انتبه لكلامك!
كيف يمكن للهجة الحديث المحبطة إيذاء طفلك؟
في خضم الحياة المزدحمة، لا يلقي الآباء بالًا لما قد تعنيه كلماتهم القاسية الموجهة لأطفالهم أو النوايا التي يتهمونهم بتبنيها عند مواجهة أي سلوك طفولي لا يرتضونه. فنجد أنّ لدى الكثير منهم عبارات جاهزة ومقولبة يستخدمونها للتعبير عن امتعاضهم.
في هذا المقال سنعرض رأي د. جون ستيورت ألبون، الأستاذ في الطب النفسي للأطفال والمراهقين في جامعة هارفرد، في هذه العبارات وما تحمله من معنى في الأصل.
هل الآباء يفهمون هذه العبارات فعلًا؟
عادة ما يردد الآباء والكبار بشكل عام عبارات وجملًا كثيرة دون أن يلقوا بالًا للمعنى التي تحمله في باطنها، ولكنهم لا يتساءلون عما إذا كانت حقيقية فعلًا أم مجرد تفسيرات واتهامات مبالغ فيها!وحتى إذا كانت هذه التفسيرات صحيحة، فهل التعبير عنها سيساعد في حل المشكلة أم سيعزز وجودها؟ وإن لم تكن حقيقية، فكيف لا يهتم الآباء بوقعها وأثرها السيء على أطفالهم؟! ولعلنا جميعًا سمعنا عبارات من هذا القبيل:
إنه يسعى لجذب الانتباه
هذه الجملة كثيرًا ما يرددها الآباء تفسيرًا لأي سلوك سيء صادر عن طفلهم، لكن ألسنا جميعًا عطشى لبعض الاهتمام؟ هذا يجعل الطفل مثله مثل غيره من البشر، مجرد إنسان طبيعي يحتاج إلى بعض الاهتمام، المشكلة كلها قد تكمن في الصعوبة التي يواجهها للتعبير عن هذه الرغبة.
إنه يريد تسيير الأمور بطريقته الخاصة
لا حاجة لنا بشرح طبيعة هذه الرغبة الإنسانية البحتة! ودعونا نتساءل، هل هناك أي شخص يرغب في أن تسير أموره وحياته على طريقة الآخرين؟ بالطبع لا! وننصح الآباء باحتواء هذه الرغبة العادية والطبيعية، وبتجنب التصريح بهذه العبارة المحبطة التي تنقل للطفل شعورًا بأنه طفل مزعج.
يريد أن يكون متحكمًا
في الحقيقة أن هذا أيضًا طبيعي، فمن منا يريد أن يكون ضعيفًا مفتقدًا للتحكم في أموره؟ وينصح دكتور ألبون الآباء أن يتفهموا أنها مسألة مهارات تعبير وليست رغبات أو إرادة تحكم، وأن الطفل الذي يظنونه متحكمًا هو طفل يعاني ويحاول أكثر من غيره من الأطفال الذين يريدون أن يكونون أيضًا متحكمين في أمورهم بطبيعة الحال.
إنها سيّئة السلوك
تحمل هذه العبارة معنى ضمنيًا بأن الطفل هنا يختار أن يكون سيء السلوك أو أن موقفه المعادي مقصود، لكن عادة ما يكون لدى هؤلاء الأطفال أسبابًا مقنعة لهذه المواقف والتصرفات البادرة، كأن يُساء فهمهم أو حتى عدم قدرتهم على التعبير عما يريدون قوله بشكل واضح.
سيئة الاختيارات والقرارات / أنا أكثر علمًا بمصلحة طفلي
لا تختلف تلك العبارة عن سابقتها كثيرًا، إذ تفيد بأن الطفل في هذه المواقف قد فند الاختيارات وقسمها إلى اختيارات سيئة وأخرى جيدة، ثم اختار في النهاية أن يتخذ القرار الأسوأ! الحقيقة أن الطفل الذي يختار الخيارات والقرارات السيئة غالبًا ما يعاني ضعفًا في المهارات التي تخول لغيره من الأطفال اتخاذ القرارات الأفضل والتصرفات الألطف. في هذه الحالة على الوالدين أن ينتبها جيدًا لئلا يصدرا حكمًا أو عبارة محبطة عن الطفل، ومن الأفضل أن يتحاورا معه بالطريقة التي تعزز مهارات التفكير في حل المشاكل والمعضلات التي قد تواجهه بدلًا من تلك الافتراضات المغلوطة والمضرة بالصحة النفسية للطفل.
لن يتعاون
من الغريب أن تصف الأم طفلها بأنه غير متعاون معها حينما تطلب منه القيام بشيء معين ويقوم هو برفضه. ما معنى التعاون أصلا؟ إنه يعني المشاركة والاتحاد، وطاعة الأوامر والطلبات بشكل مستمر ليست مشاركة حقيقية بالنسبة إلينا ككبار، فلماذا ننتظر ذلك من الأطفال؟ من الأفضل هنا أن نقول أنه يعاني من صعوبة أو أنه بطيء في الاستجابة، أو أنه لا يستجيب بطريقة الطلب المباشر. إذا فكر الآباء بهذه الطريقة ربما ينمو لديهم فضول أن يفهموا سبب المشكلة ويفكروا في طرق حلها، كما أن ذلك يفتح أبوابًا موصدة تفضي إلى استجابات أكثر تعاطفًا وإفادة.
دعونا إذن نفكر جيدًا قبل أن نبدأ بتوبيخ الأطفال أو نطلق عليهم أحكامًا قاسية، ولنبحث عن كلمات وعبارات واضحة تعبر عن حقيقة الأفعال البادرة عنهم بدلًا من اللغة المحبطة أو القاسية التي تصدر منا كثيرًا ربما عن دون قصد أو وعي بما ننطقه. أتمنى أن تكون هذه التدوينة مفيدة؛ فهؤلاء الصغار لا يستحقون إلا الأفضل.
نرشح لك: كيف تساعد طفلاً يعاني من اضطراب القلق
المصدر Watch Your Language!