مظلومية اليهود بين التاريخ والاستعمار
نحن هنا كي نحكي منذ البداية الأولى، كي تتصِّل حلقات القصة الممتدة من عمق تاريخ الشرق القديم – فاليهود تاريخيًا هم أحد شعوب المنطقة – ولكن تاريخهم له طبيعة خاصة حيث امتد هذا التاريخ خلال تحولات كبرى شهدتها المنطقة والعالم حوَّلت القصة من مزيج من المآسي المتعاقبة والفشل السياسي المتوالي إلى قصة مصباح عتيق وجدته قوى الاستعمار فأخرجت منه عفريت مجنون اسمه الصهيونية.
المظلومية اليهودية هي رواية اليهود التاريخية عن أنفسهم، هذا الشعب الذي كتب تاريخه في كتاب الدين، فالتاريخ اليهودي مكتوب بأيدي اليهود حصرًا حتي العصر الروماني، وعلي سبيل المثال: لا ذِكر لأي شيء يخص اليهود في التاريخ المصري القديم سوي عبارة علي لوح الملك مرنبتاح أنه أدّب إسرائيل في أحد حملاته العسكرية على الشرق.
اللغة شفرة التاريخ:
قبل أن نروي القصة باختصار، أحب أن أعرض بعض الأسماء التي تشير إلي اليهود في التاريخ لعلها تكون مرشدة لنا في هذه الرحلة القصيرة، فاللغة تختزن دائمًا إشارات إلى تغيرات الأحداث.
اليهود في الكتاب المقدس يُعرفون بالشعب وشعب الله وشعب إسرائيل واليهود، و أيضًا يُشار إليهم في القرآن ببني إسرائيل واليهود، ويعرفون اليوم فقط باليهود.
ما الفرق بين كل هذه المسميات؟ وما تحمله من دلالة؟
هذه أسئلة مهمة لو أردنا أن نعرف من هم اليهود الذين نحن بصدد سرد قصتهم.
اليهود في عمومهم هم المؤمنون بالدين اليهودي، ولا يصبح الإيمان قومية على حد علمي، ولكن هنا الوضع يختلف، يدّعي اليهود اليوم أنَّ المؤمنين باليهودية لهم أصل واحد وبالتالي هم قومية تستحق دولة مستندين في ذلك على اعتقاداتهم الدينية. وهنا علينا تفنيد تلك المروية عن طريق المسميات التي تشير إلي اليهود كي يتضح لنا الكثير .
كلمة اليهود لم تظهر إلا بعد السبي البابلي، إشارةً إلي مملكة يهوذا – أي سبط يهوذا بن يعقوب – وهي تلك المملكة التي أسسها نبي الله داوود وهو من سبط يهوذا، أما قبل السبي يسمي اليهود أنفسهم شعب الله أو شعب إسرائيل، وشعب الله تشير إلى ارتباطهم بالله الذي اختارهم ،وشعب إسرائيل تشير إلى انتسابهم إلي نبي الله يعقوب (إسرائيل) فهو أب لكل القبائل ، وهذا يتطابق مع التسمية الإسلامية (بني إسرائيل)، أي أنَّ اليهود كانوا شعب الله وأبناء إسرائيل خلال فترة معينة في تاريخهم وبعد ذلك أصبحوا يهودًا، خلال الفترة الزمنية الممتدة بين إبراهيم عليه السلام حتي ظهور شعب إسرائيل وتحوُّلهم ليهود بعد السبي البابلي؛ استدعى ذلك توضيحاً حتي نتمكن من رواية حكايتنا مع اليهود.
الحكاية من البداية
في البداية يروي اليهود حكاية التكوين والزمن الأول للبشر وصولاً لنبي الله إبراهيم الذي خرج من العراق وتزوَّج امرأتين واحدة من قومه والأخرى من مصر، وذلك خلال رحلة بدأت من بلده (أوروك) تجول فيها حول الشرق الأوسط وصولًا إلى مصر والعودة ليستقر في أرض كنعان غريبًا منجبًا طفلين خلال هذه الرحلة العجائبية، وخلال الحكاية يَعِد الله خليله إبراهيم (عليه السلام) بأن تكون النبوة في سلالته حصرًا وأن تكون لهم الأرض، هذان الطفلان هما إسماعيل (عليه السلام ) ابن المصرية السيدة هاجر و إسحاق (عليه السلام) ابن السيدة سارة وهو أبو النبي يعقوب (إسرائيل ) ومن هنا تبدأ الحكاية.
وقبل أن نستمر في السرد من الممكن أن نتوقف للتعليق على قصة إبراهيم أو على رمزيتها إن جاز التعبير، تخبرنا القصة أن إبراهيم خرج من العراق في رحلة حتي مصر وعاد ليستقر في أرض كنعان غريبًا ، هل من الممكن أن تكون القصة رمزًا لمحاولة للتوفيق بين أكبر ثقافتين في العالم القديم – مصر والعراق – في شخص إبراهيم الرمزي؟ ، أي أنها أحد المحاولات لتوحيد هذه المنطقة من العالم والعيش في سلام دائم.
تبدأ قصة شعب إسرائيل من قصة يوسف (عليه السلام ) المشهورة ورحيلهم إلى أرض مصر وقت مجاعة ضربت أرض كنعان وتولي النبي يوسف منصبًا كبيرًا آنذاك، وتمر الأيام وتتقلب الأحوال ويتحوَّل أبناء النبي يعقوب (يوسف و إخوته) إلى اثنتي عشر قبيلة ويتحول أيضًا الزمان بهم من سادة إلى مستعبدين ضعفاء، ويظهر موسى (عليه السلام) ربيب بيت الملك لينتصر لأهله المستضعفين و لم يُدر لهم ظهره بل ساندهم وطلب من الملك أن يحررهم، وعلى الرغم من أن موسى كان الممكن أن ينسى أمرهم تمامًا وينعم بالرخاء في بيت الملك، إلَّا أنه انحاز لأهله المستضعفين ليخرجوا بعد ذلك من أرض مصر إلى التيه.
هنا في هذا الجزء من الحكاية نلاحظ أنه لم يظهر أية أنبياء مهمين خلال الفترة بين دخول أبناء يعقوب إلى مصر حتى الظهور الملحمي لموسى، وهي الفترة التي تحول فيها الأسباط (أبناء يعقوب) إلى بني إسرائيل حيث أصبحوا قبائل بعدد الأبناء ،هل قطعت السماء صلتهم بهم في هذه الفترة؟، ما طبيعة تحوُّلهم من سادة إلى عبيد لا أحد يعرف بشكل واضح ماذا حدث فليس لدينا مصادر غير كتب اليهود نفسها، ولكنها جزء من المظلومية اليهودية حيث تم التنكيل بهم لسبب غير معروف ويرسل الله بطلاً نبيًا لشعبه لينقذهم، ونلاحظ أيضًا تشابه خروجهم من مصر مع الرواية التاريخية لخروج الهكسوس بعد مطاردة الملك أحمس لهم.
وتحكي فترة التيه كيف تلقي موسى (عليه السلام) التعاليم اليهودية القويمة التي تضمن لبني إسرائيل الحياة في معية الله، و تحكي كيف لم يلتزم اليهود بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم بعبادة إلههم و عبدوا آلهة المصريين وكيف احتالوا لسرقة ذهب المصريين وصنعوا منه صنمًا في متوالية من الالتزام و الحنث بالعهد، و تتوالى عذابات الإله عليهم حتى يأتي البطل الذي يوحدهم (يوشع بن نون) فيلزمهم بالعهد ويذهبوا للحرب لاسترداد أرضهم الموعودة (أرض كنعان) وتحكي التوراة أهوالاً في هذه الحرب المقدسة مارسها اليهود ضد الكنعانيين حتي أتم الإله لهم النصر، و يأتي عصر القضاة فيفسدون في الأرض – بحسب النص التوراتي – ويفشلون مرات عديدة حتى يبعث الرب لهم ملكًا ، وهو المؤسس لمملكة إسرائيل (شاول/ طالوت) وخلف من بعده داوود وسليمان (عليهما السلام) لتتفكك المملكة لمملكتين (السامرة – يهوذا) ويحدث السبي الآشوري للسامرة على يد الملك شلمنصر الآشوري ثم البابلي لليهوذا على يد الملك نبوخذنصر البابلي، وتم تدمير أورشليم و الهيكل جراء السبي البابلي و اقتياد أبناء إسرائيل لخدمة الملوك في هاتين الإمبراطوريتين. وكانت هذه نتيجة وجود مملكة اسرائيل بين إمبراطوريات كبرى في هذا العصر، وهذه مأساة أخرى تحدث لشعب إسرائيل وهي ليست الأخيرة.
في هذه المرحلة من تاريخ اليهود يجوز لنا أن نسأل لماذا حارب اليهود؟، هل هذه حرب دينية من أجل فقط الوعد الإلهي المزعوم بالأرض؟، هل من أجل حق العودة لأرضهم التي سكنها جدهم (إسرائيل) ويمنعهم منه الكنعانيون؟ وهل حق العودة أو حتي الحق الإلهي يبرِّر تلك المذابح التي قام بها بني إسرائيل في حق الكنعانيين؟ وهل كانت الهجرة من أرض إلى أرض تستوجب حروب الإبادة في ذلك الزمن السحيق؟ وهل فشل اليهود في استقرار مملكتهم له أسباب أخري غير مخالفتهم للتعاليم؟، هذه أسئلة سنحاول الإجابة عن بعضها لاحقًا والبعض الآخر سنتركه لبديهة و رأي القارئ.
العودة من السبي هي المرحلة التي رأى فيها بنو إسرائيل أنفسهم في أعين العالم، قبل السبي كان يري بنو إسرائيل أنهم شعب الله المختار، يرون العالم ولا يدركون كيف يراهم العالم ، أدركوا بعد هذه الهزائم المذلة أنهم مجرد شعب من شعوب الشرق الأوسط التي تعيش علي طريق اتصال الإمبراطوريات الكبرى في ذلك الوقت وأنَّ وجودهم مرهون بعلاقتهم بهذه الامبراطوريات، وأن هذه الشعوب لاتراهم بني إسرائيل إنما تراهم مجرد يهود أي شعب مملكة يهوذا ولا تعنيهم التوراة ولا أنبيائها يعنيهم فقط مصالحهم معهم، عاد اليهود إلى أورشليم وأعادوا بناء الهيكل وتغيَّرت الخريطة السياسية حولهم وظهرت الامبراطورية الرومانية بكل قوتها و نفوذها علي كل شعوب وحضارات البحر المتوسط، ولا زال اليهود يحلمون بالخلاص الأرضي والملك المنيع وينتظرون الملك علي غرار موسى و يوشع بن نون، ولازالت هناك نبوات متعاقبة في تلك الأيام تذكرهم بأنهم لا زالوا بني إسرائيل، وفي تلك الأوقات يسيطر الرومان علي أرض كنعان بما فيها من يهود وغيرهم، لكن في تلك الفترة انتشرت جاليات يهودية كبري في الشرق القديم، تواجدوا في الإسكندرية بمصر و اليمن والحجاز والعراق وقد حدث ذلك بعد السبي ، ينتفض اليهود ضد الرومان وينتفض معهم شرق المتوسط الثائر ضد الاحتلال وخلال كل هذه الاضطرابات يظهر المسيح (عليه السلام)، وهذه لحظة مفصلية في تاريخ البشرية وتاريخ الدين اليهودي وتاريخ بني إسرائيل، المسيح هو آخر أنبياء بني إسرائيل الذي أسدل الستار علي هذه الحقبة ليصبحوا يهودًا فقط، هو أوَّل من تكلَّم صراحة على الوعد الأخروي والنعيم في الملكوت للمؤمنين الصالحين وأنهى مسلسل انتظار المخلص الذي سيعيد الملك الضائع، أصر المسيح أنه جاء ليبني الكنيسة في قلوب اليهود لا في العالم الفاني لأنَّّ ما يبقى هو الملكوت، وكانت النهاية مأساوية نعرفها جميعًا، ولكن المأساة التي طالت اليهود حدثت فعليًا بعد ثورات عارمة سميت بالحروب اليهودية الثلاث الكبرى التي بدأت سنة 66 م وانتهت سنة 132 م بدمار أورشليم وزوال الهيكل ورحيل معظم اليهود عن أرض فلسطين، لنسجل مأساة أخرى في قصة اليهود.
قصة يرويها الجميع:
هذه الفترة ينتهي فيها التاريخ الذي يرويه اليهود فقط ويبدأ تاريخ ترويه أطراف أخرى شهدت ما حدث وتأثَّرت به وشاركت الشعب اليهودي نضاله ضد الرومان، فقد ثار اليهود في الإسكندرية ضد الرومان ومعهم المصريون وتشاركنا النضال وكانت هذه آخر ذكرياتنا مع اليهود في فلسطين في هذا العصر.
بعد خراب الهيكل والشتات الأخير في العصر الروماني تتضخم الجاليات اليهودية علي مستوي الشرق كله ويهاجر عدد ضخم من اليهود إلى أوروبا، و لم ينج اليهود من الاضطهاد الروماني في أوروبا كما هو حالهم في المستعمرات التي عانى سكانها علي السواء من هذا الاضطهاد ولم ينعم بكل الحقوق سوى سكان الكابيتول (روما)، وحدثت تغيرات كبرى في هذه الحضارة تجعلها تتبنى الدين اليهودي ولكن من بوابة المسيح، أصبحت الإمبراطورية الرومانية مسيحية بعد انتشار المسيحية كالنار في هشيم المستعمرات لتنشب النيران في الكابيتول (روما)، و يُعمَّد الإمبراطور قسطنطين مسيحيًا على فراش الموت، و ينشأ الصراع بين الكنيسة الغربية التي ترى اليهود قتلة المسيح ، والكنيسة الشرقية التي ترى أنَّ ما حدث للمسيح كان مكتوبًا من أجل الخلاص وأنَّ قصص العهد القديم عظة أخلاقية لشعب الكنيسة حتى لا ينحرفوا عن الناموس، واضطُهِد اليهود في أوروبا وكل سكان المستعمرات حتى المسيحيين -وهم أغلبية – لأنهم يختلفون مع الكنيسة الإمبراطورية وهذا يمثل عصيانًا سياسيًا.
هذه فترة يعم فيها الاحساس بالظلم على كل شعوب جنوب وشرق البحر المتوسط، وتشارُكِنا المصير والمأساة مع اليهود جيراننا القدامى، حيث يكتشف اليهود أنفسهم كمشارقة فيرفضون الذوبان في المجتمع الأوروبي رداً على الاحتقار والتهميش المستمر، وفضَّل قسم كبير منهم الهجرة إلى بلاد الخزر أو الاستقرار في المشرق لتسامح المشارقة معهم واعتبارهم جزءًا منهم، وكان هذا يمهد الطريق لأن يحاول الشرق استعادة نفسه وتوحيد صفه وأن يكون له درع و سيف، ولكن اليهود ظلوا يعتبرون نفسهم شعب الله للأبد .
وقد تأثرت اليهودية كديانة بإضافة بعدًا روحانيًا فيما بعد الموت والدينونة تأثرًا بالمسيحية، حيث لم تهتم اليهودية كثيرًا بما بعد الموت، إنما كانت النصوص تركِّر على الانتصارات السياسية كمكافأة حال التزامهم بالناموس، وقد ينكر اليهود هذا التأثر رافضين فكرة الذوبان و لكنه كان يحدث بشكل ما لأن هذه هي طبيعة الأمور.
الحضارة الإسلامية:
علاقة اليهود والاسلام غريبة ولكنها تبدو عادلة في هذه المرحلة التي تلت الحقبة الرومانية، وتمتد هذه العلاقة منذ البعثة النبوية حتي يومنا هذا مرورًا بالخلافات المتعاقبة وحتى العصر الحديث.
بعد صراع طويل بين الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية يضعف كلاهما وتصبو المستعمرات للاستقلال ولكن ينقصها الدرع والسيف. تولد دولة الإسلام في قلب الحجاز بالمدينة المنورة، ويلتقي اليهود بالدين الجديد برسالته التي تجمع بين روحانية المسيحية في التعلُّق بالحياة الآخرة والانضباط الأخلاقي من أجل أن تكون هذه الآخرة سعيدة وبين السياسة التي هي ميدان النصوص اليهودية أي أنَّ لالتزام بالتعاليم يجلب النصر الدنيوي.
حاول اليهود التوافق مع المسلمين العرب علي الرواية القائلة بأن العرب أبناء لإبراهيم أيضًا من السيدة هاجر المصرية ولهم الحق في العهد أيضًا مما يؤدِّي إلي عيش مشترك في العاصمة الجديدة (المدينة المنورة)، ولكن هذا التوافق سرعان مازال وانتهى بتهجير اليهود من أرض الحجاز، ولكن ما ميز الحقب اللاحقة من الحضارة الإسلامية أنها تعاملت مع ما حدث في حيِّز السياسة ولم يتعرض اليهود لتضييق خاص بهم إنما تم التعامل معهم على أساس أنهم ذميون ككل غير المسلمين المسالمين داخل أراضي الخلافة، فاليمن ومصر والشام والعراق وفارس كلها فتحت الفترة الأولى من الخلافة الراشدة ولم يذكر أي إجراء استثنائي ضد اليهود، مرورا بالخلافات المتعاقبة كانت أراضي المسلمين أرحب بكثير من أوروبا المسيحية وكانت ملجأ لكل اليهود من الاضطهاد و شارك اليهود في هذه الحضارة في شتى المجالات، وهذا لا يعني أنَّ الحقبة الإسلامية كانت الحالة المثالية للمواطنة، لكنها كانت في العصور الوسطى زمن تصنيف البشر على أساس الدين ولكن واقع أمرنا في الشرق كان أفضل حالًا، حيث هرب اليهود من ملوك إسبانيا إبان سقوط الأندلس إلى أراضي الدولة العثمانية وأجارهم الخليفة العثماني في أراضيه.
في هذه الفترة الطويلة تعرّب اليهود المشارقة مع معظم شعوب الشرق، وتطوَّر نظامهم الفقهي إلى جوار قرينه الإسلامي، وحدث الكثير من التقارب وهذه أيضًا طبيعة الأمور، وظل اليهود في الغرب يعانون الاضطهاد ولكنهم استطاعوا الاستفادة من النهضة العلمية والاقتصادية الأوروبية وحاولوا التقرب إلى الغرب ولكن فشلت هذه الجهود.
العصر الحديث:
في القرن التاسع عشر مع عصر الأنوار الأوروبية وبزوغ نجم الدولة القومية كنظام سياسي في أوروبا، صاحب هذا أنوار يهودية تريد لليهود أرضًا لتكون لها دولة باعتبارهم قومية مستقلة، ويُظهر هذا للقارئ الرشيد وضعًا شاذًا ومقلوبًا حيث يطالب أتباع ديانة بوطن لهم حيث لا أرض تجمعهم ولا حتى تاريخ قريب، وبالنظر في أوضاع اليهود في هذا الوقت كان اليهود في العالم ينقسمون لثلاث مجموعات رئيسية: يهود الخزر (روسيا والجمهوريات التابعة لها)، يهود أوروبا والعالم الجديد، يهود المشرق في العالم العربي. وكل مجموعة من هؤلاء يتكلمون لغة بلادهم ويمارسون عاداتها إلى جانب عاداتهم وترتبط مصالحهم بهذه الأراضي التي مرت قرون علي وجودهم فيها، كيف تم إقناعهم بالهجرة لأرض فلسطين؟ ولماذا فلسطين؟
اليهود في أوروبا:
بعد سلسلةٍ طويلة من الاضطهاد والطرد والتعقب والتضييق تعرض لها اليهود في أوروبا في العصور الوسطى، توطَّنت قناعة في العقل الأوروبي أنَّ اليهود مجموعة من الأشرار الأدنى من البشر يمارسون كل الأعمال الشريرة والحقيرة أيضًا واللاأخلاقية، و كان يبرِّر ذلك وجود يهود في أوروبا غرباء يتم إلصاق أي تهمة بهم حتى المسئولية عن انتشار الطاعون، هؤلاء الغرباء كانوا مجبرين على أدنى الأعمال وعزلهم أدى إلى تحوَّلهم إلى جماعات غجرية تمارس السحر والدعارة أحيانًا والإقراض بالربا في الأسواق والحانات، وهذه الأعمال هي التي كانت تضمن لهم العيش والقوت، فتم التعامل معهم كمرض لابد من عزله ومحاصرته، ومع مرور الوقت تمكَّن اليهود من الاستفادة من عصر النهضة وامتهنوا التجارة و دخلوا الجامعات وأصبح لبعضهم وزنًا وقيمة في المجتمع الغربي، وظهر بين متعلميهم حركة قومية في عصر الأنوار تسمى الحركة الصهيونية كان أهم منظِّريها (تيودور هرتزل) الذي كان ملحدًا ولكنه كان يتبنَّى قضية قومه ومظلوميتهم التاريخية، تمكَّن تيودور الشاب من جمع اليهود المثقفين حوله و دعمه الأغنياء و تبنُّوا الفكرة و بدأ صيت الحركة يذيع في أوروبا كحركة تحرر قومي ناشئة، تلقف الدعوة بعض القساوسة الإنجيليين المتطرفين لتمسكهم بالتفسير الحرفي لنصوص الكتاب المقدس بأن تقوم مملكة إسرائيل في فلسطين ويبني الهيكل في القدس و يعود المسيح وهذه نواة المسيحية الصهيونية، ودعموا الحركة الناشئة بقوة وقدّجموها لرجال الأعمال المؤمنين بهذه الأفكار وصنعت ماكينة دعاية ضخمة، ولكن الحرب لم تمهل أوروبا واندلعت الحرب العالمية الأولي ليتغير شكل العالم وينشأ الاتحاد السوفيتي داعم كل حركات التحرر و تنهار الخلافة العثمانية التي كانت تحمي اليهود علي أراضيها.
الصهيونية:
هنا واتت الريح سفن الحركة الصهيونية كحركة تحرر لشعب بلا أرض تجمعه، وعادوا للنشاط مرة أخرى ولكن اللافت هذه المرة عندما التفت إليهم بلفور رئيس وزراء بريطانيا آنذاك لم تكن فلسطين حلًا مطروحًا والحركة كانت تقبل بوجود وطن لهم في الأرجنتين أو في قلب إفريقيا، ولكن في ظروف غامضة توجه الكلام ناحية فلسطين ليصدر بلفور وعده بدولة في فلسطين لليهود، وهنا يختار البريطانيون تسليح التاريخ بدل الاستفادة من دروسه، بسكب زيت القومية الناشئة على نيران تاريخ الصراع الديني الراقدة تحت رماد الزمن والحضارة دون الالتفات لعواقب ذلك، فقط اهتموا بمنتهى الأنانية بخدمة مصالحهم الاستعمارية قصيرة الأجل.
بعد الحرب الأولى يصعد اليمين القومي في أوروبا لسدة الحكم، النازيون في ألمانيا والفاشيست في إيطاليا وتندلع الحرب العالمية الثانية و ينكل النازيون باليهود بسبب العلاقات التجارية لأغنياء اليهود مع الإنجليز، واعتبر النازيون هذا خيانة للوطن و دعم للأعداء، وتحدث المحرقة (الهولوكوست) فيحرق هتلر اليهود في أفران الغاز تحت مبرِّر عنصري بأنهم حيوانات بشرية وأنَّهم حثالة شعوب العالم.
في الوقت الذي مرّ بين الحربين كانت تحدث هجرات منظمة من اليهود من أوروبا والاتحاد السوفيتي إلى فلسطين على أيدي المنظمة الصهيونية العالمية بدعاوي متعددة: الأرض الموعودة للمتدينين و أرض الوطن للقوميين و أرض الأحلام للفقراء و التخويف لليهود الشرقيين (العرب) أنَّ الخلافة سقطت و سينقلب عليهم العرب و لكن هذا لم يحدث و كان اليهود مستقرِّين في المجتمعات العربية و قلة قليلة هي التي هاجرت من المعدمين والمتطرِّفين، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية استغلت المنظمة الصهيونية حادث المحرقة للدعاية لمظلومية اليهود التاريخية ومطالبة القوى العالمية المنتصرة بالدعم من أجل إنشاء وطن قومي لليهود المضطهدين في العالم ومكان هذا الوطن هو أكبر تجمع لليهود في العالم أرض فلسطين.
النكبة:
غيَّرت الهجرات التركيبة السكانية في ساحل فلسطين، الهجرات التي حدثت من يهود الاتحاد السوفيتي ويهود أوروبا تحت ضغط النازية ورعاية الإنجليز الذين أيقنوا أنهم راحلون عن الشرق الأوسط لا محالة و لابد من زرع كيان موالي لهم قبل الرحيل، والاتحاد السوفيتي أيضًا كان من السذاجة أن يحاول الدفع بعدد أكبر من رعاياه اليهود للاستيلاء علي فلسطين في قلب الشرق الأوسط وأن تدين له بالولاء، ولكن الغلبة كانت ليهود أوروبا وهم الأكثر تعلمًا و أعلى تدريباً والحاملين للقضية من البداية، وكان رأي اليهود العرب فيما يحدث أنٌَ النصوص التوراتية تروي لهم التاريخ اليهودي الذي يحمل العظة والعبرة ولابد أن يكون اليهودي صالحاً ملتزمًا بالوصايا وكفيؤ ومن الجيد زيارة الأماكن المقدسة -وذلك كان مكفولاً لهم بحرية – وليس من الضروري كيان سياسي أو دولة لليهود ما داموا آمنين في بلادهم و قد انخرطوا في الحياة السياسة والفنية و الاقتصادية خصوصا في مصر.
بعد الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات قررت البلاد العربية أن تحارب العصابات الصهيونية التي تستولي علي أرض فلسطين بالقوة المسلَّحة، حاربهم الفلسطينيون الغير مدربين العزل تقريبًا وانهزموا وتم سرقة بيوتهم وأراضيهم فهاجروا إلي البلاد العربية ليستنجدوا بملوكها، فقد انقلب الحمل المظلوم ( الكيان الصهيوني) لقطيع ضباع جائعة ينهش في جسد الشعب الفلسطيني، فماذا كنا ننتظر من تجمُّع أكبر عدد من الموتورين والمتطرفين والجوعى و الإرهابيين الكارهين للعالم في بقعة واحدة مسلحين من أكبر إمبراطورية في العالم (بريطانيا)، كانت هذه هي النتيجة؛ فقد سرقوا الأرض بكل همجية، وتدخَّلت الجيوش العربية عام 1948م بقيادة مصر تدخلًا فاشلاً غير محسوب أدَّى إلى هزيمة منكرة وقيام دولة إسرائيل علي الأرض المسروقة كدولة لليهود ومشاعر كراهية لكل ما هو يهودي، تستغل المنظمة الصهيونية العالمية هذه الأحداث وتساعد اليهود على الهجرة من الدول العربية، وتفتعل مذابح إرهابية كفضيحة لافون في مصر و يهاجر اليهود من العالم العربي فتتوجه الأغلبية الفقيرة لإسرائيل تحت ضغط الوعود البراقة، وتبدأ المنظمة الصهيونية مرحلة الدولة.
الكيان الصهيوني
تستخدم المنظمة الصهيونية نفوذها للضغط على (ترومان) رئيس الولايات المتحدة بالأصوات الانتخابية حتى يدعم إسرائيل، إذ لم يهاجر يهود العالم الجديد لإسرائيل بل استوطنوا أمريكا مع الرجل الأبيض على حساب السكان الأصليين من الهنود الحمر بعد مذابح للهنود الحمر بالملايين، و ما الذي يجبرهم على الحرب والموت فليساندوا إخوتهم الصهاينة بالمال والسلطة حيث شكلوا جماعة ضغط كبرى (لوبي صهيوني) تملك العديد من الأصوات الانتخابية المؤثرة التي يسيل أمامها لعاب الساسة الأمريكان، وتدعم أمريكا إسرائيل و تعترف بها كدولة والمفارقة هنا أن اعترافها بدولة إسرائيل كان نتيجة لتخويف اللوبي الصهيوني للولايات المتحدة بأن أعداد اليهود السوفييت ضخمة في فلسطين ولابد من كسب ولائهم بالاعتراف والدعم حتي لا تتحول إسرائيل الوليدة للشيوعية وتذهب لمعسكر عدوها بعد الحرب (الاتحاد السوفيتي) الذي كان بدوره أول دولة تعترف بدولة إسرائيل في محاولة يائسة منه لكسب ولاء الدولة الوليدة على أرض فلسطين ، ولكن الولاء الإسرائيلي (الصهيوني) كان للمعسكر الغربي الأغنى و المعرض للابتزاز بسيناريو الاضطهاد التاريخي لليهود.
هنا تظهر تساؤلات متعددة: ما هو السر في تنافس القوى العالمية على التحكم بأرض فلسطين؟
هل إسرائيل فاعل في السياسة الدولية ولديها أوراقها التفاوضية التي تجعلها قادرة علي التحالف مع القوى الكبرى أم هي مجرد مفعول به شاءت الظروف أن تتخذ هذا الموقع من التاريخ؟
الإجابة عن سؤال لماذا فلسطين تكمن في الجغرافيا، جغرافيًا فلسطين هي الاتصال البرِّي المباشر بين العالم العربي بشقيه الأسيوي و الإفريقي و هي طريق التجارة ومعبر الجيوش للسيطرة علي المنطقة و أيضًا أقرب الموانئ- السهل السيطرة عليها-لأوروبا، فالمسيطر علي جغرافيا على هذه المنطقة يتحكم بعنق المنطقة كلها ولديه أقرب الطرق بحراً لأوروبا، فمن يتحكَّم في فلسطين قادر على التحكم في وحدة هذه المنطقة من العالم (العالم العربي) والعالم الإسلامي أيضًا في حال كانت هناك ميول لقيام إمبراطورية منافسة سواء عربية أو إسلامية، وأيضًا قادر على تهديد أوروبا بسهولة بحرًا.
والاجابة السابقة تخدم كثيرًا إجابتنا عما إن كانت إسرائيل فاعل أم مفعول به، المنظمة الصهيونية العالمية لم تحل نفسها إنما تطورت للوبيات صهيونية في العالم الغربي كله وخصوصًا أمريكا فهي مازالت تعمل بنفس الطريقة التي ورطوا بها القوى الكبرى بعد الحرب العالمية في دعم إسرائيل مستغلين في ذلك إدراكهم لأهمية فلسطين الجيوسياسية لهذه القوى ومخاوفها الداخلية قبل الخارجية، وهم يعرفون أيضاً أهمية إسرائيل للعالم الغربي في أنها أخرجت اليهود الغير مرغوب فيهم في أوروبا إلى الشرق الاوسط بكل ما يحملوه من حقد وكراهية ونقمة على العالم جراء الظلم الذي وقع عليهم فيخرجون هذه الشحنات العنيفة خارج أوروبا، وتستفيد القوى الغربية من ولاء إسرائيل في هذه المنطقة من العالم.
جنون الصهيونية
علينا فقط أن نحكي مثالًا بسيطًا يبين لنا كيف تعمل الصهيونية في العالم: بعد النكبة بمدة قصيرة فكرت إسرائيل في خطة طموحة لامتلاك سلاح نووي تخضع به كل القوى المعادية لها وكانت أمريكا الدولة المرشحة الأولي لطلب المساعدة وعلي غير المتوقع رفضت طلب إسرائيل لمساعدتها في بناء مفاعل سلمي صغير، وكان الرفض نابع من خوف أمريكا من انتشار التكنولوجيا النووية وفقدانها تميزها في السيطرة علي العالم، فاتجهت إسرائيل لفرنسا التي لم تكن قد أتمت مشروعها النووي بعد لبناء مفاعل أبحاث سلمي، ونجحت في هذا بالفعل، بعدها أعادت الطلب مرة أخرى على أمريكا لبناء مفاعل سلمي ولكن أكبر هذه المرة هنا تشكَّكت أمريكا في نوايا إسرائيل ورفضت مرة أخرى خوفًا من أن يسلِّح الاتحاد السوفيتي مصرَ بأسلحة نووية، فتوجهت إسرائيل لفرنسا مرة أخرى وتم التعاون بينهما لبناء مفاعل ديمونة الشهير وكان الغرض المعلن عنه سلمي، ولما استشعرت الحكومة الفرنسية الكذب في رواية إسرائيل اوقفت التعاون خوفًا من غضب أمريكا ولكن اللوبي الصهيوني والحكومة الإسرائيلية بقيادة بن جوريون قامتا بالتلاعب وإفساد القرار الفرنسي بشكل غير شرعي لإتمام مشروعهم النووي وبذلك انضمت إسرائيل للنادي النووي عام 1965م وأعلنت نفسها القوة الكبرى في الشرق الأوسط، وأجبرت إسرائيل الغرب على دعمها بصفتها الأقوى وذلك لمعرفتهم الجيدة بالغرب الذي يدعم الأقوى خصوصا بعد نكسة يونيو 1967م، هذا النصر الذي حول إسرائيل من دولة لليهود إلى دولة يهودية تؤمن بأنَّ الله لازال مع شعبه المختار لتصبح إسرائيل علنيًا دولة دينية، وتحوَّل العالم العربي للقول بأنهم هزِموا لغضب من الله وبعدهم عن الدين وانتشرت موجة بعد ذلك من التدين الظاهري مزقت العقل العربي.
حرب التحرير والضرورة الاستعمارية
بعد فضيحة نيكسون عام 1971م ونزع الغطاء الذهبي للدولار ولم يعد أمام أمريكا والعالم غير ربط الدولار بالنفط وإلَّا سينهار النظام العالمي تمامًا- بما في ذلك الاتحاد السوفيتي – بانهيار الدولار، حينها حدثت حرب التحرير عام 1973م وقطع العرب النفط عن البلاد الداعمة للكيان الصهيوني، وانقلبت الأمور رأسًا علي عقب في هذه الحرب فهذه الوحدة علي القرار جعلت أمريكا تدعم إسرائيل للرمق الأخير ، وجعلتها أيضاً تقبل بأنْ تتراجع إسرائيل عن أحلامها التوسعية في مقابل السلام الذي سيمكن الغرب من النفط، السؤال هنا لماذا لم تدعم أمريكا العرب لتكسبهم في صفها و تحصل علي ما تريد من النفط و تضمن الاستقرار لعملتهم العالمية؟
إجابة هذا السؤال تكمن في طبيعة أمريكا الاستعمارية؛ فهي تخاف من زوال إسرائيل فيتحقَّق اتحادًا عربيًا وشيك الحدوث بحكم الطبيعة الجغرافية والسكانية للمنطقة؛ فيتحكَّم أهل المنطقة في مقدراتهم، وتكون قوة منافسة تتحكَّم في طرق التجارة ومصادر الطاقة وتهدِّد التفوق الأمريكي خصوصاً لو تحالفت هذه القوة الصاعدة مع الاتحاد السوفيتي المأزوم، فتسقط العملة وينهار الاقتصاد وتضطر للاعتماد فقط علي مواردها النفطية المحلية ويتحكم في نموها الاقتصادي أعداؤها في المعسكر الشرقي، فلجأت لدعم إسرائيل باستماته وإرغام العرب على قبول السلام تحت تهديد الضغط الاقتصادي والعسكري، والالتفاف بعد ذلك لزرع قواعد عسكرية في ارجاء العالم العربي تحت دعوى التأمين والحماية وإنما هي حقيقة الأمر أدوات ضغط عسكري وإكراه للأنظمة العربية حتى لا يتكرر سيناريو حرب أكتوبر و هذا ما نشاهده اليوم بأعيننا.
وتورَّطت القوى العالمية والصهيونية ببعضهما في جنون مطبق، تلاقت فيه المصالح المباشرة والفساد البشري والغباء المنقطع النظير في تسليح القومية والدين وخلطهم في مزيج عنصري انفجاري دائم لحفظ تدفق الموارد لأراضي الرجل الابيض الذي يدعي التحضُّر، فالتاريخ لابد أن يبقى تاريخًا موطنا للدرس والتعلم من أجل صناعة تجارب إنسانية أكثر نجاحًا و استقرارًا لا أن نحاول إيقاظه من الموت ليتجوَّل بين طرقات الحضارة كزومبي موتور يشعل النار ويلتهم كل ما يقابله.
وهكذا تحوَّلت إسرائيل وطن المضطهدين في أوروبا إلى وحش نووي يرهب من حوله بكل بربرية، يخشى العالم ما يخشاه في أن تُقدِم إسرائيل علي خطوة انتحارية عندما تتعرض لتهديد وجودي بأن تشعل حرب نووية، هذه الأفعى التي أطعمها الغرب الآن أصبحت تنينًا مجنونًا مصاب بأعقد الاضطرابات النفسية التي قد تصيب شعبًا.
إسرائيل هي نتيجة ظلم البشرية لنفسها على مسيرة الحضارة، فلم يفعل الصهاينة سوى أنهم استخدموا كل الشر الذي عرفوه في العالم ضد هذا العالم لمصلحة إسرائيل بمنتهى الانانية والخبث، وهذا ما يفعله الظلم والعنصرية في العالم، ولابد أن تظهر إسرائيل كإرهابي يعاقب العالم علي شره وحمقه وقصر نظره. وهي تمارس الإرهاب بكل وقاحة أمام العالم ولا تتوقَّع أن يدينها أحد لأنَّ هذا ما تفعله القوى الكبرى في العالم وتدعي غير ذلك أمام الشعوب.
وتكشف إسرائيل بأفعالها البربرية اللاأخلاقية الآتية عصور سحيقة – من المفترض أن تكون البشرية قد ارتقت عنها – عن وجه الإنسان الحالي المنافق الذي يكيل كل ساعة بمعيار مختلف حسب أهوائه ومصالحه دون اعتبار لأي ثابت أخلاقي إنساني، الإنسانية هي تلك الدعاية التي يستخدمها فقط للتعالي الأخلاقي علي الضعفاء والمهزومين، هذا الإنسان الذي لا يحترم إلا الأقوياء ولو كانوا ظالمين، هذا ما نعيش فيه اليوم.
مصادر ومراجع
– الكتاب المقدس
– قصة الحضارة ل – ويل ديورانت
– موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ل- د.عبد الوهاب المسيري
– البرنامج النووي الإسرائيلي والأمن القومي العربي لـ – د.ممدوح حامد عطية