الإجهاض حرية أم جريمة؟

يُقال؛ أنه لكي تعرف توجهات الشخص الفكرية، يكفي أن تسأله عن رأيه في الإجهاض! لكون الموضوع جِدُّ حساس ولا تخلوا النقاشات حوله من تبطينات إيديولوجية، اعتبارات سياسية وصراعات دينية. وهو جِدُّ مُستقطِب؛ لأن كلا طرفي النقاش يعتقد جازمًا أنّ الطرف الآخر مخطئ بشكل كامل في تصوره عن الموضوع.

يمكن اعتبار الإجهاض من المواضيع القليلة التي تلتقي فيها الأخلاق النظرية بالأخلاق التطبيقية، بحيث يصبح للفلسفة تأثير واضح على خيارات الدول والأفراد في الواقع.
اسمحوا لي أن أعرض عليكم في هذا المقال تعريفًا للإجهاض، تاريخة و أسبابه، طرقه الطبية والمواقف القانونية في العالم والدول العربية، كما سأحاول عرض جزء من الخلاف الفلسفي والآراء الدينية.

من الواضح أن الإجهاض فعل خاطئ. لا أعتقد أن هناك من يناقش ذلك، لأنك لن تتمنى أن يحدث لشخص تحبه.. لكن هل يجب أن يكون كل شيىء خاطئ غير قانوني؟

-جوردان بيترسون

1-التعريفات:

يعرف معجم لاروس الإجهاض على أنه الانتهاء السابق لأوانه للحمل. يُقسم عادة إلى نوعين:

التلقائي: هو موت الجنين تلقائيًا بسبب مرض أو صدمات أو بدون سبب واضح، قبل اكتسابه القدرة على العيش خارج الرحم. تضيف منظمة الصحة العالمية أن وزنه يجب أن يكون أقل من 500 غرام أو عمره أقل من 22 أسبوع من انقطاع الطمث، بعد هذه المدة نتكلم عن ولادة مبكرة.

المتعمد: و هو الإنهاء القصدي للحمل ويحدث إما:
-لأسباب طبية كخطر الحمل على صحة الحامل أو وجود تشوهات خلقية كبيرة للجنين.
-أسباب غير طبية في إطار قانوني مثل رغبة الوالدين أو تحديد النسل.
-خارج الإطار القانوني وهو ما يسمى الإجهاض السري وهو ممنوع وجريمة يعاقب عليها القانون.

اسمحوا لي، أن أنوه إلى وجود العديد من الاختلافات الفيزيولوجية والنفسية بين النوعين على صحة المجهضات.

2-تاريخ الإجهاض:

عرف الإجهاض منذ العصور الأولى لنا كبشر، واستعملت عدة وسائل لإتمامه لعل أبرزها؛ الأعشاب المجهضة، الضغط والصدمات على البطن، إدخال أدوات حادة إلى الرحم، الصوم والغوص وحتى الفصد، و المؤكد أن هذه العمليات كانت محفوفة بالمخاطر وتتسبب أحيانًا في وفاة الجنين والحامل.
أول دليل مسجل للعملية هو بردية إيبرس 1550 قبل الميلاد للحضارة المصرية القديمة، حيث حوت وصفات لإتمام الإجهاض -استخدام سدادة مشبعة بالعسل وعجينة التمر-.

     بردية إيبرس

حرّم قانون حامورابي الإجهاض مع معاقبة الفاعلين، واشتهر الموضوع عند اليونان والرومان، حيث حرمه قسم أبقراط العملية، لكن أرسطو لم يرَ في الأمر مانعًا في حالة إجرائه في الثلاثي الأول للحمل. اشتهر في هذه الحقبة استخدام نبات السلفيوم الذي اكتسب قيمة اقتصادية وسحرية عظيمة، حيث خُزن مع الذهب واعتُبر دواء لكل الأمراض لدرجة رسمه على العملات، لكن استعماله الجائر تسبب في انقراضه.

عملة فضية قديمة نقش عليها رسم لنبات السلفيوم

حرّم قانون نابليون الإجهاض ومنعته أمريكا لا لاعتبارات أخلاقية لكن بسبب ضغط المنظمات الطبية لاحتكار العملية من طرف الدجالين والقيام بالإجهاض في أسوأ الظروف.
بنهاية القرن الثامن عشر ومع تطور الجراحة والتعقيم والتخدير أصبحت العمليات أكثر أمانًا، خاصة مع تقنية الشفط في الفراغ (vacuum aspiration) التي حسّنها الطبيب الأمريكي كارمان إلى طريقة أكثر كفاءة تحمل اسمه méthode de Karman، بعدها تفننت الحركات النسوية الأمريكية في نشرها. بالتالي ساهم تطور الطب في تحويل الإجهاض من عملية جد خطيرة إلى إجراء روتيني بل وأكثر أمانًا في الكثير من الحالات من الولادة الطبيعية، لدرجة إمكانية القيام به بسلاسة خارج المستشفى.

  إشهار قديم لطريقة كارمان في الإجهاض

3-الإجهاض في الطب الحديث:

توجد اليوم طريقتان آمنتان وفعالتان للقيام بالعملية:

الإجهاض الدوائي: يتم عن طريق تناول حبوب مجهضة وهي:

mifépristone: كابت للبروجستيرون الضروري لتعلق ونمو الجنين وبطانة الرحم.
misoprostol: نظير البروستاغلوندين، يتسبب في تقلصات الرحم لطرح الجنين خارجه.

ثلاث طرق دوائية معتمدة:

-تنصح منظمة الصحة العالمية بتناول {200 مغ} من mifépristone عن طريق الفم متبوعًا بعد 24-48 ساعة ب {800ميكروغرام} من misoprostol فموي، تحت لساني أو مهبلي -الأفضل-. يتسبب الدواءان في حدوث أعراض مشابهة لآلام الدورة الشهرية الحادة مع نزيف مهبلي ينبئ بنجاح العملية، هذه الطريقة هي الأكفأ مع نسبة نجاح {98%}.

-في حالة غياب mifépristone -غالبًا لأسباب قانونية- يستعمل misoprostol وحده -والذي يوصف عادة لعلاج تقرحات المعدة- لكن هذه الطريقة أقل كفاءة من الأولى {88%}.

-يمكن استعمال méthotrexate متبوعًا ب mifépristone ، لكن méthotrexate يسبب تشوهات خلقية في حالة إجهاض غير تام، عمومًا إضافته تجعل العملية أكثر كفاءة من الطريقة الثانية.

الإجهاض الجراحي: أكثر كفاءة من الدوائي لكن تتم عادة تحت تخديرعام. تنص على توسيع عنق الرحم إما عن طريق موسعات يدوية أو باستعمال الأدوية، ثم شفط محتوى الرحم عن طريق أنابيب خاصة، بعد الانتهاء يتم التأكد من خروج جميع مكونات الحمل. عادة ما تتم العملية في أقل من ساعة وبدون أي مضاعفات خطيرة.

 الإجهاض الجراحي

اختيار الطريقة: (متناسبة مع القانون الفرنسي)
أقل من 7 أسابيع: الحوامل مخيرات بين الطريقتين لكن الأفضلية للطبية.
من 7 إلى 9 أسابيع: التقنيتان متاحتان والقرار يعود إلى تفضيلات الحامل.
من 9 إلى 14 أسبوع: التقنية الجراحية هي الأفضل.

4- قوانين وإحصائيات الإجهاض في العالم:

أنا داعم للحق في الحياة pro-life. أكره مفهوم الإجهاض.

-دونالد ترامب

تختلف القوانين التشريعية للإجهاض بين الدول لاعتبارات سياسية ودينية بالأساس.
سنة 2017 ، 42% من نساء العالم لا يمتلكون الحق في الإجهاض و50% من العمليات تتم بسرية خارج القانون وتترافق مع مضاعفات صحية خطيرة.
غالبية دول إفريقيا، الشرق الأوسط، أمريكا الجنوبية وجنوب آسيا تجرم العملية.
من الدول التي تحرم الإجهاض بشكل مطلق السلفادور حيث تعاقب المجهضين ب 30 سنة سجن على الأقل، مالطا كذلك تمنع الإجهاض حتى في حالة الخطر على حياة الأم.
سنة 2018، 71 دولة تسمح بالإجهاض أغلبها دول غربية مقارنة ب 55 دولة سنة 2000.

الإجهاض خيار صعب ومثير للجدل، لهذا أنا مع الحق في الاختيار لأني أريد أن يقرر الناس بأنفسهم.

-هيلاري كلينتون.

             قوانين الإجهاض عالميًا

الموقف القانوني في الدول العربية: تتصدر تونس الصورة بتشريعها الإجهاض منذ 1973 -قبل فرنسا! -حيث يمكن القيام به في المستشفيات والعيادات الخاصة بشرط أن لا يتعدى الحمل 3 أشهر ولا يشترط على المرأة أي تبريرات أو موافقة الأهل، بالتالي أصبحت وجهة لسياحة الإجهاض خاصة من الجزائريات والمغربيات. بالنسبة لمصر فإن القانون جد مقيد ولا يسمح بالعملية حتى في حالات الاغتصاب أو زنا المحارم ويستثني فقط الخطر على صحة الأم. تتصدر المغرب حالات الإجهاض السري ب 1400 حالة يوميًا لكن هذه الأرقام لا تعكس أي حقيقة في ظل نقص الدراسات الإحصائية.
في الجزائر يشرع الأمر في حالتين استثنائيتين فقط: وجود خطورة على صحة الأم الجسمية والنفسية وحدوث تشوهات خلقية كبيرة للجنين، وفي الثلث الأول للحمل حصرًا ويشترط موافقة 3 أطباء مختصين.

المادة 81 من قانون الصحة الجديد سنة 2017 و التي أثارت ضجة في أوساط الجزائرين:

عندما يكون التوازن الفيزيولوجي والنفسي والعقلي للأم مهددًا بخطر بالغ، يجب على الطبيب أو الأطباء المعنيين، بالاتفاق مع الطبيب المعالج أن يخبروا الأم، ويتخذوا بموافقتها كل الإجراءات العلاجية التي تمليها الظروف” حيث اعتبرها البعض قابلة للتأويل، في حين اعترض آخرون على إضافة العامل النفسي كونه يفتح الباب للتلاعبات، إحصائية قناة الجزائرية تبين حجم الاختلاف.

أخيرًا، بالنسبة لباقي الدول الإسلامية تشرع كل من تركيا والبحرين العملية.

5-أسباب القيام بالإجهاض:

يشكل خطر الحمل على حياة الأم وحدوث التشوهات الخلقية للجنين أهم سببين للقيام بالعملية، توجد أسباب أخرى شائعة كالعجز المادي، العنف الأسري ونقص الدعم، الاغتصاب وزنا المحارم، الطلاق خلال الحمل وزواج المتعة، الشعور بالصغر العمري مع الرغبة في مواصلة الدراسة، الدخول في مشاريع مهمة يمكن لتربية الطفل أن تعيقها، صعوبة الوصول إلى موانع الحمل وسوء استعمالها.

    سياسة الطفل الواحد في الصين

توجد بعض الاعتبارات الاجتماعية كتفضيل الذكور ووسم الإناث بالعار، اعتبار المعاقين عقابًا وغضبًا إلهيًا على الوالدين، نقص التعليم والثقافة الجنسية، تحديد النسل قانونيًا كسياسة الطفل الواحد في الصين.

6-النقاش الأخلاقي:

النقاش جد مثير ومعقد لذلك اسمحوا لي أن أعرض جزءًا أرى أنه يستحق أن نتناقش حوله وسأبدأ بعرض مختصر لآراء الطرفين:

غالبًا ما ينطلق معارضو الإجهاض [pro-life]-الحق في الحياة- من قدسية الحياة و يجادلون أن استحقاق الحياة يبدأ مع الإخصاب، والإجهاض انتهاك لحق الانسان في الحياة، إذن يجب تشريع قوانين تمنع هذه الانتهاكات.
في الجهة المقابلة يركز مناصرو الإجهاض [pro-choice]-الحق في الاختيار- على استقلالية قرارات وحرية الحامل في التحكم بجسدها ويعتبرون الإجهاض ممارسة عادلة لهذا الحق، لذلك يجب تشريعه.

عرض حجج المعارضة: سأبدأ بآراء المعارضين كون موقفهم أبسط وموافق للحدس العام، يمكن أن نختزل الحجة الأساسية لمعارضة الإجهاض في:

(1) إذا كان لإنسان -شخص- الحق في العيش، فإن التسبب في قتله حين يمكننا تجنب ذلك فعل غير أخلاقي.

(2) الجنين إنسان -شخص- يمتلك الحق في العيش.

(3) الإجهاض يتسبب في قتل الجنين رغم إمكانية إنقاذه.

(4) إذن الإجهاض فعل غير أخلاقي.

كما تلاحظون فإن الحجة سليمة وقوية ويعتبرها البعض كافية لتجريم العملية.
يضاف إليها عادة أن تشريع الإجهاض ينقص من تقديس المجتمع للحياة، ويفتح الباب للتصفية العرقية وتحسين النسل على الطريقة النازية، كذلك فإن الطفل لم يرتكب أي خطأ ليقتل! لذلك لا يجب استعمال الإسقاط كوسيلة منع حمل.
كذلك فإن الإجهاض تجسيد لقتل أشخاص محتملين وإيذائهم بإنهاء حياتهم المحتملة.
الإجهاض يسبب الألم للجنين والتسبب في الألم غير المبرر لاأخلاقي، زيادة على كون التبني والكفالة متاحان دائمًا بالنسبة للعاجزات عن الرعاية. أخيرًا يدعي البعض أن الإجهاض مؤامرة ذكورية لكي يحظوا بعلاقات خالية من المسؤولية.

الإجهاض قانوني لأن الأطفال لا يمكنهم التصويت.

-بونكوسكي.

   الإجهاض = القتل

-رأي المؤيدين في الحجة أعلاه:

غالبية الانتقادات الكلاسيكية توجه إلى المسلمة رقم (2)، حيث يبرز السؤال؛ هل الجنين إنسان؟ و هل يمتلك شخصية و هوية مثل البالغ؟ و هل كل كائن بشري يمتلك بالضرورة شخصية ؟

يجب أن نتوقف عند الاختلاف بين الكائن البشري والشخصية، فالبشرية مصطلح بيولوجي يستلزم وجود حمض نووي بشري والانتماء إلى نوع الهوموسابينس، أما الشخصية فهي مصطلح أخلاقي قانوني لا تكفي البيولوجية فقط لتحقيقه.
لذلك يمكن أن نعتبر المصابين باختلالات عقلية كبيرة أو المرضى في غيبوبة خضرية بدون شخصية رغم كونهم بشر! كما يمكن لجسم بشري واحد أن يحمل شخصيتين كما في حالة التوأم الملتصق.
هذا ما يحيلنا إلى السؤال المهم: ما هي الشخصية وما المعايير الضرورية لاكتسابها؟

شروط اكتساب الشخصية:
النقاش محتدم والجواب خلافي لكن الفيلسوفة جون إنغليش حددت في مقالها “الإجهاض و مفهوم الشخصية” خمس مجالات مقبولة إلى حد بعيد لتحديد الشخصية؛
المجال البيولوجي (الحمض النووي البشري)
المجال النفسي (الوعي، الإحساس، العواطف…)
المجال العقلاني (التفكير، التخطيط…)
المجال الاجتماعي (الانتماء لمجموعة، التعاطف والحب)
المجال القضائي (المواطنة، إبرام العقود واحترام القانون)

نلاحظ أن الجنين لا يستوفي معظم الشروط ومن الصعب جدًا الدفاع عن شخصتيه، بالتالي يمكننا التشكيك في امتلاكه هوية قانونية تعادل هوية البالغين، من المرجح اعتباره ذرية بشرية بدون شخصية.
إذن يمكن تشريع الإجهاض لأنه لا يعادل قتل شخص بالغ. هكذا يسقط المؤيدون المسلمة رقم (2) فتنهار الحجة بأكملها!

لكن دعنا نتساءل، ما الفرق بين الجنين بلا هوية قبل 10 دقائق من الولادة والطفل بعد الولادة؟ كيف لعملية الإنجاب أن تضفي الهوية! وهل يمتلك الطفل معايير الشخصية أعلاه؟ وأين تكمن النقطة المفصلية أخلاقيًا في الحمل و التي يكتسب الجنين بعدها شخصية؟

طيف إكتساب الجنين للشخصية : تختلف الآراء حين نريد تحديد المرحلة التي نعتبر بعدها الجنين شخصية مستقلة، من بين هده المراحل:

التلقيح:

يجادل بعض المعارضين بأن النقطة المفصلية للتحول الأخلاقي واكتساب الشخصية تحدث بمجرد تلقيح البويضة، بحكم ضبابية تطور الجنين التي لا تتيح أي نقطة لانبثاق الهوية خلال الحمل، إذن الجنين حامل للشخصية من بداية التلقيح إلى الولادة، و من غير اللائق التخلص منه كحصى كلوي أو التهاب زائدة!
لكن من الصعب إن لم يكن من المستحيل إثبات أن بيضة ملقحة وحيدة أو كائن بخليتين يمتلك شخصية أخلاقية وهوية قانونية!

                هل يمكن اعتبار هذه الخلايا أشخاصًا؟

الحركة:

أدت صعوبة دعم طرح التلقيح إلى تبلور بعض الآراء الأقل تطرفًا والتي تدعي أن نقطة اكتساب الشخصية تنبثق مع الحركات الأولى للجنين -كنبضات القلب و حركة الأطراف- و التي تلاحظ بعد الأسبوع السادس وغالبًا ما تحمل دلالة دينية تتمثل في نفخ الروح، إذن الشخصية تستلزم الحركية والجنين شخص مع أول تحرك والإسقاط مسموح قبل اكتساب الحركة، مشكلة هذا الطرح كما تتوقعون تبرير ربط الشخصية بالحركة.
هل يمكن اعتبار شخص مصاب بشلل رباعي بدون شخصية؟ و هل نملة متحركة تحمل شخصية قانوية؟

الموجات الدماغية:

طرح معتدل آخر يعتبر رصد إشارات دماغية جنينية دليلًا على انبثاق الهوية، كوننا نعرف الموت طبيًا بالتوقف الدائم لعمل الدماغ، إذن تبدأ الشخصية مع تسجيل أول موجات مخية خلال الأسبوع السابع.
لكن هذه الإشارات غير الناضجة لا تشبه الإشارات دالة على حدوث الوعي أو التفكير أو حتى الإحساس، حيث يمكن للجنين نظريًا استشعار أنواع محددة من الألم بعد الشهر السادس على الأقل -غالبا بين الأسبوع 24 و 30 حيث يكتمل نمو النظام التشريحي العصبي للألم بعد الأسبوع 26 ورغم كونه ضروري لكنه غير كاف للاستشعار- و هو ما يعتبره البعض المرحلة التي يجب بعدها تجريم الإجهاض، بتعبير أدق؛ القدرة على استشعار الألم تُكسب الجنين الشخصية.
لكن هل نعتبر بلا شخصية البالغين المصابين بأمراض “انعدام الإحساس بالألم”؟

الولادة والحيوية:

يجادل بعض الفلاسفة أن الولادة هي نقطة التحول الأخلاقي، حيث يكتسب المولود الشخصية لوجود نوع من الحيوية والاستقلالية عن جسد الأم، بحكم أن الجنين معتمد كليًا على الرحم ولا يستطيع العيش خارجه، أما المولود فيمكنه ذلك، هذا يعني أن إنهاء الحياة مقبول قبل الولادة مرفوض بعدها.
الفرق يكمن في كون الجنين “غير ممكن الحياة” خارج الجسد بخلاف الطفل، هذه الحيوية هي التي تبرر التحول الأخلاقي لاكتساب الهوية.

لكن الحيوية مفهوم غامض ومتغير خاصة مع تطور طب حديثي الولادة néonatologie، حيث يمكن الحفاظ على حياة الكثير من الأطفال الخدج -ولادة مبكرة- خارج الرحم، بالتالي يصبح الإجهاض غير مبرر كون الطفل غير محتاج لرحم الأم حصرًا.
ليس بغريب أن نتمكن مستقبلًا من استكمال جميع مراحل الحمل خارج جسم الأم. إذن هل سيصبح حينها الإجهاض غير أخلاقي؟

لقد لاحظت أن كل داعمي الإجهاض قد ولدوا بالفعل!.

-رونالد ريغان

أخيرًا اسمحوا لي أن أنبه الى اعتماد الكثير من الدول على النقاش أعلاه لتشريع أو تجريم الإجهاض، فمالطا مثلًا تحرم الإجهاض بحجة التلقيح أي اعتبار البيضة الملقحة شخصية قانونية أما بريطانيا فتعتمد في تشريعها الإجهاض إلى غاية الأسبوع 24 على معيار الحيوية.

رأي بيتر سينغر:

يجادل بينكر بأن الطفل حديث الولادة أنضج من الجنين لكنه لا يصل لمرتبة شخص، كونه فاقد لأساسيات الهوية (الوعي و العقلانية) بتعبير آخر؛ الولادة ليست كافية لتحقيق الشخصية!
هذا ما يفتح الباب لنوع من الوأد -قتل الأطفال- خاصة المصابين بعيوب خلقية مثل متلازمة داون.

بيتر سينغر، أخطر رجل حي في العالم ! صحيفة الغارديان

يمكن عرض واحدة من أقوى حجج النفعي بيتر كالآتي:

-لا يمتلك الجنين أي تصور عن ذاته وليس لديه أي طموح أو شعف للمستقبل. (لغياب تجربة ذاتية مستمرة خلال الزمن)
-هذا يعني افتقار الجنين لأي طموح في العيش.
-إذن الإجهاض مسموح أخلاقيًا.

ترتكز هذه الحجة لتبرير الإجهاض على انعدام رغبة الجنين في العيش لافتقاره لأي شكل من الطموح.
يتمثل النقد في كون الشخص النائم أو المريض في غيبوبة مؤقتة منعدم التصور عن ذاته وخالي من الطموح للمستقبل. إذن هل من الأخلاقي قتل جميع النائمين أو الغائبين عن الوعي؟

كذلك فإننا بالتأكيد لن نسمح بالقتل الرحيم لمريض بالاكتئاب أو الفصام لمجرد تصريحه بافتقاره للطموح في العيش، لأن الحسم يتطلب قرارًا واعيًا عقلانيًا ودائمًا، إذن مرض الاكتئاب يمنعنا من إنهاء حياة المكتئب على الرغم من افتقاره لأي شغف وطموح في العيش، لأن طموحه المثالي والطبيعي في حالة غياب “اعتلال الاكتئاب” هو الرغبة في الحياة.

بنفس الطريقة يجب أن نمنع الإجهاض بحجة أن الجنين لا يطمح في العيش، لأن الجنين كان ليطمح في العيش في حالة غياب اعتلال “نقص النموunderdevelopment، بتعبير أوضح الطموح المثالي والطبيعي في حالة غياب نقص النمو هو الرغبة في الحياة، لذلك يجب تجريم الإجهاض.

يرد بيتر بتعريف “الطموح المثالي أو الطبيعي” كونه حاصل مجموع الطموح الحالي “الأصلي” مع بعض التصحيحات في الأخطاء المحتملة.
تخيل معي شخصًا يطلب قنينة سم ليروي عطشه يظنها في قرارة نفسه قنينة ماء، طموحه المثالي هنا هو الماء لكنه مخطئ في تصوره لذلك وجب تصحيح تصوراته.
نفس الأمر بالنسبة للذين يؤثر المرض النفسي على تصوراتهم للواقع، لذلك وجب تصحيح هذه الرؤى قبل اتخاذ أي قرار ولهذا السبب يجب منع أغلب المصابين بالفصام من القتل الرحيم.

أما بخصوص الأجنة فالأمر مختلف تمامًا، لأنه لا وجود لطموح حالي أو أصلي أساسًا و هذا ما يجعل المقارنة فارغة! فالجنين عكس النيام أو المصابين بغيبوبة فاقد للطموح الأصلي في العيش ولا معنى لإضفاء أي نوع من الرغبة الإجبارية عليه، زيادة على أن نقص نمو الجنين لا يعتبر بالتعريف اعتلالًا مثل الاكتئاب، لذلك فالإجهاض ممكن.

تسمية الداعمين للحق في الحياة [pro-life] مضللة. أولئك الذين يحتجون على الإجهاض، لكنهم يتناولون بانتظام أجسام الدجاج والعجول يصعب عليهم الزعم أنهم مهتمون بالحياة عمومًا، لأن اهتمامهم بالأجنة حصًرا يشير إلى تحيز لحياة نوعنا البشري فقط!

-بيتر سينغر

ينتقد سينغر أيضًا وجهة النظر الكاثوليكية المتطرفة والتي تعتبر البيضة الملقحة كشخص كامل الحقوق القانونية وتبرر تحريم الإسقاط كونه إيذاء للجنين بمنعه من القدوم إلى الوجود، حيث يحيل إلى المراحل المتقدمة من الحمل أي بعد التخصيب بوقت قصير حين تنقسم البيضة إلى خليتين، أربع خلايا وهكذا… عند مرحلة محددة تتحول هذه الخلايا من جنين واحد إلى جنينين في حالة التوأم الحقيقي، إذن كيف يمكن لشخص أن يتحول إلى شخصين؟ و في أي وقت حدث ذلك؟ و هل يمكن اعتبار التوأمين شخصًا واحدًا لأنهما نتاج بيضة ملقحة حاملة لشخصية واحدة؟

                كيفية تشكل التوأم الحقيقي

يمكن القول في هذه الحالة أن الإجهاض ممكن لحين تمايز الخلايا لخلايا المشيمة، الجدار والأجنة.. أما بعد ذلك فهو غير متاح.
كذلك فإن الانقسامات الأولى للبيضة تنتج الخلايا متعددة القدرات totipotentes وهي نوع أساسي من الخلايا يمكنه أن يتحول إلى أي نوع آخر من الخلايا الخاصة، مما يعني أن خلية واحدة متعددة القدرات تكفي لتكوين جنين كامل.
وجود 8 خلايا متعددة القدرات يستلزم وجود 8 أشخاص محتملين! سيحرمون من مستقبلهم المحتمل بتحولهم طبيعيًا لشخص واحد!
هل يجب علينا فصلهم ثم زرع كل خلية في رحم خاص على حدة؟ هذه هي الطريقة الوحيدة لتجنب قتل 7 أشخاص محتملين!

  8 أشخاص أم 8 خلايا ؟

مراجعة حجة الحياة المحتملة:

يعتبرها البعض من أقوى الحجج المضادة والتي تنص على إمكانية استخلاص بعض الحقوق الآن من الحقوق المحتملة لاحقًا، عرضها:
-لكل الأشخاص الأبرياء الحق في العيش.
-لكل الأشخاص الأبرياء المحتملين الحق في العيش.
-الجنين شخص بريء محتمل.
-إذن للجنين الحق في العيش.
بتعبير آخر؛ الإجهاض يعني حرم الجنين من حياته ومستقبله المحتمل كشخص، إذن هو غير أخلاقي.

لكن إذا اعتبرنا احتمالية أن يصبح الجنين شخصًا سببًا كافيًا لتجريم الإجهاض فإن موانع الحمل تقوم بنفس الأمر، فإنهاء حياة الجنين تحرمه من حياته المحتملة بنفس طريقة حرمان موانع الحمل للأمشاج (النطاف والبويضات) من مستقبلهم كبيضة ملقحة فجنين ثم شخص. في هذه الحالة يمكن اعتبار استعمال مبيدات النطاف بمثابة مجزرة!

                  موانع الحمل

تستلزم هذه الحجة مباشرة تجريم موانع الحمل بل وأكثر من ذلك، اعتبار الامتناع عن ممارسة الجنس -بحكم أنك تحرم أولادك من حياتهم المحتملة- فعل غير أخلاقي!

نقد آخر؛ علي وباعتباره طبيب تعود إليه المسؤولية في اتخاذ قرار إدخال المريضى للعلاج داخل المستشفى من عدمه.
كان من المحتمل أن يكون علي طبيب و يتخذ هذه القرارات في السنوات التي سبقت حصوله على شهادة الطب، لكن هذا لا يعني أن لعلي القدرة على اتخاذ قرار إدخال المرضى للمستشفى كطبيب مستقبلي محتمل. أيضًا، يمتلك كل من الأكسجين و الهدروجين القدرة على تشكيل الماء، هل هذا يعني امتلاكهم لخصائص الماء المحتملة؟
هذه الانتقادات تبين مغالطة واعتباطية استخلاص الحقوق من الحقوق المحتملة.

جوديث تومسون وحجة عازف الكمان:

كما لاحظتم فإن كل النقد حتى الآن موجه للمسلمة (2) أي التشكيك في كون الجنين شخصًا كامل الحقوق، لكن للفيلسوفة تومسون رأي آخر، حيث قدمت في مقالها الأشهر “دفاع عن الإجهاض” حجج قوية تبين فيها أن الإجهاض مشروع بالرغم من اقتناعها بأحقية الجنين الأخلاقية في العيش، حيث عرضت حالات لا يعد مذنبًا من تسبب في وفاة شخص حين أمكن إنقاذه –عكس المسلمة(1)

حجة عازف الكمان : تعتبر من بين أشهر الحجج في الموضوع (مشاهدة فيديو توضيحي) :

     جوديث جارفيس تومسون

“تخيل أن تستيقظ لتجد نفسك في المستشفى وبجانبك عازف كمان مشهور في غيبوبة، شُخص بمرض كلوي قاتل. بحثت منظمة محبي الموسيقى العالمية في كل الملفات المتاحة  ووجدت أنك الوحيد الذي يتطابق معه بيولوجيًا وبالتالي يمكنك إنقاذه، فاختطفوك وخدروك وأوصلوا مجرى دمه بدمك لكي تقوم كليتاك بتصفية دمه من السموم.
الآن يخبرك مدير المستشفى أنهم جد آسفون لاضطرارهم لفعل ذلك ويقول أن أمامك خياران:
يمكنك أن تفصل نفسك وتقتل عازف الكمان، لكن خلال 9 أشهر-مدة الحمل- سيشفى ويمكن فصله بأمان، ما الذي ستفعله؟”
تبرز تومسون في هذا المثال معضلة قتل شخص كان يمكن إنقاذه -المسلمة(1)- حين يتساوى الجنين مع العازف وتعتبر الإجهاض أخلاقيًا حتى وإن كان الجنين شخصًا لأن حقه في العيش مسبوق بحق الحامل في التحكم في جسدها واستقلالية خياراتها تمامًا مثلك في حالة العازف!

لا يمكن لأي امرأة أن تدعي أنها حرة ما دامت غير متحكمة في جسدها الخاص.

-مارغريت سانغر

هنا يجب أن نميز بين نوعين من الأفعال الحسنة؛
الأفعال الواجبة أخلاقيًا: عدم فعلها غير أخلاقي.
الأفعال النافلة: (النوافل مثل الصلاة) وهي أفعال جيدة أخلاقيًا لكنها غير إجبارية وتجنبها مسموح أخلاقيًا.

إنقاذ عازف الكمان هو مثال جيد عن النوافل، من الجيد فعله لكن ليس مذنبًا من لم يفعله لتصادم الحقين الأساسين؛ الحق في العيش والحق في التحكم الذاتي والاستقلالية. نفس الأمر بالنسبة للإجهاض، يتصادم حق الجنين في الحياة مع حق الحامل في الاستقلالية وحرية التحكم في جسدها لكن الأولوية للحرية. فمن الجيد عدم الإسقاط لكن ليس مذنبًا من قام به. بتعبير أدق تبين هذه التجربة أن مواصلة الحمل وتجنب الإجهاض نافلة وليس واجبًا أخلاقيًا.
النتيجة: لا يمكن اعتبار المجهضات مذنبات حين تسببن في موت شخص كان يمكنه إنقاذه، هكذا تنقد المسلمة(1) وتنهار بعدها الحجة بأكملها.

أنتِ ضد الإجهاض؟ ببساطة لا تقومي به!.

– سكوت أندروز

يعتقد الناقدون أن هذه التجربة البديعة تبرر الإجهاض في حالة واحدة فقط وهي الاغتصاب، لأنك في المثال أجبرت على التبرع بكليتيك تمامًا مثل المرأة المغتصبة، لكن في الحالة العادية حظيت المرأة بعلاقات إرادية وسمحت طوعًا للجنين باستعمال جسدها بل أجبرته على الاعتماد عليه بشكل كامل.
عازف الكمان شخص غريب بينما الجنين جزء من الأم وفصله يؤدي إلى موته بشكل طبيعي أما الجنين فيقتل عن قصد.

هذه الانتقادات تؤدي إلى عرض التجربة البديعة الثانية لتومسون “بذور البشر” و التي تتناسب مع الحمل الطبيعي:

“تخيل وجود بذور البشر في الهواء مثل حبوب الطلع، إذا فتحت النافذة ستنفلت إلى داخل بيتك وتلتصق بفراشك. لكنك لا تريد ذلك فتحرص على إصلاح نوافذك وتزويدها بأفضل الشبابيك الواقية، مع كل هذه الوقايات الاحترازية يحدث نادرًا عند فتح النافذة أن تتسلل بعض البذور إلى الداخل”
يمثل تسلل البذور في هذه الحالة “النطاف و التلقيح” على الرغم من استعمال الشبابيك وهي موانع الحمل باعتبار الفراش هو الرحم و فتح النافذة هو الجنس.

هل فتح النافذة رغم الاحترازات يمنعنا أخلاقيًا من التخلص من البذور؟ يمكن للبعض أن يدعي إمكانية عيش المرأة بنافذة مغلقة (بدون علاقات) أو بدون فراش لعلمها بإمكانية دخول البذور.
ترد تومسون أن هذه الطريقة في التفكير تستلزم استئصال رحم جميع النساء لتجنب الحمل عن طريق الاغتصاب!
النتيجة: يمكنك التخلص من بذور البشر لأنك أخذت كل الاحتياطات الوقائية الممكنة لعدم دخولها، نفس الأمر بالنسبة للجنين حيث يمكنك الإجهاض لأنك استعملت كل موانع الحمل الممكنة.

-أخيرا تنتقد تومسون وضع قرار الإجهاض من عدمه في حالة الخطر على الحامل بيد الأطباء حصرًا وتجادل أن القرار يعود للأم أيضًا، تسرد تجربة الطفل المتوسع:
“تخيل أنك في منزل صغير مع طفل يكبر ويتعملق بسرعة، ستسحق إن لم تفعل أي شيىء بينما سيصاب الطفل بجروح طفيفة و يكمل حياته، ما الذي ستفعله؟”
تقول تومسون أن الطبيب يمكن أن يرفض الإسقاط رغم علمه بالخطر بأي حجة -المنع القانوني أو التطرف الديني- لكن هذا لا يعني منع الحامل من إنقاذ نفسها بل يجب عليها ذلك.

لا يمكن اعتبار الأم والجنين كمستأجرين في نفس المنزل.. الأم هي صاحبة المنزل!.  -تومسون

7-الإجهاض والأديان:

الإجهاض هو أعظم مدمر للسلام، إذا كانت الأم قادرة على قتل طفلها فما الذي يتبقى لي لأقتلك أو لتقتلني؟
-الأم تريزا

تتعدد الرؤى بين الأديان بل و بين المذاهب في الدين الواحد، إلا أنها تتوحد حين يتعلق الأمر بقدسية الحياة، فالبوذية لا تصدر موقف رسميًا لكن معظم الآراء للتقليدية ترفض العملية، بدون نسيان مفهوم التناسخ الذي يعقد الموضوع. والتعاليم اليهودية الأرثوذكسية تسمح بالإجهاض فقط في حالة الخطر على حياة الأم، أما الكنائس المسيحية الكاثوليكية، الأرثوذكسية وغالبية البروتستانة فتحرم الإجهاض مع وجود معارضات داخل كل كنيسة.

 

الإجهاض ليس مجرد شر محدود، بل هو جريمة. قتل شخص لإنقاذ آخر هو بالضبط ما تفعله المافيا.. إنه شر مطلق.

-البابا فرنسيس

الإسلام والإجهاض:

الانطباع العام عند عامة المسلمين هو حرمة الإجهاض، حيث لا يجوز إسقاط الجنين إلا لمبرر شرعي وفي حدود جد ضيقة، أما الفقهاء فغالبًا ما يعتمدون على نصين تأسيسين:

-آية “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ“صدق الله العظيم.

-الحديث المتفق على صحته: قال صلى الله عليه وسلم :“إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيدٌ”
ويستدل الجمهور من هذا الحديث على حدوث نفخ الروح في الجنين يوم 120 من الحمل (منهم من يقول في الأسبوع الثامن والتاسع ومنهم من يقول بعد الأربعين بلا تحديد أو بعد 130 يوم)

بذلك يقسم الفقهاء الحمل الى ثلاث مراحل تخضع لها أحكام الإجهاض:
-قبل تمام الأربعين يوم: الإجهاض مباح إذا كان في إنهاء الحمل مصحلة شرعية أو دفع ضرر، أما الإجهاض مخافة مشقة أو الاكتفاء بعدد الأولاد فلا يجوز.
-بعد 40 إلى 120 يوم: محرم على الراجح لكنه لا يرتقي إلى درجة قتل النفس.
-بعد 120 يوم : أي بعد نفخ الروح، يعد الإسقاط قتلًا للنفس ولا يجوز بالإجماع إلا في حالتين: خطر يهدد حياة الأم، أو ثبوت موت الجنين في رحم أمه.

اسمحوا لي أن أشير إلى وجود اختلاف واضح في الأحكام الفقهية قبل نفخ الروح حتى في المذهب الواحد.
فالبعض يبيح الإجهاض بإطلاق أي بدون الحاجة لأي عذر مثل بعض الحنفية وأبو الحسن اللخمي من المالكية وأبو إسحاق المروزي من الشافعية، و منهم من قال بالإباحة لعذر فقط وهو الغالب عند الحنفية وقول عند الحنابلة في أول الحمل، ومنهم من يرى بكراهيته المطلقة كبعض المالكية والشافعية، ومنهم من قال بالتحريم وهو المعتمد عند المالكية والأوجه عند الشافعية ورأي الحنابلة بالإطلاق.

أخيرًا، بالنسبة للإجهاض في حال حدوث تشوهات خلقية للجنين إليكم رأي مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة 10 فبراير 1990:

قبل مرور مائة وعشرين يومًا على الحمل، إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات. وبناء على الفحوص الفنية بالأجهزة، والوسائل المختبرية، أن الجنين مشوه تشويهًا خطيرًا غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده، ستكون حياته سيئة، وآلامًا عليه، وعلى أهله؛ فعندئذ يجوز إسقاطه؛ بناء على طلب الوالدين.

خاتمة

الجميع يدرك أن موضوع الإجهاض يؤجج العواطف خاصة بالنسبة للأمهات، لذلك فمن غير اللائق تجاوز الجانب الشعوري، هذا الفيديو يظهر تأثر النساء بمجرد سماع كلمة الإجهاض.

الآن و بعد قراءتك للمقال اسمح لي أن أطرح عليك بعض الأسئلة. لكن أولًا، أريد منك التركيز جيدًا في صورة الجنين أدناه قبل إعطاء انطباعك.

 جنين بعد الأسبوع العاشر

-هل يمتلك هذا الجنين شخصية؟ و هل يعادل إنهاء حياته قتل بالغ؟
-هل من الجيد السماح بولادة طفل غير مرغوب فيه؟ وهل من الأخلاقي إجبار الحوامل الرافضات للإنجاب على الولادة؟

-كيف ترين قوانين الإجهاض في بلدك؟ و هل للمرأة الحق المطلق في اتخاذ القرار بشأن كل ما يحدث في جسدها؟ و هل يصبح الإجهاض مقبولًا في حالات الاغتصاب وزنا المحارم؟

وأخيرًا: ما هي نصائحكم لكل حامل تفكر جديًا في الإجهاض؟

فريق الإعداد

إعداد: عبد الباسط بلخضر

تدقيق لغوي: بيان

اترك تعليقا