هل نحن وحدنا في الكون؟ الرياضيات تجيب

هل هناك كائنات ذكية خارج كوكبنا؟

في مختبر لوس ألاموس الوطني في عام 1959، طرح الفيزيائي إنريكو فيرمي لزملائه سؤالًا بسيطًا يتمحور حول الرياضيات المعقدة: “أين هم؟”

كان يسأل عن الكائنات الفضائية -خاصة الذكية منها-

لقد تحير العالم الأمريكي -الإيطالي الأصل- لماذا لم تكتشف البشرية أية علامات للحياة الذكية خارج كوكبنا؟ إذ أدرك أنه حتى لو كانت الحياة نادرة للغاية، فإنك لاتزال تتوقع أن يكون هناك العديد من الحضارات الغريبة بالنظر إلى الحجم الهائل للكون. بعد كل هذا، تشير بعض التقديرات إلى أنّ هناك واحد سيبتليون (واحد وبجانبه 24 صفرًا) 1,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000 نجم في الكون، بعضها محاط بالكواكب التي يمكن أن تدعم الحياة.

إذن أين هم، ولماذا لا يتحدثون إلينا؟!

هذا هو المعروف باسم مفارقة فيرمي. إنها تستند إلى أفكار رياضية مثل معادلة دريك، التي تم تصميمها لتقدير عدد الحضارات الذكية القابلة للكشف في مجرة درب التبانة.

يستخدم العلماء هذه المعادلة عن طريق ضرب سبعة متغيرات، كما أوضحت إليزابيث هاول:

إعلان

N = R* • fp • ne • fl • fi • fc • L

حيث أنّ:

N = عدد الحضارات في مجرة ​​درب التبانة التي يمكن اكتشاف انبعاثاتها الكهرومغناطيسية.

R * = معدل تكوين النجوم المناسبة لتطور الحياة الذكية.

fp = عدد النجوم التي حولها كواكب.

ne = عدد الكواكب التابعة لنظام شمسي، والتي يحتمل أن توجد عليها حياة.

fl = عدد الكواكب المناسبة للحياة، التي تظهرعليها الحياة بالفعل، وهي جزء من ne.

fi  = عدد الكواكب المناسبة للحياة، والتي تظهر عليها حياة ذكية، وهي جزء من fl.

fc = عدد الحضارات التي تطوّر تقنية تطلق إشارات قابلة للكشف عن وجودها في الفضاء، أو بمعنى أصح الحضارات القابلة للاتصال، وهي جزء من fi.

L = الفترة الزمنية التي ترسل فيها الحضارات إشارات قابلة للكشف في الفضاء قبل أن تفنى.

وبالتالي فإنّ معادلة دريك تعتبر تأملية بشكل لا يصدق، أو كما قال عالم الفلك جيل تارتر ذات مرة:

“إنها طريقة رائعة لتنظيم جهلنا”.

ومع ذلك، فإن ورقة بحثية جديدة من العلماء في معهد المستقبل للإنسانية في جامعة أكسفورد تقدم معادلة دريك محدثة، والتي تتضمن “التوزيعات الواقعية للشك وعدم اليقين” و “نماذج التحولات الكيميائية والوراثية على مدار الحياة”. لذا، فإن الباحثين يستبعدون مفارقة فيرمي، ويوفرون سببًا أكبر للتفكير بأننا وحدنا في الكون.

تأخذ المعادلة المحدثة كل متغير بفعالية، وتجمع العديد من التخمينات التاريخية التي استخدمها العلماء لإنشاء نطاقِ شكٍ وعدمِ تيقُّنٍ، والذي يسلط الضوء على مقدار العلماء الذين لديهم عدم يقين حول مفارقة فيرمي.

كما قال أندرس ساندبرج (صاحب الدراسة):

“نظرًا للمعرفة الحالية، فإن الكثير من المتغيرات في المعادلة غير مؤكدة وغير معروفة بالنسبة لنا، وعلى الرغم من تعلمنا الكثير عن الفيزياء الفلكية منذ دريك وساجان في الستينات، إلا أننا مازلنا غير متأكدين من احتمال وجود حياة أخرى. عندما يناقش الناس المعادلة، فمن المألوف سماعهم يقولون شيئًا مثل: “هذا المتغير الحسابي غير مؤكد، ولكن دعنا نخمن ونتذكر أنه تخمين”. ومن هنا يتم الوصول إلى نتيجة، ولكنهم يعترفون أنها تستند إلى تخمينات وليست علمًا.”

“ولكن سيتم ذكر هذه النتيجة على أنها احتمال واحد، وهذا يأخدنا إلى تقدير دقيق للاحتمال، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى الثقة المفرطة. والأسوأ من ذلك، فإن معادلة دريك حساسة للغاية. إذا كنت متفائلًا، فإن دفع فكرة صغيرة إلى الأعلى مع عدة تقديرات غير مؤكدة ستعطي نتيجة مشجعة، وإذا كنت متشائمًا يمكنك بسهولة الحصول على نتيجة منخفضة وهادمة.”

بعد جمع ساندبرج وزملائه هذه الشكوك، أظهرت النتائج وجود نمط توزيع يؤكد احتمالية أن تكون البشرية وحدها في الكون.

ويضيف ساندبرج:

قد يعجبك أيضًا

“وجدنا أنه حتى باستخدام التخمينات الأدبية (أخذناها وجمعناها مع المتغيرات الأخرى فى معادلة دريك) يمكن أن يكون لنا موقع، حيث قد يكون متوسط ​​عدد الحضارات في المجرة مرتفعًا إلى حد ما -على سبيل المثال، مائة- ومع ذلك فإن الاحتمال بأننا وحدنا في المجرة هو 30%! والسبب في ذلك هو أن هناك تباينًا كبيرًا في توزيع الاحتمال.

“ولكن بدلًا من ذلك، إذا حاولنا مراجعة المعرفة العلمية التي لدينا، فإن الأمور تصبح أكثر تطرفًا. هذا لأن احتمالية وجود حياة ذكية متطورة على كوكب ما سوف تجعلنا في حالة شك وعدم يقين قصوى في ضوء ما نعرفه من معلومات.”

لا يمكننا أن نستبعد حدوث ذلك في كل مكان  في الكون تقريبًا، طالما وُجدتْ الظروف المناسبة.

ولكن أيضًا لا يمكننا استبعاد أن الأمر نادر للغاية. وهذا يؤدي إلى عدم يقين أقوى بشأن عدد الحضارات، ويجذبنا إلى استنتاج بأن هناك احتمالية عالية بأننا وحدنا.

ومع ذلك، فإننا نستنتج أيضًا أنه لا ينبغي لنا أن نُفاجأ كثيرًا إذا وجدنا حياة أخرى على كوكب ما!

مؤخرًا، ابتكر العلماء عددًا من الفرضيات لمعالجة مفارقة فيرمي، بما في ذلك تلك التي تقول إن الكائنات الفضائية لم تُخلَق أبدًا، وبما أن التواصل بين النجوم أمر محال من الناحية التكنولوجية، فإن الكائنات الأخرى تخفي أنفسها عن عمد.

وربما الأكثر إثارة للقلق، أن جميع الأنواع الذكية الأخرى تم القضاء عليها قبل وجودنا.

إذن، ما الذي يفكر به ساندبرج وزملاؤه بشأن سؤال فيرمي الشهير: “أين هم؟”

يعتقد ساندبرج وزملاؤه بأن الكائنات الأخرى هم على الأغلب بعيدون عنا جدًا، وربما خارج الأفق الكوني ولا يمكن الوصول إليهم أو لا يمكنهم الوصول إلينا، مشيرًا إلى أن هناك توزيعًا يظهر نسبة 39: 85% تؤكد احتمالية أن يكون البشر وحدهم في الكون.

لكن هذا لا يعني أنهم يعتقدون أن على العلماء التخلي عن البحث عن حياة أخرى غريبة ذكية.

قد يعجبك أيضًا

وأخيرًا، نجد أن أحد الاستنتاجات المهمة التي توصلنا إليها هو أن قلة المعرفة التي لدينا، لا تجعلنا متأكدين بأنه لا يوجد حياة أخرى ذكية مثلنا!

“فالنجوم لا تتنبأ بمصيرنا”

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: محمود اسامة

تدقيق لغوي: ندى حمدي & آلاء الطيراوي

اترك تعليقا