مترجم: هل رأينا نشوء أنواع جديدة خلال حياتنا القصيرة؟

(صراصير كاواي)

منذ العديد من السنين التي مضت، جاء ذباب طفيليّ إلى جزيرة كاواي، هذا الذّباب يسمع نقيق أجنحة الصراصير الليلية (الجدجد)، ثم يضع بيضة بداخلها، ثم تقوم اليرقات بأكل صرصور الليل من الداخل.
وبفضل هذا الذباب، كادت صراصير جزيرة كاواي أن تختفي تمامًا، عدا قلة! تلك القلّة كانت تفتقد وجود التعرّجات الصغيرة في أجنحتها التي تصدر الصوت المشهور لتلك الصراصير عندما تقوم بحكها معاً فتصدر هذا النقيق، واليوم جزيرة كاواي مليئة بالصراصير الصامتة، حيث أنقذ الصمت حياتهم -حرفيًا-

وهذا لم يكن مجرد تغيّرًا فى التصرّف، لكنّه كان عبارة عن طفرة على الكروموسوم X الخاصّ بالصرصور، وانتشرت الأفراد الحاملة لتلك الطفرة فى أقل من 20 جيلًا!
وهذا معناه ءننا لم نرَ الانتخاب الطبيعيّ يحدث في الواقع وحسب، لكننا رأيناه يحدث في غمضة عين!

(طُرق مختلفة، نفس الوجهة)

وبعد العديد من السّنوات، ظهر هذا الذباب الطفيلي في الجزيرة المجاورة لجزيرة كاواي وهي جزيرة أواهو، وكردّ فعل على ذلك، أصبحت معظم الصراصير الليلية هناك صامتة أيضًا، لكنّ المثير للدهشة فعلًا، أن كلا النوعين فى جزيرتي اوكاي وأواهو حدثت لهما طفرات مختلفة ولكن على نفس الجين، حيث وصلت الطبيعة إلى نفس الوجهة من خلال طريقين مختلفين تمامًا.

في حين أنّ التطوّر الماكرو (التطور الكبروي)، في الغالب، يحدث خلال عملية طويلة تدريجية على مرّ ملايين السنين ربما… لكن استرح في مقعدك عارفًا أننا رأينا الكثير من التعديلات تحدث أمام أعيننا.

 

(أزيزان مختلفان)

إعلان

خلال الحرب العالمية الثانية، قام سكّان لندن باتخاذ أنفاق المترو كملاجئ ليلية لحمايتهم من أَزِيز القنابل الألمانية طوال الليل، لكن تمّ حصارهم بأزيز من نوع آخر، البعوض!

أثناء حفر أنفاق المترو فى لندن خلال القرن التاسع عشر، قامت مجموعة من البعوض باستعمار الأنفاق، هذا النوع من البعوض فى الأصل يتغذى على الحَمَام، وبما أنّ الحمام لا يستخدم مترو الأنفاق، فكان لزامًا عليه أن يجد هدفًا مختلفًا يتغذى منه، وهم الفئران والجرذان… والبشر بالطبع!

نشوء أنواع جديدة

وبعد ما يناهز القرن من ذلك، عندما تقابل سكّان الأنفاق تحت الأرض (من البعوض) مع أبناء عمومتهم من سكان فوق الأرض، لم يستطيعوا التكاثر مطلقًا!
وبما أنّ التعريف الأشهر لكلمة نوع -بعيدًا عن الخلاف القائم عليها من قبل العلماء- هو الكائنات الحية القادرة على التزاوج فيما بينها وإنتاج نسل خصب،
فنحن قد رأينا نشوء نوعًا جديدًا من البعوض، نوعًا جديدًا مع تصرفات مختلفة عن الأصل، وجينات مختلفة كذلك!

غالبًا ما تظهر الأنواع الجديدة كنتيجة لعزل مجموعة من السكان بعيدًا عن بعضها البعض بعدة طرق:
ربما يذهب جزء إلى أنفاق المترو والآخر يظلّ بالأعلى، أو ربما يفرّق بينهما نهر، أو ربما ينجرف بعضهم مع البحر!
لكن بمجرّد أن تنفصل المجموعة، يحدث انجراف من نوع آخر، الانجراف الجيني.

حيث أنه، بمرور الوقت، تحدث الطفرات وتتراكم صفات بسبب بيئة كلّ من المجموعتين التي تمّ فصلهما، حتى تكُونا مختلفتين تمامًا عن بعضهما البعض لدرجة أنّ التكاثر بينهما يصبح مستحيلًا!

ويقوم العلماء بتسمية هذا ب: الانعزال التكاثري

بالطبع، بعوض لندن لم يخترع كلّ ما سبق، لكنه حدث مع العديد من أنواع السلاحف التي وجدها داروين فى جزر جالاباجوس، وقد حدث معنا ومع أبناء عمومتنا المنقرضين النياندرتال.

تلك الآليات قامت بصناعة الملايين من الأنواع الحية الموجودة اليوم، ومئات الملايين من تلك المدفونة في الأرض.

(توضيح)

هناك فرق بين الأنواع والسلالات: 
 الأنواع: لا تستطيع التكاثر معًا وإن كان يوجد بعض التشابه على المستوى
 المورفولجي... ولا تستطيع الإنجاب، وإن أنجبت سيكون النسل عقيمًا وتكون الاختلافات
 بينهم على المستوى الجيني كبيرة نسبيًا بالنسبة للسلالات؛ حيث قد يختلف عدد
 الكروموسومات بين نوع ونوع، على سبيل المثال الحصان الذي يحتوي على
 64 كروموسوم والحمار الذي يحتوي على 62 كروموسوم، فتكون النتيجة البغل
 التي يمتلك 63 كروموسوم.
 
 أما السلالات: فهي تستطيع التكاثر معًا وقد يتم تهجينها صناعيًا من قبل 
البشر وتكون قريبة الشبه على المستوى الجيني، مثل سلالات الكلاب المختلفة 
والتي تمتلك كلها 78 كروموسوم أو سلالات القطط المختلفة.

 

ولأمثلة وتوضيحات أكثر، ألقِ نظرة على المصادر.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة 1 مصدر الترجمة 2 أمثلة أكثر
اترك تعليقا