ما هي تأثيرات الموسيقى على أدمغتنا؟

مقال مترجم

اكتشف علماء الأعصاب خلال العقود القليلة الماضية طرقًا لمراقبة تأثير المثيرات المختلفة على الدماغ البشري. فحين يعالج الدماغ إحساسًا جديدًا، سواء عن طريق اللمس أو البصر أو السمع، تُطلق الخلايا العصبية نبضات كهربائية تتبادل عن طريقها رسائل بالغة الصغر فيما بينها. ومع التقنيات الجديدة، يستطيع العلماء أن يروا الموجات الدماغية التي تنشأ بفعل الموسيقى ويشاهدوا كيف يعالج الدماغ الصوت.

ولهذا، بدأ الباحثون في دراسة تأثير الموسيقى على الحياة اليومية وتأثيراتها على الدماغ.

فوائد تعلم الموسيقى

  • الاستماع مقابل العزف

حين يستمع الشخص إلى الموسيقى أو يعزفها، فإن دماغه ينشط بطريقة مختلفة في كل حالة. فعند المستمع، تُنشّط الموسيقى الدماغ بطريقة أشبه بإطلاق «الألعاب النارية»؛ أي يعمل الدماغ بسرعة لتفكيك كل عنصر من عناصر القطعة الموسيقية (كاللحن والإيقاع وما إلى ذلك) ثم الجمع بينها مرة أخرى لسماعها كوحدة واحدة. أما بالنسبة للعازف، فقد أظهرت الدراسات أن نشاط الدماغ، عند العزف أو التدريب، أكثر تعقيدًا بكثير – بما يعادل ممارسة تمارين رياضية للجسم بأكمله!

وفي حين أن الأنشطة الأخرى كالرياضة أو حتى الرسم تثير مناطق منفردة في الدماغ، وبالأخص المراكز الحركية والبصرية والسمعية بالقشرة المخية، فإن عزف الموسيقى يثير كل تلك المراكز وغيرها في آن واحد في كل أنحاء الدماغ. وتزداد تدريجيًا قوة مناطق مختلفة بالدماغ لدى طلاب الموسيقى الذين يتمرنون بشكل منضبط، مما يرفع كفاءتهم في المهارات الموسيقية والدراسة الأكاديمية بل وحتى مهارات التفاعل الاجتماعي لديهم.

  • تقوية الدماغ: حل المشاكل

تعمل المهارات الحركية الدقيقة المطلوبة لعزف الموسيقى على تحسين الدماغ البشري بالجمع بين الشق الأيمن والأيسر للمخ وتعزيز الاتصال الدائم بينهما. فالشق الأيسر من الدماغ مسؤول عن العديد من الأشياء، كالدقة اللغوية والرياضياتية، في حين أن الشق الأيمن مسؤول عن الأمور المبتكرة والإبداعية أو الأصيلة.

إعلان

وفي الجسم الثفني (Corpus Callosum)، وهو الجزء الصغير من الدماغ المسؤول عن ربط شقي المخ، يزيد العزف على آلة موسيقية من سرعة تبادل الرسائل عبر الدماغ ويجعل ذلك التبادل يتم بأنماط مُحيرة! ولهذا، فمن الممكن أن يتمتع الموسيقيون بالقدرة على حل المشاكل بصورة أسهل وأكثر إبداعية وكفاءة في بيئات متنوعة.

  • تقوية الدماغ: الذاكرة

كما يمكنك أن تتخيل، يحتاج عزف مقطوعة موسيقية معقدة مقدرة معرفية وعاطفية على حد سواء. فلا يتوقف الأمر بالنسبة للمايسترو أو العازف على الاهتمام بأدق التفاصيل بالمقطوعة، بل يتوجب عليهم أن يمتلكوا شعورًا بالمضمون الوجداني أو العمق الموسيقي. وهناك نظرية شائعة بين العلماء ترى أن الموسيقيين لديهم ذاكرة أقوى بسبب تعودهم على أداء مهام متعددة من أجل عزف قطعة موسيقية، ويمكنهم إنشاء الذكريات وتخزينها واسترجاعها بشكل أكثر كفاءة من غيرهم.

دراسة حالة

توصلت دراسة أجراها باحثون من «ذا جورنال أوف نيوروساينس» (مجلة علم الأعصاب) إلى أن تأثير نشاط عزف الموسيقى يتخطى مجرد إتقان آلة معينة. ففي مشروع هارموني (Harmony Project) بمدينة لوس أنجلوس، تتاح الفرصة للأطفال من المناطق ذات الدخل المنخفض لتعلم الموسيقى على يد المدربين في تلك المنظمة غير الهادفة للربح، والتي أسستها مارجريت مارتن. كان لدى مارجريت حدس داخلي بشأن تأثير الموسيقى على الأطفال الذين شاركوا بذلك البرنامج، ثم انضمت إليها نينا كاروس، اختصاصية البيولوجيا العصبية بمختبر علم الأعصاب السمعية بجامعة نورث ويسترن. وكانت الأنماط التي لاحظتاها كالآتي: الأطفال الذين تدربوا على عزف آلة معينة لمدة عامين أو أكثر تحسنت حياتهم بشكل كبير، بل إن بعضهم قد التحق بكليات شهيرة مثل دارتموث وتولان وجامعة نيويورك.

ثمة أمر غريب يحدث لدى الأطفال الذين ينشؤون في بيئة فقيرة ماديًا، كمعظم الأطفال بمشروع هارموني. ففي الغالب، يكون هؤلاء الأطفال قد سمعوا عددًا أقل من الكلمات حتى سن الخامسة مقارنة بالطفل المتوسط. ولهذا، تنشئ أجهزتهم العصبية إثارة بديلة لملء غياب الصوت، شيء أشبه بنشاط ضبابي في خلفية الدماغ، أو نوع من التشويش الذهني. تلك «الضوضاء العصبية»، كما تسميها كراوس، تُسبب صعوبات للدماغ في معالجة الاختلافات الدقيقة في الكلام، وحينما أمعنت كراوس النظر في موجات الدماغ عند الأطفال الذين عزفوا موسيقى لمدة عامين أو أكثر، استطاعت أن ترى تحسنًا في قدرتهم على التقاط ومعالجة طبقة الصوت وتوقيته وجرسه بالنسبة للعديد من الأصوات المختلفة.

لذا فالأمر كالتالي:

نظرًا لأن عزف الموسيقى بدا أنه يُحفز دقة الدماغ عند معالجة الصوت، فقد بدا أيضًا أنه يحسن دقة مناطق عديدة أخرى بداخل الدماغ، مما يسمح للأطفال بالتفوق فيما هو أكثر من مجرد عزف الموسيقى، في المدرسة والعمل والحياة اليومية!

 ختامًا..

ربما يكون من الصعب إثبات مقدار الفائدة التي تعود على الدماغ بسبب الموسيقى، لكن المؤكد هو أنها تحدث فرقًا، كبُر أم صغُر.

فهل لاحظت أي فائدة في حياتك من عزف الموسيقى؟

نرشح لك: هل الموسيقى طبقية؟

معلومات المترجم:

سماع الأطفال في البيئات الفقيرة مادياً لكلمات أقل من الأطفال في البيئات المعتدلة أو الغنية مادياً هو جزء من
بحث يدعى 30 Million word gap والتي قامت به الباحثة في مجال التعليم الأمريكي "بيتي هارت"
ومستشار الدراسات العليا الخاص بها "تود أر ريسلي" ودونوه في كتابهما :

“Meaningful Differences in the Everyday Experience of Young American Children”

وهو عبارة عن كتاب يستند إلى دراسة طولية للتفاعلات بين الوالدين والطفل في 42 أسرةمن طبقات اجتماعية
واقتصادية مختلفة.

رابط الدراسة: http://www.wvearlychildhood.org/resources/C-13_Handout_1.pdf
المصدر:
https://www.creativesoulmusic.com/news/what-are-the-effects-of-music-on-the-brain

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: بيان الحلبي

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا