عملية زرع الرأس .. هل سيتم اعتبارها حلا مثل عملية زراعة القلب؟

الكل ينتتظر نتائج تلك العملية المذهلة والتي قد تجعل مطلع عام 2018 منيرا ومتوهجا ، إنها عملية زرع الرأس ، العملية التي أصبح كبيرنا وصغيرنا يتحدث عنها ، لينقسمو إلى مؤيد و معارض و محايد ، ثلاث توجهات لكل منها فرضياتها و حججها حولا نتائج هذه العملية وما ستحمله من تأويلات .
هذه الخطوة الشجاعة قد تذكرنا بالعملية المرعبة التي قام بها الدكتور جيمس هاردي سنة 1963 بداعي الضرورة التي ألحت على أن يقوم الدكتور بـزراعة القلب فورا بسب أن قلب المريض كان حالته جد ميؤوس منها ، لكن المريض توفي بعد ساعة ونصف على إنتهاء العملية ، لكنها كانت الدفعة والمرجع للقيام بعملية ناجحة سنة 1967 التي قام بها الطبيب كريستيان بارنارد.
لكن كالعادة قبل كل محاولة طبية جديدة اتجاه الإنسان لا بد من إجراء تجارب وعمليات بها نتائج مقنعة ومشجعة يتقبلها الوسط العلمي و يؤيد القيام بها .
إجراء أول عملية زرع قلب:
فقبل إجراء عملية زراعة القلب ، أجرى العالم الفضولي نيكولاي سينيتسين عملية زرع القلب من ضفدع إلى ضفدع آخر ،ثم من كلب إلى كلب .. مالنتيجة ؟ كان المتلقيان قادران على استعمال قلبيهما لفترة من الزمن كمضخة لإيصال الأغذية لكل خلاياهم ، مما جعل الإنتقال إلى الإنسان في الحالات الحرجة أمرا ضروريا ، فبدأت بعدها تتطور العمليات إلى أن وصلت إلى ما عليها الآن من نجاح وإقبال .
إعلان
ليعود بنا الأمر نحو عملية القرن ، فقد فكر كثيرا الجراح المحنك سيرجيو كانافيرو الإيطالي وطيلة أعوام طويلة في هذه العملية .
فسلك هو أيضا المنهج العلمي ، والتجارب التي ستهيأ له القبول الجمهوري ليتجه نحو الإنسان .
فقد تمكن الجراح من إعادة تشكيل الروابط بين آلاف الخلايا العصبية وذلك باستخدامه لمادة أساسية تسمى البولي ايثيلين غليكول والتي قام بإدخالها في العمود الفقري المتضرر ليبدأ عملية الدقيقة .
أجرى كذلك العملية على ثمانية فئران ، قام بإتلاف نخاعهم الشوكي والذي سبب شللهم ، بعد ذلك عاد ليشكل الروابط بين الخلايا العصبية باستخدام تلك المادة الضرورية ، استعاد خمسة منهم بعضا من الحركة . طبق نفس المراحل على كلب في المرة الثانية ، مما جعله يستعيد حركته ( إلى حد ما مقبولة ) لمدة شهر .
لكن الآن تم الإعلان عن خبر يؤكد تقدما مذهلا جدا ، فقد تم اثبات نجاح أول عملية زرع الرأس البشرية !
نعم فبعد الزراعة الأخيرة التي تمت في عالم الحيوان حيث زرع رأس قرد في قرد آخر العام الماضي ، و لاقى ذلك نجاحا كبير أيضا ( ليضاف إلى الإنجازات الأخرى )، وأعلن الجراح البريطاني في 17 نوفمبر 2017 أنه تم إنجاز عملية زرع الرأس على فردين مصابين بموت دماغي ، وكانت نتائجها ناجحة.
فقد تم تبريد الرأسين في حرارة 15 درجة من أجل إيقاف استقلابات المواد البيولوجية ، وتجنب الأخطاء الجراحية ما أمكن ، بعد ذلك تم عزل الغدة الدرقية ، وإزالة العضلات والأوعية الدموية من الرقبة ، بعضها إحدث شق في الحبل الشوكي ، فكان الرأس ( رأس المانح ) جاهزا ليتم زرعه في جسم الثاني ( المتلقي ) .
هذه المراحل أخدت 18 ساعة ، وعند الإنتهاء ، تأكد العلماء من نجاح العملية بالتحفيز الكهربائي للأعصاب بعد ربط الخلايا العصبية ( رابط عصبي متلقي مانح ).
سيرجيو كافانيرو يريد إجراء عملية أخرى كهذه ، ليتأكد تمام التأكد على كل معطياته التي عمل عليها منذ 30 سنة ، وبعدها ينطلق في ديسمبر ويبدأ إنجازه .
تطوع عالم الكمبيوتر فاليري سبيريدونوف الروسي إلى القيام بزرع رأسه إلى متلقي آخر :
يعاني هذا الشخص من ضمور عصبي حاد ، ويسمى المرض الذي أصابه ب Werdnig-Hoffmann , الذي يتميز بتلف ملحوظ في الحبل الشوكي مما أدى إلى تلف في كبير جدا في جميع عضلاته.
ولفهم السبب الذي جعل المتلقي يمتلك إرادة نقل رأسه ولماذا بالظبط يعد الحالة المناسبة لهاته العملية ، علينا أن ندرك أن النخاع الشوكي هو جزء كبير من الجهاز العصبي المركزي ، وويبدأ من قاعدة الدماغ ويمر عبر العمود الفقري ( الذي يحميه ) .
حيث يقوم بإيصال الإشارات الكهربائية ( التي تعد لغة التواصل بين الدماغ وأجزاء الجسم العضلية ) من الدماغ إلى العضلات لتحريك اليد مثلا وشرب الشاي ، ومن اليد إلى الدماغ لمعرفة هل الشاي ساخن أم لا عند لمس الكأس ، وهذا ينطبق على كل عضلة.
يمكننا تسهيل الأمر وتبسيطه بتخيل مثال بسيط كأن هناك قاعدة ومركز تنفيذي ، بينهما طريق خاص و مهم ، فيتم إيصال الأوامر من القاعدة إلى المركز وذلك عبر الطريق الذي يربطهما ، لتنفيذ الأوامر ، بعدها يقوم المركز بإرسال الأخبار التي يواجهها إلى المركز .
إذن ، ماذا لو تدمرت الطريق الخاصة بينهما ؟ لن يكون هناك أي تواصل ، القاعدة ستصدر الأوامر لكن لن تصل ، والمركز سيجمع الأخبار ولن تصل . إلى أن يتوقف ويغادر كل من يعمل بالمركز . وهذا ما يحدث عندما يعاني الشخص من مرض Werdnig-Hoffmann.
لفهم السبب الذي جعل المتلقي يمتلك إرادة نقل رأسه ولماذا بالظبط يعد الحالة المناسبة لهاته العملية ، علينا أن ندرك أن النخاع الشوكي هو جزء كبير من الجهاز العصبي المركزي ، ويبدأ من قاعدة الدماغ ويمر عبر العمود الفقري ( الذي يحميه )، حيث يقوم بإيصال الإشارات الكهربائية ( التي تعد لغة التواصل بين الدماغ وأجزاء الجسم العضلية ) من الدماغ إلى العضلات لتحريك اليد مثلا وشرب الشاي ، ومن اليد إلى الدماغ لمعرفة هل الشاي ساخن أم لا عند لمس الكأس
عندما يتدمر الحبل الشوكي ( الطريق الذي يربط بين الدماغ والعضلات ) يصدر الدماغ الأوامر لشرب الشاي وذلك بتحريك اليد ، لكن الطريق مدمرة مما يمنع من وصول الأوامر إلى اليد ، كذلك يلمس اليد شيء ساخن فتريد إخبار الدماغ بأن عليك إصدار الأوامر بالإبتعاد ، لكن لا تصل الأخبار ، وبعد مدة من هذا الأمر ، تبدأ العضلات بالتقلص نظرا لعدم عملها ، فربما شعر عالم الكمبيوتر أن نقل رأسه إلى جسم آخر به نخاع شوكي سليم ، سيجعله من استعمال عضلات الجسم الجديد ، وهذا أمله الوحيد للوقوف مجددا والمشي والعمل .
ضمور النخاعي في الحالات الميؤوس منها يعني أن الجسم قد توقف عن العمل العادي وأصابه شلل ، مما جعل العالم الإيطالي يفكر أن زرع الرأس في جسم سليم هو الحال للحصول على أعضاء وعضلات لا تعاني من ضمور
للإشارة ، ستقام عملية زرع الرأس بالصين ، نظرا لرفض أمريكا وأوروبا لهذا النوع من العملية ، إضافة إلى التطور الذي شاهدته الصين في الناحية الطبية
في حالة أعجبك المقال، ربما ستعجبك مقالات أخرى، نرشح لك
صراع فلسفي :هل القلب مكمن الشعور والروح ، أم أنه مجرد مضخة ؟
جائزة نوبل 2017 للطب والفيسيولوجي .. اكتشافات حول الساعة البيولوجية
الدوائر العصبية و السلوكيات الموروثة الجينات و السلوك 3
إعلان