ما هو تقدير الذات و هل لديك تقدير عالٍ أم ﻻ ؟

لماذا يحقق بعض الأشخاص نجاحًا عظيمًا في الحياة في حين أن آخرين لا يتمكنون من تحقيق شيء ذي قيمة؟ وما علاقة ذلك بـ تقدير الذات ؟

 “سوف تنعكس فكرتك عن ذاتك على سلوكياتك، فببساطة لا يمكنك أن تسلك سلوكاً مخالفاً لهذه الفكرة، حتى إذا استخدمت جميع ما لديك من قوة الإرادة”. ماكسويل مالتز

ما هو تقدير الذات ؟

يخلط الكثيرون بين تقدير الذات والثقة بالنفس، في حين أن الثقة بالنفس ما هي إلا نتاج تقدير الذات، أما تقدير الذات فهو الصورة الذهنية للشخص التي يرى بها نفسه، وتكون هذه الصورة موجودة في لاوعيه -أي في العقل الباطن – وهي إما جيدة أو سيئة، ويمكن تعريف تقدير الذات بصورة شاملة على أنه تقييم المرء الكلي لذاته إما بطريقة إيجابية سلبية، إذ أنه يشير إلى مدى محبة المرء لذاته و إيمانه بنفسه وبأهليتها وقدرتها واستحقاقها للحياة.

إنّ التقدير العالي للذات يصنع جميع النجاحات في حياة الإنسان. والتقدير المنخفض للذات هو سبب كل تعثر في حياة الإنسان والسبب الرئيسي لعدم تحقق الأهداف، فالشخص الذي لا ينجح في شيء مهما كانت ارادته  والذي يقال عنه غالباً أنّ حظه عاثر، هو شخص لا يقدر ذاته تقديرًا كافيًا، كما أن  الصورة الذهنية للنفس  المحفوظة في العقل الباطن تشبه كثيراً الأداة السحرية التي تستطيع أن تقودك للنجاح أو للفشل بطريقة أسهل مما تتخيل، كل ما عليك فعله هو إعطاء عقلك الباطن صورة ذهنية عما تعتقده تجاه نفسك معززة بمشاعر وسلوكيات تدعم هذه الصورة وهو سيقوم بتوفير الأشخاص والأحداث التي تدعم هذه الصورة الذهنية إما بالنجاح أو بالتعثر.

تقدير الذات أو قبول الذات ومحبتها لا علاقة له بالجينات، فلا يولد شخص بتقدير متدن للذات وآخر بتقدير عال للذات، بل له علاقة بصورة ذهنية تتشكل في لاوعينا عما إذا كنا أكفاء ونتمتع باللياقة ونستحق النجاح وجديرين بالحب أم لا في مرحلة الطفولة المبكرة جداً، فالطفل الذي حظي بالتقبل والحب اللامشروط من قبل والديه والبيئة المحيطة به يصبح راشداً ذا تقديرٍ مرتفع للذات وهناك أيضا عوامل أخرى تؤثر في تقديرنا الذاتي سأذكرها لاحقا، ووفقا للأبحاث فإن حوالي 66% منا لديهم تقدير متدن للذات، فنحن ننتقد أنفسنا باستمرار ونجلدها، والكثير منا أصبح رافضاً لنفسه، متفنناً في كرهه لها،  وبالتالي ترافقه  الأفكار السلبية التي تعيقه وتعطل قدراته وإمكانياته الهائلة التي خلق بها.

مما يتكون تقدير الذات؟

الكفاءة الذاتية: وهي إيمان المرء بقدرته على التكيف والتعامل مع التحديات الأساسية في الحياة.
قيمة الذات: وتعني محبة وقبول المرء لنفسه من غير قيد أو شرط والشعور بأهليته للعيش بسعادة.

إعلان

من أين يأتي الإحساس بقيمة الذات؟

إن الإحساس بقيمة الذات ينتج من شعور الشخص بكفاءته في الجوانب الآتية :
– الجانب المادي ويشمل المظهر والقدرات البدنية.
– والأدائي ويشمل الأداء في العمل والأداء في المهام الأخرى.
– الجانب الإجتماعي ويشمل شكل العلاقات الأسرية والعلاقات الإجتماعية (صداقة، زمالة وغيرها) في حياة المرء.

ما هي أنواع تقدير الذات؟

هو نوعان، تقدير الذات العام وتقدير الذات الخاص، فقد يكون لديك تقدير عام مرتفع للذات وفي نفس الوقت تعاني من تقدير متدن لها من جانب علاقتك مع شريك حياتك أو أي جانب آخر، فكما يقول جيمس دبليو نيومان:تقدير الذات هو مسألة نسبية متفاوتة فلا تستطيع أن تقول أن لدي تقديراً لذاتي أو ليس لدي تقدير لها، أنت تقع في موضع ما من مقياس يترواح من السلبية الشديدة إلى الإيجابية الشديدة، ما بين التقدير المرتفع للذات والتقدير المتدني لها

الصفات العامة لذوي التقدير المرتفع للذات:

– جديرون بالحياة – الإستحقاق لديهم عالٍ- لا يوجد لديهم تدمير ذاتي – واثقون بأنفسهم – مسؤولون عن حياتهم – يتعاملون مع الإحباطات بشكل جيد – يقبلون أنفسهم دون قيد أو شرط – يسعون دائماً وراء التحسين المستمر لذاتهم – يتسمون بالحسم – إجتماعيون وانبساطيون – يشعرون بالسلام الداخلي – هم على استعداد للقيام بمغامرات محسوبة – يتمتعون بعلاقات شخصية وإجتماعية طيبة – محبون ومحبوبون – متواضعون وطيبون – موجهون ذاتياً.

الصفات العامة لمن لديهم تقدير منخفض للذات:

– لا يحبون المغامرة – يخافون من المنافسة والتحديات – إستحقاقهم منخفض – التدمير الذاتي لديهم عالٍ- مترددون – ساخرون – يفتقرون إلى قبول الذات – لا يتسمون بالحسم – يشعرون بأنهم غير جديرين بالحب – يفتقرون إلى روح المبادرة – متشائمون – يلومون الآخرين على جوانب قصورهم الشخصية – طموحاتهم متدنية – يتأثرون سريعا بالأخرين ، ويبحثون عن رضاء الآخرين على حساب أنفسهم – يجدون صعوبة في قبول المجاملات.

العوامل المؤثرة في تقدير الذات :

– البيئة الأسرية ( الوالدين) فالصغار يرون أنفسهم من خلال رؤية والديهم لهم ويأخذونها معهم إلى الكبر.
– البراعة في أداء المهام والإنجازات.
– تقييمات وآراء الآخرين.
– التطلعات الشخصية.
– المظهر.
– الأفكار الذاتية.
– الإنجاز الأكاديمي.

بعد أن تعرفنا على تقدير الذات بطريقة مفصلة من الجيد أيضاً أن نعرف أن الشخص يستطيع أن يكتسب تقدير مرتفع للذات وأن يعززه في أي مرحلة من مراحل حياته، ولتعزز من تقديرك الذاتي عليك أن تغير من صورتك الذاتية والتي هي رؤيتك العقلية لنفسك، يمكنك أن تعيد بناء وتنظيم ذاتك وتحول الصورة السلبية إلى صورة إيجابية، أن تتعلم محبة ذاتك وتتقبلها بكل ما فيها، وأن تتبنى الحديث الإيجابي مع الذات، فقولك  أنك ستحب نفسك وستتحدث معها بإيجابية غير كاف لتغيير صورتك الذاتية، بل عليك العودة الى الداخل والغوص بعمق وتغيير مفاهيمك وذلك من خلال:

– اكتساب الوعي الذاتي :

تشمل هذه العملية سبر أغوار النفس، والتعرف عليها، وتحليل العوامل والعقد التي تسببت في تدني التقدير الذاتي والتخلص من آثارها النفسية في داخلك، وبالتالي التخلص من التنشئة السلبية السابقة التي كانت إما بسبب الوالدين أو غيرها من الأسباب، سيساعدك وعيك بذاتك لمعرفة نقاط قوتك، أكتب قائمة تحتوي على نقاط قوتك و هكذا سيزيد تقديرك لذاتك، والتي ستوجهك نحو بناء صورة ذهنية إيجابية لذاتك، وستساعدك على توجيه مسار حياتك بطريقة فعالة.

– تعلم قبول الذات:

في هذه المرحلة ستحب نفسك وتتقبلها بدون قيد أو شرط وفي نفس الوقت ستعترف إلى جوانب قصورها ونقاط ضعفها، وتسعى إلى تحسينها، وستتقبل واقعك بكل ما فيه وبالتحديد الأجزاء التي لا تستطيع تغييرها، ستتوقف الصراعات الداخلية، والرفض، ولوم النفس أو الواقع؛ ليحل محلها السلام الداخلي. إن الشعور بالرضا سيعطيك القوة لتتجه نحو التغيير للأفضل، فأنت مخلوق بهذه القدرة، إن تقديرك وحبك واحترامك لنفسك وقبولها هو مفتاحك لتنميتها، وهو الخطوة الأولى لتتحمل مسؤولية حياتك.

– تحملك المسؤولية:

في هذه المرحلة ستقوم بكتابة رسالتك، والأهداف التي توصلك اليها، وتبدأ بتحقيقها فأنت من يصنع حياتك، ستتعرف على رسالتك عن طريق قيمك العليا التي تمثل شغفك، اأتب قائمة بالأشياء التي تحبها وتستمتع بالقيام بها، بعد كتابة القائمة، احتفظ بأهم ثلاثة أشياء فيها من بينها، ومن خلال قيمك العليا التي تتسق مع ذاتك ستعرف رسالتك التي ستتضمن ما ترغب بالفعل في تحقيقه في حياتك، وستتضمن قيمك الذاتية، وفلسفتك في الحياة، بناءً على رسالتك ستتشكل أهدافك التي هي عبارة عن نتائج نهائية محددة ترغب بالوصول اليها ولها وقت محدد أيضاً،  ستحدد بعدها الخطط الإجرائية للوصول إلى هذه الأهداف و تبدأ بالتنفيذ، فبدون تنفيذ ستكون أهدافك مجرد أحلام.

– إدارة نفسك بنجاح:

لتحقيق أهدافك التي حددتها في المرحلة السابقة عليك أن تدير نفسك بنجاح، وإدارة النفس تشمل إدارة الجوانب الأربعة التالية: إدارة الوقت بنجاح، التدريب على ضبط النفس، المحافظة على المثابرة، و إدارة التوتر بنجاح.

– التدريب على تجديد الذات:

وهي المرحلة الأخيرة في مراحل تعزيز تقدير الذات، إن تجديد الذات مهم للمحافظة على تقدير عال للذات وتعزيزه وليكن دأبك على التحسين المستمر لجوانبك العقلية والبدنية والإجتماعية والروحية.

نرشح لك/ السعادة في ضوء تجارب علم النفس

إعلان

اترك تعليقا