القصة الكاملة لأزمة الأطفال العالقين في كهف تام لوانج في تايلاند
بعد أسبوعين من احتجازهم داخل الكهف تم إلى الآن إنقاذ ثمانية من الأطفال العالقين في الكهف. وما زال أربعة منهم إضافة إلى مدربهم في انتظار دورهم في الخروج.
كيف بدأت مِحنة الأطفال العالقين
خرج فريق كرة القدم المدرسي “واليد بورز” المكوّن من 12 صبيًا تترواح أعمارهم بين 11-16 عامًا بصحبة مدربهم الشاب شانتا وونغ (25 عامًا)، في رحلة استكشاف على دراجاتهم الهوائية.
قادتهم الرحلة في الحديقة الوطنية في مدينة خواخين التايلاندية إلى كهف “تام لوانج”، الذي يبلغ طوله حوالي 10 كيلومتر. وبعد وصولهم إلى عمق 4 كيلومترات داخل الكهف، داهمتهم المياه نتيجة هطول الأمطار بغزارة شديدة ذلك اليوم فلم يستطيعوا الخروج، وحوصِروا داخل الكهف دون أن يعرف أحد مكانهم لمدة تسعة أيام.
العالم ينتفض للبحث عن الصبية
توجّه 30 خبيرًا أمريكيًا من جزر هاواي، وثلاثة خبراء بريطانيين مختصين بالغوص في الكهوف، من إنجلترا إلى تايلاند للمشاركة في عملية البحث. واستُخدمت أربعة مروحيات في عملية البحث.
بعد تسعة أيام من اختفائهم، عثر العاملون في الحديقة الوطنية على 11 دراجة هوائية وأخرى نارية بالقرب من مدخل كهف تام لوانج. كما وُجِدت حقائب اللاعبين وأحذيتهم الرياضية.
كان أول من وصل هما الغواصان البريطانيان جون فولانتين و زيك ستانتون من المجلس البريطاني للإنقاذ في الكهوف. حيث أن لديهما خبرة كبيرة في عمليات الإنقاذ في الكهوف.
تم بعدها تزويدهم عن طريق الغواصين بالطعام والأغطية والادوية.
خيارات الإنقاذ
طُرِحت عدة خيارات للإنقاذ:
الخيار الاول:
ضخ المياه خارج الكهف. وفعلًا بدأ ضخ المياه بمعدل 13 ألف لتر في الساعة. على أمل خفض منسوب المياه داخل الكهف بما يكفي للسماح للأولاد بالخروج سيرًا على الأقدام. لكن هذا الخيار لن يفلح مع استمرار وغزارة الأمطار المتوقعة في الأيام القادمة.
الخيار الثاني:
التنقيب من أعلى وإنشاء مسار للهروب من خلال إحداث ثقب من أعلى الجبل فوق الكهف مباشرةً وسحب الصِبية من خلاله. وهي عملية ستستغرق زمنًا طويلًا كما أنها ستشكل خطرًا متمثل في انهيار سقف الكهف.
الخيار الثالث:
وهو الخيار الذي كان مُرَجّحًا قبل موجة الأمطار الغزيرة الأخيرة. ويتمثل بالانتظار حتى نهاية موسم الأمطار الموسمية في اكتوبر المقبل حيث تجف الكهوف. وكان هذا الخيار يعني استمرار فِرَق الإنقاذ في إمداد المحتجزين بالمؤن والأوكسجين.
الخيار الرابع:
أن يرتدي الأطفال العالقين معدات الغوص ويغوصوا في المياه. وهو الحل الأكثر خطورة لصعوبة تضاريس معبر الخروج وخطورته. حيث أن أحد رجال الإنقاذ التايلانديين قد لاقى حتفه في طريق خروجه بعد أن أوصل إمدادات الأوكسجين للداخل.
لكن القلق من أن يُغمر الكهف بالكامل بالمياه نتيجة الهطول المستمر للأمطار أرسى الخيارات على هذا الاخير.
تفاعل رياضي عالمي مع الأطفال العالقين
أشارت الصحف المحلية التايلاندية إلى اهتمام فريق الفتية بمتابعة نتائج مباريات كأس العالم المقامة في روسيا. وسؤالهم الغواصين من فرق الإنقاذ عن الفرق الرياضية المتأهلة لكل دور.
قام الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، بتقديم دعوة للفريق المدرسي المحاصَر حضور مباراة النهاية لكأس العالم يوم 15 الجاري.
كما أبدت فرق كرة القدم المشاركة في كأس العالم تضامنها. حيث غرد فريق اليابان بشريط فيديو على تويتر قائلين: ” تماسكوا. أسرة كرة القدم معكم”.
وبثت CNN رسالة فيديو مصورة من يورجين كلوب مدرب ليفربول الانجليزي قائلًا: “نتابع الأخبار ونتأمل في كل ثانية أن تشاهدوا ضوء النهار مرة أخرى. نحن متفائلون بنجاتكم، ونأمل أن نشهد ذلك في الساعات والأيام المقبلة”.
ألون ماسك يقدم حلولًا لإنقاذ الأطفال العالقين
قدم الملياردير وصاحب شركتي تسلا و SpaceX عرضًا للحكومة التايلاندية بإرسال غواصة صُنعت من الألومنيوم، ذات وزن خفيف وحجم صغير يسمح بحمل شخصين والمرور في الممرات الضيقة في الكهف. كما صرح ماسك أنها في طريقها إلى تايلاند.
كما طرح ماسك فكرةً أخرى وهي أنبوب بلاستيكي قابل للنفخ يتم إدخاله للكهف ويجري نفخ حجرات هوائية فيه ليشكل ممرًا جافًا للخروج.
مشاعر مؤثرة
قدم مدرب الأولاد شانتا وونج اعتذارًا شديدًا للآباء بسبب ما حصل. وتعهد بأن يرعى أحباءهم بكل استطاعته. وحسب صحيفة الديلي ميل، فان أهالي الأولاد رفضوا أن يقوم وونغ بتأنيب نفسه. حيث كتبت إحدى الامهات في رسالة وجهتها اليه: “أرجوك لا تلم نفسك. نريدك أن تعلم أن لا أحد من الآباء هنا غاضب منك إطلاقًا. فلا تقلق أبدًا”. وتوجهت الأم في رسالتها للأولاد قائلة: “إلى كل الأبناء. نحن لسنا غاضبين منكم أبدًا. اعتنوا بأنفسكم جيدًا. لا تنسوا أن تتدثروا بالأغطية فالجو بارد. نحن قلقون. ستخرجون قريبًا.”
وفِي رسالة من الأولاد توسلوا لمدرسيهم بأن لا يمطروهم بالواجبات بعد إنقاذهم. كما أعدوا قوائم بالأطباق التي يرغبون بأكلها بعد خروجهم.
كيف تم إنقاذهم؟
يشكل الخروج من الكهف صعوبة متناهية. حتى للمتمرسين في الغوص في الكهوف. فكيف لصِبية لم يتدربوا على السباحة أو الغوص سابقًا. وقد عانت أجسادهم من الضعف خلال الأسبوعين الماضيين بسبب قلة الطعام وضعف تركيز الأوكسجين في الكهف (هبط مستوى الأوكسجين من 21 بالمئة الى 15 بالمئة).
فكيف جرت عملية الإنقاذ؟
قام فريق مكون من خمسة غواصين عسكريين وطبيبن في الأيام القليلة الماضية بتعليم الأولاد الغوص باستخدام أجهزة التنفس تحت الماء استعدادًا للخروج.
وفِي رحلة الخروج رافق كل صبيٍ غواصان (أحدهما تايلندي والآخر أجنبي) واحدٌ بجانبه والآخر من ورائه. مسترشدين طريقهم بحبلٍ طوله 4,8 كيلومتر.
شارك في عملية الإنقاذ 13 من غواصي الكهوف من دولٍ مختلفة، وخمسة من السلاح البحري التايلاندي.
كانت عملية الإنقاذ محفوفة بالمخاطر. حيث إن أجزاء عديدة من ممر الخروج المغمورة بالماء، كانت تضيق لتصل إلى ما دون 60 سنتيمتراً. وبلغ طول بعض الأجزاء المغمورة بالماء حوالي 200 متراً.
وقد تم وضع اسطوانات أوكسجين احتياطية، ومعدات غوص في ممر الإجلاء.
نُقل الصِبية المُنقذين على متن سيارات إسعاف ومن ثم طوافات باتجاه مستشفى تشيانغ راي. وحسب مسؤول عملية الإنقاذ، سيستغرق إخراج الجميع من يومين إلى ثلاثة أيام.
الحالة النفسية للأولاد بعد المحنة.
يقول د. أندريا دانيز رئيس مختبر القلق والتطور في نعهد الطب النفسي وعلم النفس والاعصاب في King College London حول ما قد يظهر على الأولاد المُنقَذين من أعراضٍ لاحقًا: “قد يصبحون شديدي الخوف والتعلق، عصبيين،قلقين على سلامتهم. وقد يصبحون متقلبي المزاج أو ينزعجون بسهولة. وقد يحصل العكس، بأن يكونوا منفصلين أو فاقدي الإحساس. كما قد يعانون من أوجاع الرأس أو المعدة نتيجة ما مروا به”.
ويقول البروفيسور نيل چرينربيرچ إن عوامل كثيرة قد تؤثر على كيفية تعامل الأولاد مع محنتهم وعودتهم إلى طبيعتهم منها طريقة تعامل الأهل.
لم يتواصل الفتية المُنقَذين مع أهليهم الذين لم يعرفوا بعد أسماء الأولاد الذين خرجوا. وبعد إنقاذ الأربعة يوم الأحد تم إرسالهم إلى المستشفى حيث أُجريت لهم الإجراءات اللازمة وتم وضعهم في وحدة عزل معقمة تحت الحجر الصحي الضروري ريثما يتم التأكُد من عدم إصابتهم بأي عدوى.