ما الذي يسبب الثوران البركاني؟ وهل يمكن للعلماء التنبؤ به؟
أجاب على هذا السؤال أتيلا كيلنس -رئيس قسم الجيولوجيا في جامعة سينسيناتي في الولايات المتحدة الأمريكية- حيث كان يدرس في الآونة الأخيرة البراكين الموجودة في هاواي ومونتيسيرات.
عندما ينصهر جزء من طبقة الأرض العليا أو القشرة السفلية للأرض؛ فإنّ الماجما تتشكّل. ويعدّ البركان فتحةً أو منفذًا مهمًا لتفريغ هذه الماجما والغازات المذابة التي تحتويها.
وعلى الرغم من وجود عدة عوامل تسبّب الثوران البركاني إلّا أنّ هناك ثلاثة عوامل مهيمنة وهي: طفو الماجما، وضغط الغازات المذابة في الماجما، وضخّ دفعات جديدة من الماجما إلى غرفة مليئة بالماجما مسبقًا.
وفيما يلي شرح موجز لهذه العمليات:
تنصهر الصخور داخل الأرض حيث تبقى كتلتها كما هي بينما يرتفع حجمها وتصبح أقلّ كثافة من الصخور المحيطة، ثم تندفع هذه الماجما باتجاه السطح بفضل الطفو، فإذا كانت كثافة الماجما الموجودة بين مكان توليدها والسّطح الخارجي أقلّ من الصخور المجاورة والصخور التي تعلوها؛ فإنها تصل إلى السطح وتثور.
وتحتوي أيضًا الماجما المسمّاة بــ “التركيبات الإنديزيتية والرهيولية” على عناصر مذابة مثل: الماء، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد الكربون.
وبيّنت التجارب أنّ كمية الغازات المذابة والقابلة للذوبان في الماجما تكون صفرًا في ضغط الغلاف الجوّيّ المنخفض، لكنها ترتفع مع ارتفاع هذا الضغط؛ فعلى سبيل المثال: تتشبع المـاجما الإنديزيتية بالماء، حيث نجد خمسةً بالمئة من وزنها ماءً مذابًا، فعندما تندفع الماجما باتجاه السطح؛ تقلّ كثافة الماء فيها، لذلك يزيد مقدار التباعد بين جزيئات الماء ويصبح شكلها كالفقاعات، وكلما اقتربت من السطح أكثر انفصلت جزيئات الماء عن الماجما؛ مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الغازات في القناة البركانية، وعندما يصل حجم الفقاعات إلى حوالي ٧٥% فإن الماجما تتفكك، ثم تنفجر بشدة.
أما العملية الثالثة التي تسبب ثوران البركان فهي: ضخّ دفعات جديدة من الماجما إلى غرفة مليئة بالماجما مسبقًا، والتي قد تكون مشابهة للماجما القديمة، أو قد تختلف في تركيبها.
تجبر هذه الإضافة بعض الماجما الموجودة في الغرفة على الاندفاع عبر قناة البركان، ثم الثوران فوق السطح.
وبالرغم من أنّ دارسي البراكين على علمٍ بتلك المراحل الثلاث إلّا أنهم لا يستطيعون التنبؤ بالثوران البركاني؛ غير أنهم قد أحرزوا تقدمًا ملحوظًا في توقع الثورانات البركانية.
إنّ توقع هذه الثورانات يتطلب تحديد سمة محتملة للثوران، وتحديد وقت الثوران للبركان المُراقب. وتعدّ عملية تحديد سمة البركان عمليةً مبنية على التسجيلات التاريخية وقبل التاريخية للبركان، ونواتجه البركانية.
فعلى سبيل المثال: إذا كان هناك بركان يثور بصورة عنيفة مع حدوث تساقط للرماد وبعض الانهيارات الطينية البركانية؛ فإنه من المرجّح وقوع نفس هذه الأشياء في المستقبل.
أما عملية تحديد وقت الثوران للبركان المُراقب فإنها تعتمد على: قياس عدد من المؤشرات التي تتضمن -على سبيل الذكر لا الحصر-النشاط الزلزالي في البركان، خاصةً مدى عمق وتكرار الهِزات الأرضية البركانية، والتشوهات الأرضية والتي يمكن تحديدها باستخدام “تيلتميتر” أو جهاز تحديد المواقع “GPS” أو عن طريق قياس التداخل باستخدام الأقمار الاصطناعية.
ومن المؤشرات التي يعتمد عليها أيضًا: انبعاثات الغاز، عن طريق معاينة كمية ثاني أكسيد الكبريت المنبعثة باستخدام مقياس الطيف الضوئي “COSPEC”.
ومن الأمثلة المدهشة لنجاح توقعٍ: ذلك الذي حدث في عام ١٩٩١م حينما تنبأ مجموعة من دارسي البراكين والمسح الجيولوجي في أمريكا أنّ الخامس عشر من شهر حزيران سيكون وقت ثوران بركان بيناتوبو في الفلبين؛ مما أتاح الفرصة لإخلاء قاعدة كلارك الجوية، وحماية آلاف الأرواح.