًا للشبه مع مرض سارس CoV-2 بالنسبة لنسيج الرئة، شك الأطباء أن بعض المتعافين من كوفيد 19 سوف يعانون من ضرر طويل الأمد في الرئتين. ففي العدوى فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، سارس عانى حوالي ثلث المتعافين من مشاكل في الرئة بعد ثلاثة سنوات. لكن هذه الأعراض ذهبت بعد 15 عامًا تقريبًا. ولاحظ الباحثون أن ثلث المصابين بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ميرس عانوا من التليف الرئوي الذي يحتمل أنه كان دائمًا.

وفي عرض لاثنى عشر مصابًا بكورونا في منتصف آذار خرجوا من مستشفى في هونكونغ، تم وصف اثنين أو ثلاثة منهم بصعوبة القيام بأنشطة كانوا يؤدونها في الماضي. كما أخبر الدكتور أوين تسانغ تاكيين مدير قسم الأمراض المعدية في مستشفى الأميرة مارغريت في هونكونغ الصحفيين أن بعض المرضى يعانون من تدهور في أداء وظائف الرئتين بما نسبته 20% إلى 30% بعد تعافيهم. وبناءً على توثيق تاريخ الضرر الطويل لدى المصابين بسارس وميرس، يوصي فريق في كلية لندن الجامعية بقيادة المختصة بعلم الإشعاعات ميلينا حسيني بضرورة إجراء فحوصات متواصلة لرئتي المتعافين من كورونا لتقييم الضرر الدائم أو طويل الأمد بما فيها التليف الرئوي. وبينما يحاول الأطباء تقييم الضرر على العضو بعد التعافي من كورونا هناك تعقيد رئيسي، إذ أن المصابين ذوو اضطرابات تؤثر على القلب والكبد والدم والرئتين يواجهون خطرًا أكبر بأن يكونوا مصابين بفيروس كورونا في المقام الأول. إن هذا يزيد من صعوبة تمييز كوفيد 19 عن التأثيرات التي تضعف المريض خاصة عند البدء مبكرًا بالمرض.

وقال الدكتور كيم ويليامز وهو طبيب مختص بالأمراض القلبية في المركز الطبي في جامعة رش في شيكاغو: “حتى الآن، نحن في منتصف الطريق، حيث أن لدينا كثيرًا من المعلومات حول ما يحدث ونحاول إدارة الوضع”. إن ما يعلمونه هو أنه عند ظهور أعراض العدوى على مرضى كورونا تتوقف وظيفة كثير من الأعضاء. وعندما يفشل أحد الأعضاء تتبعه الأعضاء الأخرى. أضف إلى هذه الفوضى قوة الالتهاب التي تتوقد لدى الحالات السيئة المصابة بكوفيد 19، حيث تتسبب في أضرار في مختلف أعضاء الجسم مثل تطفل اللويحات والخثرات على جدران الأوعية الدموية والتسبب في الجلطات والأزمات القلبية والانسدادات الوريدية.

وقال كرومهولتز الذي نظم مؤتمرًا للمختصين بالأمراض القلبية لمناقشة فيروس كوفيد 19 هذا الأسبوع: “يمكن أن تتسبب العدوى بأضرار بالقلب والغشاء المحيط به”. كما يمكن أن يتطور لدى بعض المرضى فشلًا جزئيًا أو عدم انتظام في ضربات القلب خلال المرحلة الحادة من المرض. ورغم أن فشل القلب يضعف هذا العضو فإنه يمكنه استعادة قوته بالعلاجات والتغييرات في نمط الحياة. وما تزال الفرصة مهيأة لمرضى كورونا الأوائل للإصابة بالأمراض القلبية مدى الحياة. إن تلوث هذه الصورة هو تأثير لاحق محتمل، حيث تزيد احتمالية التشوهات الدموية التي تشكل الخثرات بكافة أشكالها.

ففي تقرير حول حالة نشر في هذا الأسبوع في صحيفة New England الطبية وصف فيه أطباء صينيون حالة مريض سيئة مصاب بكورونا: “الخثرات واضحة في مختلف أجزاء جسمه بالإضافة إلى بروتينات ذات مناعة تسمى الأجسام المضادة للفوسفوليبيد وهي سمة مميزة لمرض ذاتي المناعة يسمى متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد. وتنشأ هذه الأجسام المضادة أحيانًا بصفتها استجابة عرضية لعدوى. لكنها أحيانًا تطول مسببةً خثراتٍ دموية خطيرة في الساقين والكلى والرئتين والدماغ. كما يمكن أن تتسبب متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد في إجهاض أو ولادة جنين ميت. وقال برينان أنه في مرض جديد مثل كوفيد 19، فإن الشارات المرشدة للأطباء في تقييم توقعات سير المرض طويلة الأمد لدى المريض ليست متوفرة بعد. فعلى سبيل المثال: عادة ما يصحح تخثر الدم ذاته. لكن ليس هذا ما يحدث في العادة.

المصدر:
 https://www.latimes.com/science/story/2020-04-10/coronavirus-infection-can-do-lasting-damage-to-the-heart-liver

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: سارة إبراهيم

ترجمة: عمر العجيمي

اترك تعليقا