مختصر كتاب عصر النهضة مقدمة قصيرة جدًا، وتوضيح أهم أفكاره
لا يطرح كتاب “عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدًا” من تأليف (جيري بروتون) سرديات هذه الحقبة أو الفترة بلُغة المسلَّمات والحقائق المطلقة بل هو كتاب يتناول أفكارًا متصادمة فيما بينها، ويعرض أحداثًا من كافة الجوانب السياسيّة والدينيّة والفكريّة وما يماثلها التي حصلت وقتها على نحو إيجابيّ وسلبيّ.
ولا وجود فيه لبداهة وإشراق ذلك العصر وإنّما محاولة لفهمه فهمًا محايدًا على قدر أوسع وأدّق من جميع المحاولات التي اتخذت أسلوبا ثابتًا مستقيمًا في التعريف به.
تعريف عصر النهضة وغموض البدايات:
يختلف الباحثون والمتخصِّصون في إرساء بدايات عصر النهضة، فنجد مؤرّخي الفن يجعلون بوادره ابتداءً من القرن الثالث عشر حتى السادس عشر، وهناك من المؤرّخين خارج الإطار الفنيّ من يجعله يمتد من القرن الخامس عشر حتى السابع عشر، أمّا البعض الذي يعتمدون على أدبه فيرونه منذ السادس عشر حتى السابع عشر.
ولقد كان هناك من رأى أنَّ عصر النهضة هو “فترة روحانيّة” مثل المؤرّخ (جول ميشليه) الذي حاول التأكيد على نهوض قيم وتراث هذا العصر من فرنسا وليس إيطاليا مثلما يعتقد الكثيرون ومنهم (ياكوب بوركهارت) والكثيرون. أمّا الباحثون الذين جاؤوا بعده في القرن العشرين فقد أسقطوا عليه مسيرتهم التي كانت مليئة بالاضطهاد والهروب والنفي من بلدانهم، بحيث ألصقوا مشروع عصر النهضة بالتاريخ والأوضاع السياسية التي تخلَّلتها الحروب والصراعات أنذاك، وهناك من ادعَّى أنَّ عصر النهضة هو مجرَّد فترة تميَّزت باندثار وتدهور العصور الوسطى وليس حقبة أو بداية محدَّدة لشيء واضح متميّز. أما البعض فقد رأى أنٌَ أنسب اسم له هو “أوائل العصر الحديث” أي بدايات الحداثة.
أهم ملامح عصر النهضة:
إنَّ أكثر الخصائص والسمات التي نُقشت على قلب عصر النهضة كانت في المجال الفنّي مثل الفنّ التشكيليّ والنحت والعمران والموسيقى، والمجال العلمي مثل الفلك والهندسة والعلوم الطبيعية والجغرافيا. ثم الإنسانيّ الذي يحوي الفلسفة والدراسات الدينيّة والترجمة وفقه اللغة والسياسة مع المجال الأدبي المتجلّٓي في المسرحيات والأشعار.
لقد رجع الإنسان إلى التشرُّب من الثقافة اليونانيّة والرومانيّة فدرس مؤلَّفات هاتين الحضارتين في كثير من المجالات، واستلهم فنونه وأدبه من آلهتهم وأساطيرهم. (عكس ما سادَ في العصور الوسطى من اهتمامٍ بشخصيات الكتاب المقدَّس والمجتمع اليهودي). كما تمَّ تقييد الدين ومحاولات تأسيس إصلاحات فيه وتقويض سلطة الكنيسة رغم محاولة السلطة الكهنوتية فرض نفسها.
وفي هذه الفترات ازدهرت التجارة المحليَّة والعالميَّة وعالم المال الذي ارتبط كذلك بحسن استخدام علم الحساب والعلم معًا. ورأت آلة الطباعة النور حيث خلقت ثورةً في المعرفة والكتب أثّرت بشكل بالغ على كافة المجالات حتى السياسة، وظهر فلاسفة ومصلحون أمثال: بترارك، إيرازموس، ميكيافيلي، توماس مور ولوثر. كما نمت الذاتيّة والنزعة الفرديّة بدل الجماعيّة في الإنسان الذي صار يعرف ويكشف ذاته، بل والآخر من خلال الرحلات إلى بلدان البعيدة عبر البحار واكتشافها للشعوب وتعدَّى ذلك إلى اكتشاف “الأقاليم المجهولة” التي غيَّرت منظور الشعوب إلى العالم. وأضحى الاهتمام بتجارة التوابل والثروات الحيوانية والسكّر أهم بكثير من الذهب فتغيَّرت عادات الناس الغذائية والمظاهر المتعلِّقة بالملبس.
تقويض المركزيّة الغربيّة والجانب المثاليّ:
يشرح مؤلِّف الكتاب؛ أنَّ معظم المؤلفات التي تنتج عن عصر النهضة تتجاهل بشكل أساسي دور الممالك البعيدة عن أوروبا، ولا سيما الشرق سواء الحضارات العربية أو الآسيويّة الذي يرى فيه عصر نهضويّ بامتياز، وهي حسب اعتقاده من العوامل الأساسيّة التي ساعدت في ازدهار عصر النهضة في أوروبا.
لقد كانت أوروبا تستورد ضمن الجانب التجاريّ الذي كان لا يستقيم إلَّا بالشرق التوابل مع الحرير والقطن والأحجار الكريمة والذهب من القاهرة وسوريا والهند والصين، كما جلبت الأصباغ التي كان من بينها الأزرق الفاتح والأحمر والقرمزيّ الذي استخدمها فنّانو هذا العصر. وكانت لديها معاملات ومبادلات تجاريَّة مع إفريقيا التي أمدَّتهم بالعاج والذهب والتحف. وقد استفاد الرحَّالون والبحارة من المخطوطات الجغرافية التي ألّفها المغاربة والعرب باختلاف أديانهم خاصة المخطوطات الفلكيّة التي أتقنها اليهود مع الحضارات الآسيوية. ناهيك عن اختراعات الحضارة الشرقيّة لأدوات في مجال الملاحة والفلك. أما من ناحية العمران، فقد تواجدت في إيطاليا عدة مباني تحاكي تصاميم الشرق بما في ذلك كنيسة القدّيس بطرس التي استُلهم تصميمها من الفنٌ العثمانيّ والبيزنطيّ معًا. مع استفادة الفنّانين من الفن الفارسيّ والصينيّ والإسلاميّ.
واستفاد علماء النهضة من علماء العرب والفرس ونتاجهم، فدرسوا المخطوطات التي كتبوها أو ترجموها في مجال الفلك مثلما فعل كوبرينيكوس حين تأثَّر بالطوسي حسبما رأى الباحثون، أو في مجال الطب حين تمَّت ترجمة كتاب ابن سينا “القانون في الطب” حيث كان ذائع الصيت، مع دراسة كتابات ابن النفيس. و قد كان فيزاليوس أحد أهم أعلام الطب في هذا العصر يدافع عن الطب العربيّ ويبحث في كتابات الرازي. أما الملقَّب بأبو علم النبات وهو (أوتو برونفيلز) فقد استفاد من علم ابن سرابيون في هذا المجال. وإذا كانت هناك أسر حاكمة وملوك اهتموا بنهضة الفكر والفنّ والعلم مثل أسرة ميديتشي والملك هنري الثامن، فإن المؤلف قد أنصف الشرق عندما تحدّث عن شخصية الملك محمد الفاتح الثاني الذي يُعتبر من أكثر الملوك حبًا للمعرفة والعلم، وقد جمعته عدَّة لقاءات ومشاريع مع فنانّيين ومفكرين عرضوا خدماتهم عليه.
غير أنَّ العديد من الأشخاص ومع تجاهلهم لدور الشرق في عصر النهضة، فهم بالكاد استطاعوا إدراك وجود جانب مظلم فيه باعتبارٍ منهم أنَّه عصر مشرق فقط. ومع مجيء مُنظِّري ما بعد الحداثة الذين شكَّكوا فيه تاريخيًا وفكريًا وإنسانيًا اتضَّح جانبه الثاني. فالرق ازدهر في هذه الفترة بفعل الرحلات التي كانت موجَّهة لاكتشاف بقية العالم لكن بنزعة استعمارية تمنح بنفسها الحق في اتخاذ نفسها مثالًا على التحضُّر والسيطرة على الآخر. ناهيك عن قيام التجار باستبدال مواردهم لأجل العبيد كما فعل أحدهم حين استبدل عدد من خيوله بعدد من العبيد بموافقة أحد زعماء ممالك السينغال وكانت هناك حالات متزايدة من خطف السكان الأصليّين في الأمريكتين وإفريقيا، وتشغيلهم في الزراعة والقيام بالمهام الشاقة، مع حدوث مجازر في المكسيك والبيرو اقترفها الرحالة الإسبان. كما لم يتحسَّن حال المرأة كثيرًا فقد بقيت ذلك الإنسان الذي يجب عليه البقاء داخل المنزل، وتكريس نفسه لإدارة شؤونه مع شؤون الزوج والأطفال. بحيث رأى العديد بما فيه المفكّرين والنخبة أنّ عمل المرأة في الخارج على مرأى الناس يقلّل من احترام زوجها، وقد ادعَّى البعض بأنَّ المرأة التي تتعلَّم علوم الرجال ستفقد بذلك العفّة والبراءة الأنثويّة. وهناك الفنّان (ألبريشت دورر) مع الطبيب فيزاليوس اللذان صرّحا أنَّه ما من دور تلعبه المرأة في النهضة باستثناء كونها مجرّد أداة للتجارب. كما كان العديد من هؤلاء ينادون بالرضوخ إلى الحاكم برؤيتهم النفعيّة مع الاهتمام بمصالحهم وليس فقط لأجل خدمة المدينة وتثقيف الشعب وتعليمه.
وانتشر الجهل بالدين في الأوساط الشعبيّة، وكذلك نشر الخرافات والشعوذة باسم المسيحيّة. وبخصوص الجانب السياسيّ والدينيّ فلم يسد في عصر النهضة ذلك الجو الهادئ بين الممالك والإمارات داخل البلد أو خارجه مع بلدان أخرى، فقد شهد عدّة صراعات وتوتّرات وحروب طاحنة بين بين فرنسا وانجلترا وإسبانيا والإمبراطورية العثمانية وألمانيا. مع وجود محاكم التفتيش والرقابة على الكتب من قبل الكنيسة وكذلك نفي اليهود والموريسكيون. أما الإصلاحات الدينيّة البروتستانتيّة فهي لم تكن على وتيرة هادئة وسط تقبّل الجميع وإنَّما شهدت توترات وحروب طاحنة. واتسَّمت نتائج هذه الإصلاحات بالسلبيّة مثل ارتفاع نسب التعصِّب الدينيّ ناحية اليهود والمسلمين، وأعمال العنف والتخريب.
الحركة الإنسانيّة والدين:
لقد قضت الحركة الإنسانيّة في هذا العصر على المدرسة السكولاستيّة التي سادت في العصور الوسطى، وكانت مبنية على اللاهوت ومنقادة لروح الكنيسة. فبدأت الدراسات الإنسانيّة تظهر وتتكاثف على يد عدّة كتاب وفلاسفة أمثال؛ بيترارك وجوارينو جواريني وإراسموس ولورنزو فالا الذين اهتموا بكتابات فلاسفة وأدباء الحضارة اليونانيّة والرومانيّة أمثال أرسطو وشيشرون وفيرجيل، مع علوم البلاغة والمنطق والفلسفة والترجمة. كما اتفق الإنسانيّون مع الفنانّين أيضًا لأجل نجاح مهمتهم وتحقيق أملهم.
وساهمت الطباعة على نشر أفكارهم، فنشروا الكتب بلغة العوام من مثل الإنجليزية والفرنسية لا لغة النخبة حتى يستطيع الجميع قراءتها. كما كانوا يدرِّسون الطلبة لإنتاج جيل متعلِّم في الفكر ومتفقِّه في الحياة المهنيّة.
لقد اختل توازن الكنيسة منذ قدوم (لورنزو فالا)، وإثباته أنَّ منحة قسطنطين التي كانت تتذرَّع بها الكنيسة الرومانيّة الكاثوليكيٌة لفرض سيطرتها هي مجرَّد منحة زائفة من خلال فحصه لها. من دون نسيان انشقاق البابوية خلال القرن الرابع عشر بين روما وفرنسا.
أضِف إلى ذلك الإصلاح البروتستانتيّ الذي مزَّق الكنيسة بعد فالا، فقد وقع في القرن الحادي عشر انشقاق بينها وبين الكنيسة الأرثوذوكسيّة الشرقيّة التي تموقعت في اليونان، وجربت محاولات توحيد بينهما باءت بالفشل في جوّ مليء بأطماع البابوات في القيادة والأسر الحاكمة من مثل ميديتشي. أما الحدث الذي أضرَّ بها فحصل أثناء منافسة الكنيسة الأرثوذوكسيّة الشرقيّة ثم مسجد آيا صوفيا، عند بناء كنيسة القدّيس بطرس في روما لتنافس القسطنطينية وانتقاد مارتن لوثر لهذا التبذير، وصكوك الغفران التي كانت تجمع لغرض بنائها ثم تبعه انتقاده لاحتكار الكهنة تواصلهم مع الله ورئاستهم خاصة حالة الجهل التي سادت أوساط الناس. وحاربت الكنيسة هذا الإصلاح بالفنّ الذي لم يكن مجديًا معها كثيرًا من مثل لوحات (مايكل آنجلو) التي تظهر قوتها وتعاليمها الإلهيّة. حتى عقَدَت مجمع ترنت لتسترد بعضًا من الكرامة، والذي أقّر “بالسلطة البابويّة والأسرار السبعة وصكوك الغفران وتقديس رفات القدّيسيين والمطهر مع إصلاحات ومحاولات في تطوير مستوى الكهنة ناهيك عن مراقبة الكتب.
الحركة العلميّة مع الأدبيّة والفنّية:
لقد ساعدت الرحلات البحريّة العلماء في مجالات علومهم المختلفة، فازدهر مجال علم المعادن وعلم الحيوان والجغرافيا البحرية والفلك عن طريق تعرِّف الرحالة على عالم جديد من المعادن والثروات والحيوانات والمناطق للجديدة في العالم.
كما أخذت الحروب نصيبًا من هذا التوافق، وطوّرت مجال الطب من مداواة وجراحة وتشريح عن طريق إصابات الجنود أو موتهم عند دراسة أجسادهم وحالاتهم. وتحالفت التجارة مع الطب والدواء فظهرت الصيدلة المبكّرة، وخرجت العديد من الابتكارات التجاريّة والجغرافية إلى النور، فنعثر على سبيل المثال على أوّل نموذج للكرة الأرضيّة بواسطة التاجر والمستكشف مارتن بيهام.
وقد ظهر كوبرينيكوس الذي اكتشف مركزيّة الشمس بدل الأرض، والطبيب فيزاليوس الذي درس تشريح الجسد البشريّ، مع (إمبرواز باريه) الذي غيَّر معتقدات الناس الطبية الخاطئة واكتشف الأصح فكان يستفيد من المعارك التي كان ينضم إليها لهذا الغرض حيث يعتبر “أب الجراحة الحديثة”. بالإضافة إلى وجود علماء بارزين نشروا كتبًا في الهندسة والفيزياء والكيمياء مع الجبر وعلم النبات والحيوان والمعادن. وشهد هذا العصر بدايات العلوم التجريبية على يد (جاليليو) ثم (فرانسيس بيكون) الذين نقدوا الفكر الأرسطيّ القائم على النظرية أكتر من التجربة.
أما عن الأدب في عصر النهضة فقد ضمَّ الشعر مع النثر والمسرحيات والرواية والقصة التي كتبت في بلدان مختلفة من أوروبا. وحضر الشعر الغنائيّ بقوّة، فتغنَّى الشعراء بالحبيبة وأطلقوا سراح خيالاتهم الذكوريّة كما تحدَّثوا عن حالة الحبيب النفسية اتجاه حبه. وكان (بيترارك) من أهم الشعراء قبل (شكسبير) الذي أضاف عنصرَ منافس الحبيب الذي يتربٌَص للنيل من محبوبته. وأعاد الشعر الملحمي أمجاد الماضي والشعوب حين تغنَّى بها مع الحروب والقوَّة والفروسية مع الشخصيات الملكية مثل (إدموند سبنسر) الذي كتب عن الملكة (إليزابيث) قصيدته “ملكة الجن”.
كما نُشرت القصص القصيرة والروايات لاسيما مع ظهور الطباعة. وعُرِضت المسرحيات التي عرفت رموز قوميَّة وتاريخيّة على المسرح، وتفاعلت مع حالة البلد السياسيّة والفكريّة والاقتصاديّة. وهناك أُنجزِت أعمال تنتقد الكنيسة والفلاسفة الإنسانيّين على نحوٍ ساخر (على عكس ما كان سائدًا في أوروبا، سيطرة الكنيسة على الأدب) أو وجود روايات تعكس نظرة الإنسانيّين وأفكارهم مثل رواية (توماس مور)؛ “يوتوبيا”.. إلى جانب نصوص فلسفية وأدبية وسياسية من مثل كتب (إيرازموس وميكيافيليّ). وكان (شكسبير) مؤلفًا متقَّد الذكاء بتأليفه لتلك المسرحيات التي تعرض فيها التاريخ الكلاسيكيّ مع حالات الإنسان النفسيّة وهمومه وعصره الحالي.
ووسط كل هذا المجتمع الأدبيّ “الرجاليّ” فإنّ المرأة لم تغب عن الساحة، لأنّ العديد منهن كتبن وشاركن الرجل في هذا المجال لتقويض المركزيّة الذكوريّة وإظهار المرأة بوصفها إنسان عنده ذات ورغبات يتوق إلى الحرية والكتابة والعمل رغم كل التقاليد التي عليه وليس مادة جامدة مصابة بالفراغ يُمارس عليه كل شيء. فيذكر المؤلِّف قول الشاعرة الإنجليزيّة (إيزابيلا ويتني): “طالما أنّ شؤون البيت تشغلني فسوف استخدم كتبي وقلمي”. كذلك الشاعرة الفرنسية (لويز لابيه): “ما الطول الذي يجعل الرجل يستحق الإعجاب؟”
أما الفنّ فإنّ (جيري بروتون) لم يخصّص له فصلًا خاصًا، أو حديثًا يميّزه عن الآخرين، أو كلامًا عن ملامحه ما عدا ذكره للرسم المنظوريّ بشكل سريع، وإنّما ضمّه في كل كتابه بدايةً من أوّل موضوع ناقشه الكتاب وهو لوحة (هانز هولباين الإبن) “السفيران أو السفراء” رمز عصر النهضة. الشيء الذي يوحي إلى اعتقاده مثل الجمبع بأنَّ الفنّ جزء مهم لا يتجزَّأ من عصر النهضة. والظاهر هو حدوث تحالف بين الفنّ وبين السياسة والسلطة الكهنوتيّة مثلما فعل (مايكل آنجيلو ورافاييل وساندرو بوتيتشيلي) في مهمتهم الدينيَّة ذات الهدف السياسي بكنيسة القدّيس بطرس. ومع الإنسانيّين والعلماء مثلما ترى مع (البريخت دورر وليوناردو دافنشي)، أو لتمجيد الملوك مثل لوحات (بينوتزو جوتزيلي) التي كانت لأجل أسرة ميديتشي. وقد قدّم الفنان خدماته ليس لقادته الغربيّين فقط وإنَّما في المناطق الشرقيّة مثلما فعل (جنتيلي بليني) حين رسم (محمد الفاتح الثاني)، أو (ليوناردو دافنشي مع الملك بايزيد الثاني).