فيلم Top Gun: Maverick: أن تُهدر عمرك خوفًا من تكرار الماضي

الزمن قادر على جعلك تنسى.

قد تكون هذه الجملة هي أكثر الجمل الزائفة التي اخترعها الإنسان ليُهون بها على نفسه، لكن واقع الأمر أن الزمن يُعمِق جروح فراق الأحبة لا يمحوها، يجعلك تتعايش كل ساعة في كل يوم وكأنك بخير لا تُعاني من فقدان جزء كبير من روحك وحياتك، وفي سبيل تجنب الشعور بالذنب الذي يُلاحقك أينما ارتحلت قد تؤذي أُناس تُكن لهم قدر كبير من المعزة بمُبرر حمايتهم من نفس مصير الماضي.

نبذة عن فيلم Top Gun: Maverick

بعد قُرابة الـ 36 سنة من الخدمة بالبحرية الأمريكية، يعود بيت ميتشل إلى المكان الذي ينتمي إليه لكن كمدرب لمجموعة من الطيارين الشباب للقيام بمهمة بالغة الخطورة.

يُتابع فيلم Top Gun: Maverick حياة الطيار الأمريكي بيت ميتشيل الذي عشنا معه رحلة رائعة مليئة بالإثارة في جزء الفيلم الأول الصادر عام 1986، لكن بعد مرور 36 سنة من تحقيقه النجاح الساحق مع زملائه، لنُلقي نظرة على ما آلت إليه حياته بعد كل تلك السنوات، وكيف تخطى فقدان صديقه المُقرب.

تفوق Top Gun: Maverick بشكل كبير جدًا على الجزء الأول، وهذا شئ مُتوقع مع تطور التقنيات، لكن ما لم يكن متوقع هو جودة الفيلم الكبيرة من حيث الإثارة والتمثيل واللحظات الحاسمة في أجزاء كثيرة منه، وقد يكون عدم الترقب الكبير له قد كان نقطة قوة كبيرة لصالحه.

الإيجابيات..

 1- الإخراج والتصوير والمونتاج كانا رأس العمل والعامل الرئيسي لظهور فيلم Top Gun: Maverick بهذا الشكل الرائع، فطوال أحداث الفيلم كان المخرج قادر على جعلك تعيش مع الأبطال وكأنك معهم باختيار زوايا تصوير مُعينة من داخل الطائرة وكأن المُشاهد هو من يقودها، وزوايا تصوير أخرى على الطيار حتى ولو لم تستطع أن ترى سوى عينيه، لكنها كانت كفيلة على أن تجعلك تعيش ما تُعانيه الشخصيات من مخاطر وأهوال، الأمر الذي أنتج لنا مشاهد أكشن أسطورية في الجو فريدة من نوعها ومن الصعب جدا تكرارها في المستقبل.

إعلان

فيلم Top Gun: Maverick

 2- عدم اللجوء للخدع البصرية جعل الفيلم واقعي وملموس بشكل كبير من قِبل المُشاهد، فكل مشاهد الطائرات كانت حقيقية بطيارين مُحترفين، الأمر الذي نادرًا ما نراه الآن ونحن في عام 2022 مع كل التقنيات الحديثة القادرة على إخراج فيلم كهذا بالـ CGI، وهو ما جعل التجربة السينمائية فريدة من نوعها ومميزة.

 3- الخط الدرامي في العلاقة بين شخصيتنا الرئيسية وأحد الطيارين الشباب كانت من أهم نقاط قوة الفيلم، خاصةً وأنها مربوطة بشكل جيد مع الخط الدرامي الأقوى في الجزء الأول أيضًا، مما أضاف بُعد قوي للقصة وترقب كبير لما ستؤول إليه الأمور بينهما.

 4- بالطبع كل هذه الإيجابيات ما كانت لتصبح بارزة لولا الأداءات التمثيلية القوية، خاصةً من بطل الفيلم توم كروز الذي يستمر في تقديم أكثر شئ يُجيده بأفضل طريقة ممكنة ليُثبت مرارًا وتكرارًا على جودته كممثل من صفوة هوليوود حتى ولم يكن المُفضل لدى الكثيرين، أيضا الممثل الشاب مايلز تيلير قدم أداء تمثيلي قوي يستمر فيه بإثبات نفسه كأحد أقوى المواهب التمثيلية بالجيل المُعاصر ونستطيع حتى القول أن وجوده أضاف للفيلم كثيرًا.

السلبيات..

 1- قصة الفيلم بشكل عام لا تعد الأقوى، ففيها خط درامي واحد فقط يُثير الاهتمام، لكن في المجمل تُعتبر القصة عادية ومُستهلكة بشكل كبير، أحداث كثيرة يستطيع المُشاهد العادي أن يتوقع قدومها من البداية.

 2- وقع فيلم Top Gun: Maverick في نفس خطأ الجزء الأول من ناحية العلاقة العاطفية بين بيت ميتشيل وصديقته، فقد أضفت العلاقة بعضًا من الملل لأجواء الفيلم وكانت مُقحمة بشكل كبير في القصة ولم تُضف الشئ الكبير باستثناء إيضاح أن بطلنا تخلى عن كل شئ طوال حياته حتى تكوين أسرة من أجل شغفه والشئ الذي يحبه، لكنه أمر نعرفه بالفعل من خلال جوانب أخرى، تواجد ممثلة كبيرة كچينيفر كونيلي بالفيلم كان من الممكن أن يُضيف له إذا أخذت مساحة حقيقية ليس بهذه السطحية التي ظهرت بها، أي ممثلة مُبتدئة كانت لتستطيع أن تقوم بنفس الدور دون أي مشكل

 3- يُعتبر الـ exposition من العوامل التي سببت بعضًا من الإزعاج خلال المشاهدة، خاصةُ عندما اجتمع بيت ميتشيل بصديقه القديم آيسمان، وتحول الكاميرا أكثر من مرة على صورهما معًا من الجزء الأول، مرة أو مرتين خلال الفيلم كانت ستكون كافية، لكن تم اللجوء إليها كثيرًا بشكل مُزعج بعض الشئ وفيه ضرب مُقحم على وتر الحنين للماضي لجعل المُشاهد يتأثر في أحد المشاهد الللاحقة بهذا المشهد.

 4- امتلك الفيلم فرصتين عظيمتين لينتهي نهاية ولا أروع ولكن أبت “الكليشيهات” إلا أن تتدخل في اللحظة الأخيرة، قد لا تكون هذه النقطة سلبية بشكل كبير، لكن المؤكد أن وقع الفيلم كان ليترك أثر كبير في المُشاهد لفترة طويلة إذا انتهى عند نقطة مُعينة يعرفها كل من شاهد الفيلم.

في النهاية، لا شك في أن Top Gun: Maverick من أفضل أفلام سنة 2022 حتى الآن ويجب مشاهدته في السينما للحصول على أفضل تجربة ممكنة، ساعتان وعشر دقائق تقريبًا من الترقب والإثارة والاستمتاع بمشاهد جبارة لا يريد أي عاشق للسينما أن يُفوتها على نفسه.

نرشح لك: “Extraction” كيف تصنع مُتعة سينمائيَّة؟

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: علاء عباس

تدقيق لغوي: رنا داود

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا