الضفادع الزجاجية تحت ميكروسكوب العين البشريَّة

على الرغم أن لون جسم البرمائيات لا يتغير إلا قليلًا، إلا أن سيقانها الشفافة تساعدها على الاندماج مع محيطها.

 يقول العلماء إنهم أماطوا اللثام عن السر وراء الجلد الشفاف لدى الضفادع الزجاجية. حيـث اكتشفوا أن هذه الخاصية غير العادية هي نوع من التمويه.
تتواجد الضفادع الزجاجية، والتي اكتسبت اسمها من طبيعة جلدها، في أمريكا الوسطى والجنوبية الاستوائية.

ولكن هذه الضفادع ليست شفافة تمامًا بل شبه شفافة أو زجاجية، حيث إن جلدَ ظهورها عادةً أخضر زاهٍ، بينما أمعاؤها وقلبها مرئيان من خلال بطنها، مما أدى إلى السؤال الذي حيّر العلماء. 

قال الدكتور جيمس بارنيت -باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة ماكماستر في كندا- والذي شارك في تأليف الدراسة: ”إن لم يكن بوسع الحيوانات المفترسة الرؤية من خلال الضفادع، فلماذا تتمتع الضفادع الزجاجية ببشرة شفافة أصلاً، بدلًا من أحد ألوان التمويه المبهمة لدى الأنواع الأخرى من ضفادع الأشجار؟

وقد أعلن بارنيت وزملاؤه أنهم قد تمكنوا من حل هذا اللغز، حيث قال بارنيت: “إن الضفدع عادة أخضر اللون بحيث يتناسب مع أوراق الشجر عمومًا، ولكن الأوراق تختلف في درجة اخضرارها“. وأضاف الفريق أنه في حين يتغير لون جسم الضفدع قليلًا طِبقًا للون أوراق الأشجار من داكنة أو فاتحة، فإن الساقين أكثر زجاجيةً، وبالتالي تتغير درجة لمعانها، مما يساعد البرمائيات على الاندماج مع محيطها.

إعلان

ويقول بارنيت: “نظرًا لوجود السيقان الزجاجية، واتخاذ الضفدع عند الراحة وضعية الأرجل المحيطة بالجسم، فإن تقاطيع الضفدع تتحول إلى تدرج أكثر نعومة وأقل تباينًا من الورقة إلى الساقين، وما بين الساقين والجسم”، مشيرًا إلى أن هذا يجعل تعرف الحيوانات المفترسة على الضفدع أكثر صعوبة. ”

وجاء في تقرير بارنيت وزملائه بمجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم عن كيفية إجرائهم لثلاث تجارب.

التجربة الأولى: قاموا بتصوير 55 ضفدعًا زجاجيًّا على كلٍ من أوراق الشجر وعلى خلفية بيضاء، ثم استخدموا برنامجًا حاسوبيًّا لمقارنة لون الضفدع في كل سيناريو. وقال بارنيت: “لقد وجدنا أن لون أجساد الضفادع لم يتغير كثيرًا بين الخلفيات، ولكن لون السيقان تغير بشكل ملحوظ”، مضيفًا إلى أن التغيير يعود إلى تغير درجة اللمعان وليس درجة تدرج الألوان.

وكانت النتائج مماثلة عندما قاموا بوضع نموذج لكيفية رؤية الكائنات المختلفة لهذه الضفادع، بما في ذلك الثعبان والطيور والإنسان. ويقول بارنيت: “إن البشر والحيوانات المفترسة التي تهدد الضفادع فسّروا أثر التمويه على نحو مماثل”.

ثم صنع الفريق مجسمات هيكلية لضفادع شفافة ذات أنماط مختلفة من الشفافية على خلفيات مورقة. وقد تم عرض 125 صورة من هذه المجسمات على عشرين شخصًا، وطُلب منهم أن يشيروا إلى الضفدع بأسرع ما يمكن، حيث وجد الفريق أن المشاركين كانوا أسرع في رصد الضفدع عندما كان ملونًا تمامًا، مقارنة بالضفادع ذات النمط الطبيعي من الزجاجية.

وأخيرًا، صنع الفريق 180 ضفدعًا شفافًا و180 ضفدعًا ملونًا من الجيلاتين ووضِعَت في غطاء نباتي في غابات الإكوادور، حيث راقب الباحثون على مدار 72 ساعة ما إذا هاجمت الطيور هذه الضفادع. وإجمالاً، التهمت الطيور 53 ضفدعًا غير شفاف و 24 ضفدعًا زجاجيًّا أثناء التجربة. 

وخلص بارنيت قائلاً:إن دراستنا أوضحت أن خاصية الشفافية تساعد الضفادع الزجاجية في تمويه نفسها عن الحيوانات المفترسة، ولكن ليس بالضرورة بالطريقة المتوقعة مقارنةً بالأنواع الشفافة بالكامل“.

قالت البروفيسور ديفي ستيوارت فوكس -خبيرة الألوان والسلوك الحيواني في جامعة ملبورن- والتي لم تشارك في الدراسة: “إنها دراسة رائعة لأنها تظهر شكلًا آخرَ من أشكال التمويه لدى الحيوانات ــوالواقع أن التنوع الهائل لاستراتيجيات التمويه في الطبيعة أمرٌ رائعٌ حقًا”.

وقالت ستيوارت فوكس: “إن التجارب الثلاث لها قيود، لكن الأدلة مجتمعةً تدل على أن شفافية الضفادع هي شكل من أشكال التمويه”.

وقالت:من المثير للاهتمام، أن الساقين أكثر شفافية من الجسم، مما يجعل تمييز حواف الجسم أصعب”.  وأضافت: “تشكل الحيوانات المفترسة صورة بحث عن شكل فريستها، لذا فإن إخفاء تقاطيع الجسم يعد استراتيجية فعالة للغاية لتحسين التمويه“.

نرشح لك: هل نحن أذكياء بما يكفي لفهم درجة ذكاء الحيوانات؟

المصدر

 

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: أحمد المسيري

ترجمة: شيرين جابر

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا