بكتيريا معوية يمكنها تحويل أصناف الدم إلى الصنف O !
تعتبر عدم ملاءمة فصيلة الدم في مقدمة الأسباب المؤدية للموت في عمليات نقل الدم.
نعرف أن فصائل الدم أربعة؛ AB ،B ،A وO. يتشابه فيها جميعًا شكل خلايا الدم الحمراء. لكن هذه الخلايا الحمراء تحمل على غشائها الخلوي أنتيجينات “Antigens”، عبارة عن جزيئات من السكر تختلف بين فصيلة وأخرى. فمثلًا تحمل الخلايا الحمراء في النوع A أنتيجينات تختلف عن تلك التي تحملها الخلايا الحمراء في النوع B. وخلايا النوع AB تحمل النوعين من الأنتيجينات. بينما تفتقر الخلايا الحمراء في النوع O إلى أي من هذه الأنتيجينات.
الأنتيجينات هي أية مواد تستثير الجهاز المناعي في الجسم فيقوم بمهاجمتها. وهي نوعان؛ أنتيجينات غريبة كالمواد التي تنتجها الميكروبات في الجسم، وسموم الأفاعي وغيرها، وبعض البروتينات في الطعام، وأنتيجينات ذاتية يتعرف عليها الجسم فلا تستثير جهازه المناعي إلا في حالات أمراض المناعة الذاتية. فإذا تم نقل دم يحمل أنتيجينات غريبة إلى جسم شخص فإن ذلك سيتسبب في ردة فعل مناعية قوية قد تؤدي إلى الموت.
ولافتقار النوع O إلى الأنتيجينات، يعتبر هذا النوع ملائمًا للجميع. ويعتبر أصحابه واهبين للكل. بينما يعتبر أصحاب النوع AB متلقين من الكل (بالمناسبة، فإن النوع O هو الأكثر شيوعًا على مستوى العالم يليه النوع A ثم B. بينما النوع AB هو الأقل شيوعًا). وبهذا نفهم الحاجة الطبية العالية إلى النوع O، والذي لا يتوفر دائمًا بالكميات المطلوبة.
لذا فإن البحث كان ولا يزال جاريًا لإيجاد طريقة لتحويل أنواع الدم الأخرى الى النوع O. وتم فعلًا اكتشاف بعض الإنزيمات التي يمكنها تحويل النوع B إلى النوع O. لكن بقيت الحاجة إلى تحويل النوع A إلى O، وهو ما أعلن عنه مؤخرًا الدكتور ستيفن ويذرز Stephen Withers، عالم الكيمياء الحيوية من جامعة British Columbia، أثناء اجتماع الجمعية الكيميائية الأمريكية ACS في بوسطن في العشرين من الشهر الجاري.
قدم ويذرز في اجتماع الجمعية نتائج دراسة قام بها وفريقه، تبين كيف أن إنزيمات أُنتجت باستخدام DNA استخلص من ميكروبات تعيش في أمعاء الإنسان، يمكنها تجريد خلايا الدم الحمراء من الأنتيجينات في النوعين A وB. يقول ويذرز “إن ذات مجموعات السكر الموجودة على سطح الخلايا الحمراء تُنتَج في الغشاء المبطن للجدار المعوي”.
قام ويذرز وزملاؤه باستخدام طريقة تسمى metagenomics في الدراسة. فبدلًا من زراعة الميكروبات المعوية الواحدة تلو الاخرى، قاموا باستخلاص المادة الوراثية DNA من جميع الكائنات الدقيقة المتواجدة في الأمعاء البشرية بما فيها تلك العائدة للبكتيريا التي تتغذى على السكر الموجود في جدار الأمعاء. ثم قاموا بإضافة التسلسل الجيني البكتيري المسؤول عن إنتاج الإنزيمات إلى المادة الوراثية لبكتيريا E.Coli. ليجدوا أن مجموعة من الإنزيمات التي تنتجها بكتيريا تسكن الأمعاء يمكنها استخلاص جزيئات السكر من بروتينات موجودة في بطانة الأمعاء تسمى الميوسينات “mucins”. هذه البروتينات ذات تركيب يشبه تركيب أنتيجينات خلايا الدم الحمراء.
وعندما قام الفريق بإضافة الإنزيمات المنتجة إلى الدم من نوع A كانت النتيجة أن أزيلت الأنتيجينات من الخلايا الحمراء وتحول الدم إلى النوع O. وكانت العملية أسرع بثلاثين مرة من العملية التي تستخدم حاليًا في هذا الأمر.
الخطوة التالية
قبل استخدام الدم المتحول في عمليات نقل الدم هي التأكد من سلامة هذه الإنزيمات. وهو المشروع الذي بدأه فعلًا ويذرز وزملاؤه، بالتعاون مع علماء أمراض القلب والخدمات الكندية للدم، المسؤولة عن عمليات نقل الدم.
يبقى أن نقول أن الدم يحوي نوع آخر من الأنتيجينات غير السكرية وهو أنتيجين بروتيني يدعى العامل الرايزيسي Rh. ولكي يكون الدم مناسبًا للجميع يجب أن يكون مفتقرًا لهذا الأنتيجين أي سالب العامل الرايزيسي.