فريدة أسيرة المجتمع .. مراجعة رواية ليتني امرأة عادية

 

فريدة، تلك السيدة التي جعلت من اسمها لعنة تطاردها في كل وقت ومكان! أو هكذا ظنت…

بدأت الرواية بنفحة بسيطة من السرد العكسي، هو من منظور سينمائي باختصار: عرض مشهد نهاية أو منتصف أحداث العمل، ثم عرض العوامل التي أدت لتلك الذروة، مما يعطي جرعة -ولو بسيطة- من التشويق.

“يولد رجالنا للعيش بحرية وتولد نساؤنا للانتظار”

موجز رسالة العمل يتمثل في تلك الصورة على لسان بطلتنا، فمن خلال تنقلنا ومتابعتنا لرحلتها لا نجد صفحة تخلو من السخط والسخرية لعادات وتقاليد نساء
.العصر الحديث -خاصة من الرجل- وإبراز مدى سوداوية الظلم الذي لطالما تعرض له كيان المرأة على مر العصور كأنه جزء من طبيعة سير العالم.
ابتداءً من التحكم في أدق التفاصيل من كيف يجب أن يبدو جسدها، مروراً باستغلالها واعتبارها حلقة أضعف من نظيرها الرجل، انتهاءً بالآثار المأساوية التي تُترك عندها -دون أي مبالاة أو التفاتُ يُذكر من أحد-

إعلان

“قالوا أن: ما يزيد عن حده ينقلب ضده”

وهذا فخ شائك قد وقع فيه العمل -من ناحية الوصف تحديداً- ووصفي له بالشائك يتضح من خلال الآتي:
1- وصف مطاطي لأشخاص مبهمة؛ حيث انعدم وجود شخصيات محورية، وظهورها من اللامكان لإضافة المزيد من طغيان إكليشيه “المرأة المظلومة-
2- بناءً عليه قد غابت الحبكة الدرامية الغنية، وبالتالي غياب أحد العناصر الهامة وهو التشويق -والذي كان مخيباً بعض الشيء بعد البداية الواعدة-

“تعاطف زائد مقابل تحيُّز مبالغ فيه”

ظهر هذا في عدة أشكال اكثرها وضوحاً هو إضافة سيناريو The Bad Guy أو الرجل الشرير للقصة.

فمن خلال حديث فريدة تظن أنها تبحث عن فارس الأحلام مستحيل الوجود، لتجدها وقعت أسيرة في غرام رجل لم يكن فقط أول لقاء بينهما افتراضياً، بل أيضاً بكلمات من التوبيخ المتبادل، وكأنه أفضل أنواع الرجال! لتتحول إلى امرأة عادية تماماً، على الأقل باسم الحب -ومن يلومها-

“جانب مشرق ممزوج بشجاعة لافتة”

تمثل بالنسبة لي في سرد تفاصيل أنثوية من مشاعر وتضاربات في لغة سلسة وجميلة، أيضاً شجاعة الكاتبة في التعبير عن مختلف الصور الخاطئة وغير المنطقية التي يستخدمها المجتمع ضد المرأة باسم الدين او العادات والتقاليد كما ذكرنا… فالمرء عادةً لا يدرك الخطأ إلا عندما يتم تنويهه إليه، ومع لغة بسيطة ومفهومة في تناول القضايا المحددة، لابد أن المغزى قد حرك مشاعر أحدهم في أفضل الأحوال على مراجعة نفسه، وهذا انتصار يُحتسب للكاتبة.

“وماذا بعد؟ متمردة ولكن..

في الختام جاءت النهاية من نوع النهاية المفتوحة، وهو عادةً ما يترك المجال للقارئ أن يتخيل طريقين مختلفين للبطل او البطلة… طريق جيد وطريق سيء يمكن سلكه. أما هنا فجاءت النهاية مفتوحة ومقيدة في نفس الوقت، وبشكل او آخر خالفت ما حاولت الكاتبة بناءه اثناء الرواية، فصورت البطلة مهزومة
.كنتيجة لقرارتها وكأنها عواقب محاولتها للتحرر من بطش المجتمع لها، للدرجة التي لم أعلم فيها ما إذا كان هذا التناقض مقصوداً أم لا.

رواية جيدة للمرأة بشكل خاص، خاصةً تلك التي تخوض رحلتها الفريدة ضد كاتمي صوتها وقامعي حريتها.
.فمن يعلم؟ ربما يبتسم لها القدر، ويكون حظها أوفر من حظ فريدة.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: حسن علي

اترك تعليقا