هل سنتمكن من طباعة الدواء الذي نحتاجه؟

تخيل ذلك، تخيل لو أنك الآن في حاجة لدواء معين، بعد استشارة طبية لحدث ما، أو قد نفد منك الدواء، فتذهب نحو الصيدلية لتشتريه. عند وصولك وإخباره اسم ونوعية الدواء الذي تحتاجه، تفاجئ بقوله: “لقد نفد، لكن انتظر قليلًا ستتم طباعة الدواء الآن”،  أو “اصبر، دقائق وسينتهي زميلي الذي بالداخل من تحضيره” آلاف الأسئلة ستأتي إلى ذهنك، أهمها: ”هل هذه صيدلية، أم أنا مخطئ؟ أم أن هناك مصنعًا أرضيًا داخل هذه الصيدلية؟”…

نعم إنه حلم قد يصبح حقيقة قريبا، وذلك بسبب التقنية المتطورة الحديثة من طرف جامعة ميشيغان Michigan، حيث تمكّن هذه التقنية من طباعة جرعات دقيقة جدًا من الأدوية، في أسطح مخلتفة، أي على بقعة مثلًا.
قام الباحثون بتركيب الأدوية باستعمال طرق معتادة لصناعة الإلكترونيات.
تنص العملية على تسخين وتبخير المادة النشطة للدواء active molecules (أي المادة ذات التأثير)، يتم بعدها دمج البخار الناتج مع غاز خامل Stable gas (غاز يشكل وسطًا يمنع الأكسدة) مثل ثنائي الآزوت، لتمر بعدها عبر قنينة دقيقة تتمركز في وسط بارد، فيتكثف الدواء عند مكان اتصاله بالوسط، ليتم تكوين الدواء.

دواء خاص للمريض على حسب حاجته لهذا الدواء:

قام العلماء بتجربة واختبار دواء مضاد للسرطان، حيث قاموا بتشكيله عبر تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، فتم تدمير الخلايا السرطانية بفاعلية متماثلة مع الدواء المصنع تقليديًا.
والآن، العديد من الأدوية يمكن أخيرًا إخراجها لترى النور، لأن هناك جزيئات لم يتم اختبارها بسبب أن هذه الجزيئات لا تذاب بالطرق المعتادة.
كما تضيف ماكس شيتن Max Shtein: “شركات الأدوية بحوزتها ملايين من المركّبات للتطوير، وواحدة من الاختبارات التي يمر بها المركب؛ اختبار الذوبانية، لكن حوالي نصف المركبات الجديدة تفشل في هذا الاختبار”.
أما الآن، يمكن لهذه الشركات استعمال الطباعة الثلاثية الأبعاد من أجل التجارب الأولية.
إضافة إلى أن هذه التقنية تمكن من تعديل الجرعة المطلوبة من طرف المريض، وأيضا إمكانية ربطها بمركبات أخرى مخلتفة في حبة دواء، وهذا الأمر إيجابي كثيرًا بالنسبة للمرض الذي يتطلب أخذ عدة أنواع من الأدوية في يوام واحد.

ما هي أول الأدوية المشكلة والمصنعة باستعمال هذه التقنية؟ 

في غشت من سنة 2015 وفي ظرف المراقبة واختبار الأدوية، أعطت الولايات المتحدة الأمريكية موافقتها على دواء تمت طباعته بواسطة هذه التقنية، وقد كان ”مضاد الصرع  Anti -epilepsy”. أعلنت الشركة المنتجة أن الدواء أصبح الآن متاحًا للمرضى، كما تُمكِّن الطباعة الثلاثية الأبعاد من إعطاء الدواء عدة أشكال مختلفة، إضافة أن حبة الدواء المصنعة من التقنية هي أكثر مسامية من الحبة العادية، مما يجعل الدواء يتحلل بسرعة عند تماسه مع السائل، وهذا يسهل ابتلاع جرعات أكبر قليلًا.

هل هناك مميز آخر لـ طباعة الدواء باستعمال هذه التقنية؟

للتقنية استعمال آخر ، حيث تمكن من تغيير الشكل الفيزيائي لحبة الدواء، كما أن حبة الدواء المسامية، يمكن أن تشكل اهتمامًا كبيرًا بالنسبة للأدوية صعبة الابتلاع، أو بالنسبة للمرضى الذين يعانون من اضطراب في البلع، أو بالنسبة للأطفال لأن لها خاصية الذوبانية السريعة كما ذكرنا.
قامت جامعة University College London بتطوير هذه التقنية الطباعية للحصول على عدة أشكل، مثل الشكل الهرمي، ومن المعروف أن شكل الحبة الدوائية يأثر على سرعة تحرير المركب النشط للدواء، هذه السرعة مرتبطة بالحاصل من قسمة المساحة على الحجم، وهكذا، فإن هذه السرعة تكون صغيرة إذا كان شكل الدواء هرميًا، بينما تكبر هذه السرعة إذا كان الشكل مكعبًا أو كرويًا، وهنا تأتي أهمية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتحديد الشكل الأنسب للحالات المطلوبة والمحددة.

إعلان

زراعة الأعضاء، وإشكالية وجود مانحين للأعضاء المطلوبة:

يعاني العديد من المرضى مشاكل عضوية قد تتطلب أحيانا زرع عضو من جسم لآخر، أي وجود شخص آخر يمنح العضو الذي يحتاجه المريض، لكن الأمر ليس سهلا، فالإشكالية الأساس هي وجود الشخص المانح، الذي وجب توفر فيه شروط عدة، فمثلا يجب على هذا العضو ألا يكون عضوًا لا يتناسب مع جسم المريض كي لا يسبب له إلتهابات أو استجابت مناعية تضر المريض. كما أنه إضافة إلى رفض العضو الذي يسمى ”دخيلا” .
يأتي هنا دور مهم آخر للتقنية الطباعية لتقوم بالتدخل في مجال زراعة الأعضاء، حيث يمكن طباعة العضو المطلوب بطريقة جد ممتازة، بحيث يكون العضو به خلايا تحمل نفس جينات المريض نفسه، مما يجعل تخطي عقبة ”رفض العضو ” ممكنًا.

فلنوسع آمالانا كثيرًا:

  1. انطلاقا من التجارب العديدة التي تؤكد فعالية التقنية في عدة مجالات، الطب، الطبخ، الصناعة …إلخ، يبدو أن ذلك اليوم الذي سيصبح لكل فرد طابعة خاصة به قريب جدًا، لكي يغطي به حاجياته العديدة ويعالج مشاكله من مشاكل صحية مثلًا.

في حالة أعجبك المقال، ربما ستعجبك مقالات أخرى، نرشح لك

الميتوكوندري : مشروعك الطاقي و مصنعك الخاص

لعنة المضادات الحيوية .. كيف تهدد الميكروبات مستقبل البشرية؟

خيال علمي بطلته الخلية الجذعية وآمال قد تغدو حقيقة في القريب

إعلان

اترك تعليقا