نظرية التطور بين القنيبي وداروين

مراجعة لسلسلة "رحلة اليقين" للدكتور إياد قنيبي - 2

قدمنا في المقال السابق باختصار سلسلة رحلة اليقين للدكتور إياد قنيبي وعرّفنا به، ثم ناقشنا باختصارٍ أيضًا خللين منهجيين في نقده للتطور، وهما النظرة الأحادية للتطور (فالقنيبي بنى نقده للتطور على ما يقوله هو في الحقيقة لا على ما تقوله النظرية) وتبخيسه الشديد من النظرية والقائلين بها؛ بالرغم من أننا أشرنا إلى أن أغلب علماء الأحياء -إن لم يكن كلهم- يُقرّون بها، وإلى أن الدكتور إياد قنيبي لم يبين ما هي صفات العلم الزائف وما هي صفات الخرافات كما يصف نظرية التطور بها.

في هذا المقال سنستكمل مراجعة حلقات الدكتور إياد قنيبي بذكر بعض الأمثلة لنرى إلى أي مدىً التزمَ هو بمنهجيته التي ذكرها. إلا أنه ينبغي التنويه هنا إلى نقطة مهمة: وهي أن ذكر إجماع علماء الأحياء وغيرهم على نظرية التطور ليس دليلًا على صحتها، فالمنهج العلمي لا يعتد بأقوال السلطة. ولكن نسبة التأييد هذه تُقدم في إطار الإشارة إلى أن الأدلة على صحة نظرية التطور كثيرة، ولذلك يؤيدها العلماء بـإجماعٍ ساحق.

3. التعريفات والمصطلحات غير الدقيقة

 في الحلقة 26 (والتي يبدو أنها حلقة لشرح “منهجيته”)، قال الدكتور إياد قنيبي أن هدف هذه الحلقات ليس حشد الأسماء والمعلومات، وإنما “تبسيطُ المفاهيم العلمية التي تُذكر عند الحديث عن التطور” لكي يجعلها في متناول عامةِ الناس. ثم أعلن أنه لن يعتمد على المغالطات المنطقية التي يعتمد عليها “مؤجرو العقول” – “أتباع خرافة التطور” في نظره- كالاحتكام للسلطة والأكثرية. فكما قال الدكتور لمتابعيه: “فلا تتوقع أن نرد على بحثٍ ينصر الخرافة ببحثٍ يعارضها، أو على مقولة لعالمٍ بمقولة لعالمٍ آخر هكذا دون تمحيص”. يبدو الكلام جيدًا حتى الآن، ولكن كيف سيقرر الدكتور إذن ما هو الصحيح علميًا؟ يرد القنيبي: “سنرى ما يدل عليه العقلُ أولًا، ثم نرى الأبحاثَ والمشاهداتِ المؤيدة والمعارضة لما يدلُّ عليه العقل”، ثم نرى أين مكمن الخلل -على حد تعبيره-.

لكن القنيبي ذكر في سلسلته عدة مصطلحات بدون أن يبين ما يقصده بها أو أنه غيّر معناها؛ فكما ذكرنا في المقال السابق فقد اختزلَ الانتخاب الطبيعي كله في بقاء الكائن الأقوى. إلا أن هناك عدة تعريفات وتصورات أخرى غير دقيقة قدّمها الدكتور لجمهوره (غيرِ المتخصص بالطبع). فعلى سبيل المثال وصف التطور عدةَ مرات بأنه تحولُ الكائن من نوعٍ إلى نوع، في وصفٍ يوحي بأن الكائن يتحول أو ينتقل من فصيلة إلى أخرى فجأة أو أنه يلد كائنًا من “نوع” آخر. فالأنسب وصف نظرية التطور بأنها نشوء الأنواع تدريجيًا من أصل واحد، فهناك اختلاف أصلًا في تعريف ماهية النوع وما يميزه عن غيره.

وفي حلقةٍ لاحقة (27) صوّر  الدكتور إياد قنيبي التطورَ فعلًا هذه المرة وكأنه تحول الكائن إلى كائنٍ آخر فجأة بطفرة واحدة عدلت كل أجهزته، متجاهلًا مبدأ التدرجية. فالكائن تتغير أجهزته تغيراتٍ طفيفة عن سلفه فلا يكون لها أثر مدمر وتتراكم هذه التغيرات على مدى الأجيال وعلى المدى البعيد تُنتج التحولاتِ الكبيرة.

إعلان

الطفرات التي تخرب فقط

ذكر الدكتور إياد قنيبي كثيرًا في عدة حلقات أن الطفرات لا يمكن إلا أن تكون ضارة، فالطفرات بالنسبة له لا تفعل شيئًا سوى “تخريب” الكود الجيني. لم يذكر الدكتور إياد أن الطفرات يمكن أن تكون مفيدة -وهناك أمثلة عديدة لذلك- لكن أيضًا فكرة أن الطفرات لا تفعل سوى تخريب الكود الجيني تُناقض نفسها. فمن المعلوم أن هناك نوعًا من الطفرات يدعى Reverse Mutations، وهو ببساطة أن تغيّرَ طفرةٌ ما حرفًا في الكود الجيني (من A إلى T مثلًا) ثم تحدثُ طفرةٌ أخرى في نفس الموقع لتُعيدَ الحرفَ كما كان. فإذا كانت الطفرات عبارة عن تخريبٍ فقط ففي هذه الحالة فقد خُرّب الكود الجيني مرتين لكنه انتهى به الحال كما كان! ناهيك عن الأمثلة الكثيرة للطفرات النافعة وأشهرها طبعًا طفرات البكتيريا ضد المضادات الحيوية (إذا كنت تستطيع هضم الحليب دونَ مشاكل فذلك غالبًا نتيجةٌ لطفرة حدثت خلال الـ10 آلاف سنة الماضية، منذ الثورة الزراعية[1]).

في الحلقة 22 من سلسلته، تساءل القنيبي عن مثالٍ واحد لطفرة تضيف جينًا جديدًا، لكن الدكتور إياد لم يشرح ولم يتطرق لماهية الطفرات ولا لأنواعها (بل إنه سخر منها في حلقةٍ لاحقة) ولا كيف تعمل أو تضيف أو تحذف من الأساس؛ فنشوء جين جديد له آليات أخرى غير الطفرات (التي تعدّل الجينات والبروتينات الموجودة أصلًا).

أُعلن منذ فترة أن الدكتور إياد قنيبي قد تم ذِكره كمراجع لأحد أشهر كتب الفارماكولوجي (كتاب Lippincott الجامعي في نسخته السابعة)، ما يعني أن الدكتور راجع بعض الأخطاء العلمية في الكتاب. لقد قمت بتحميل الكتاب وبحثت فقط عن كلمة Mutation  فيه، ووجدت أنها مذكورة أكثر من 20 مرة في الكتاب، أغلبها عن طفراتٍ (عشوائية كما هو مذكور) منحت أنواعًا من البكتيريا مناعة ضد موادَ مختلفة. لماذا لم يصحح الدكتور لمؤلفي الكتاب هذا الخطأ إذن ما دامت كل الطفرات ضارة ولا تفعل شيئًا سوى تخريب الكود الجيني؟

تشبيهات خاطئة: القرود وبرنامج الوورد مثالًا

في الحلقة 27، شبّه الدكتور ساخرًا عملية التطور والطفرات بأنها مثل مجموعة أطفال يضربون على لوحات مفاتيح عشوائيًا ليعدلوا ويغيروا في ملف Word، وشبّه بهذا المثالِ الطفراتِ التي “تخرّب” الحمض النووي لينتج “بالصدفة” بروتين صالح، وبتراكم هذه الصدف ينتج كائنٌ جديد؛ إلا أن هذا الكائن لن يجد زوجًا له، فيجبُ لمجموع هذه “الصدف” أيضًا أن تُنتج أنثى في نفس الوقت.

يشبه هذا المثال مثالَ القرود وآلات الطباعة الشهير. ويُصحح العالم التطوري (المؤمن) فرانشسكو آيالا على هذا التصور المغلوط في كتابه “منحة داروين للعلم والدين”[2] فيقول:

“إنني لا أريد أن أتمادى في مقارنة القرود [هذه]، فهي بعيدةٌ جدًا عن التوصيف المقبول”، [إلا أنه يمكننا تصور] “وجود عمليةٍ يتم عن طريقها انتقاءُ أي ألفاظ ذات معنى متى ما ظهرت على الآلة الكاتبة، كلمات مثل الشمس – من – تطلع – الشرق على سبيل المثال. هذه التراكيب البسيطة ستظهر من حينٍ لآخر [نتيجة للضرب العشوائي على الآلات]. هذه الكلمات تُنقل إلى آلة كتابة أخرى، حيثُ تعبث القرود بالكلمات الموجودة أصلًا وقد تُنتج تراكيب أخرى من الكلمات، مثل “الشمس تطلع من الشرق”. وكلما ظهرت تراكيب ذات معنى في هذا المستوى نُقلت إلى طابعة ثالثة، حيث يتم انتقاء الفقرات ذات المعنى، لتُنقل إلى طابعات ذات مستوى أعلى وهكذا دواليك. بهذا الشكل يمكننا تصوّر نشوء فصول ذات معنى والنص النهائي لن يكون غير قابلٍ للاختزال. في الطبيعة تقوم عملية الانتخاب الطبيعي بانتقاء “التراكيب ذات المعنى”.

كل هذا في مساعي آيالا لتوضيح كيف أن التطور ليس عمليةً عشوائيةً كما يُصوّره منكروه.

اللافت للنظر أنني حين بحثت عن مثال رقبة الزرافة الذي استعمله القنيبي في حلقته هذه وجدته بالحرف ضمن الأمثلة التي يتداولها الخلقويون الأمريكيون، بل إن داروين نفسه تعرّض لهذا السؤال في كتاباته. أيضًا أثناء الحلقة سخر الدكتور إياد من عملية التطور التي لن تُنتج زوجًا للكائن “المتطور”، ففوجئت أن هذه المغالطة أيضًا سبق وذكر رد عليها على موقع Talkorigins (كما مع مثال رقبة الزرافة). كما أن مقرر كامبل الجامعي للأحياء -مثلاً- أيضًا يقرّها بوضوح أن “الكائنات لا تتطور، وإنما هي الجماعات التي تتطور بمرور الزمن”.[3]

التكيفات والتطور الصغروي

في الحلقة السابقة لحلقته “المنهجية”، تحدث إياد قنيبي في سياق كلامه عن خلط الحقائق بالخرافات –وهي أساليب للترويج لخرافة التطور في نظره-؛ فصحّةُ المعلومة لا تعني صحة الاستنتاج (وأتفق معه في هذا تمامًا). أنكر القنيبي بعدها مصطلح “التطور الصغروي” Microevolution (الذي لا يختلف حول حدوثه اثنان، حتى منكرو التطور)؛ ولم يطلعنا الدكتور على أي مصدر لِما اعتبره تطورًا، بل إنه لم يُعرّف التطور أساسًا واكتفى بالقول أن التطور –“عندهم” على حد وصفه، ولا أدري من هم أولئك– يساوي العبثية، وأنه يعني العشوائية والصُدفية. سنُناقش فكرة العشوائية هذه لاحقًا، ولكن ما يعنينا هنا هو أن القنيبي قد ذكر هذا الفرق بين “التكيفات” و”التطور” -في نظره- في سياق كلامه عن خلط الحقائق بالخرافات؛ فتكيّف البراقش والسحالي والبكتيريا وغيرها حقيقة (وتدل على التصميم والتقدير في رأيه)، لكن الطفرات –العشوائية مرة أخرى- هي خرافة. والسؤال هنا: على ماذا بنى الدكتور تعريفه للتكيفات وللتطور ما دام لم يستدل بمصدر واحد لتعريف التطور حتى ويذكره لمتابعيه؟ ما هي آليات التكيف والتي تختلف عن آليات التطور الصغروي؟ كيف “تكيفت” البكتيريا والسحالي وغيرُها إن لم يكن بآليات التطور الصغروي (والذي ليس معتمدًا حصرًا على الطفرات بالمناسبة)؟ لا يجيب القنيبي ولا يذكر أيًا من آليات التطور ولا كيف تعمل، ولا يخرج المتابع للحلقة سوى بأن التطور يساوي العشوائية والعبثية!

هذا يقودنا إلى المغالطة الرابعة التي وقع فيها الدكتور إياد، وهي مساواة التطور بالإلحاد والمادية.

 4. ربط التطور بالإلحاد

إحدى أكبر المعضلات التي تواجه العلم في العالم العربي هي التصور الشائع أن العلم  له دوافع إلحادية\مادية بالأساس أو أن التطور يساوي الإلحاد، وللأسف فقد ساهم الدكتور إياد قنيبي في دعم هذا التصور. فعلى الرغم من أن هناك المئات بل الآلاف من العلماء المؤمنين المقتنعين بالتطور في الغرب وفي العالم العربي على حدٍ سواء (مثل الدكتور عمرو شريف أستاذ الجراحة بجامعة عين شمس، والدكتور إيهاب أبو هيف الرئيس المؤسس للجمعية الأمريكية لعلم الأحياء التطوري التنموي، والدكتورة رنا دجاني، أستاذة البيولوجيا بالجامعة الهاشمية، والتي اختيرت كواحدة من 20 عالمًا الأكثر تأثيرًا في العالم الإسلامي عام 2014). إلا أن الدكتور اختزل العلمَ كله والتطورَ كله في ريتشارد دوكنز وآرائه ومن على شاكلته من الملحدين الجدد، مثل اعتباره فرضية دوكنز -أن نشأة الحياة يمكن أن تكون تمت بواسطة كائنات فضائية- أنها ما يقولُ به العلم ويعتبرُه الآن! وقد كرر الدكتور هذا الربط عدةَ مرات فهو يعرض فيديو ما لدوكنز ثم يحكم على العلمِ والتطورِ كله بناءً على ما ذُكر في الفيديو.

للدكتور كينيث ميلر (عالم الأحياء التطوري المؤمن) مقولة رائعة بخصوص هذا الربط بين العلم وبين آراء العلماء وقناعاتهم، حين استعرض مقولة لريتشارد دوكنز في إحدى محاضراته:

“Not Everything a Scientist Says is Science”

أجل، ليس كلُ ما يقوله أحد العلماءِ علمًا، فليلحد دوكنز وليكفر غيره، فما لنا وما لهم؟ إنّ من ينكر التطور بالكلية لأن البعض اتخذه مبررًا للإلحاد لا يختلف كثيرًا عمّن كفر بالدين لأن داعش اتخذت القرآن مبررًا لمجازرها!

أول ما لفت نظري هذا الربطُ العجيبُ كان في الحلقة 22 من رحلة اليقين، حين صور القنيبي “أتباع داروين” وهم يحاولون إصلاح نظرية التطور –الساقطة في نظره-. وللعجب فقد كان في الصورة: سام هاريس ولورنس كراوس، وهما ليسا عالميّ أحياء أصلا! ولا أدري لماذا هذا الربط العجيب الذي يبدو فيه الاستماتة لإثباته؟! فالعديد من المؤمنين والشيوخ والمفكرين المسلمين لا يمانعون في اعتبار التطور سنة الله لخلق الكائنات.

“هل ثمة مانع عقلًا.. أو خلنا نقول شرعًا.. إن الله عز وجل طوّر أجناس بعضها من بعض؟ ما يَظهر لي والله أعلم إن ليس ثمة إشكالية في ما يتعلق بهذه القضية. لو ما ورد النص القطعي في ما يتعلق بآدم لكان من الجائز عقلًا أن الله خلق الانسان -كما خلقه من تراب- أن يخلقه من قرد.. ليس ثمة إشكالية من جهة المبدأ العقلي، وبالتالي ليس ثمة إشكالية أن الله طوّر الأجناس بعضها من بعض.” – الشيخ عبد الله العجيري

الأشد غرابة من كل هذا، هو أن الدكتور إياد كرر في عدة حلقات قوله أن “صحيح الدين لا يمكن أن يتعارض مع صحيح العلم”، ثم يأتي في النهاية (في الحلقة 45) ليقول “هل فصلّت الآيات في كيفية الخلق للكائنات عمومًا؟ الجواب: لا“، فلنا أن نتساءل ما هو صحيح الدين الذي تحدث عنه وعن عدم تعارضه مع صحيح العلم إذن، ما دام الدين لا يقدم إجابة عن كيفية الخلق أصلًا؟!

العشوائية والصدف!

يكرر الدكتور إياد قنيبي في كل حلقة تقريبًا عبارة “الصدفة والعشوائية” عدة مرات (وكأنها الأصل في التطور لا باقي المشاهدات والملاحظات الطبيعية)، دون أن يشرح ماذا تعني “العشوائية” تلك، ومستعملًا اقتباساتٍ من كتاباتِ داروين. سنُفردُ مقالًا لمناقشة فكرة العشوائية لاحقًا، ولكن سنذكر سريعًا أن المشكلة هي أن الدكتور اقتطع العديد من تلك الاقتباسات من سياقها ووجهها على أنها إنكارٌ من داروين للنظام في الحياة بالكلية. فعلى سبيل المثال، عرض الدكتور في الحلقة 21 اقتباسًا من كتاب أصل الأنواع يتحدث فيه داروين عن التشابه الموجود بين الكائنات الحية ويستنتج من ملاحظاته أن السلف المشترك (القرابة بين كل الكائنات الحية) هو الرابطُ الذي كان علماء الأحياء يبحثون عنه دون أن يدروا، وليس خطةً مجهولة للخلق. علينا التذكير هنا بأهمية وضع فرضيات داروين في سياقها التاريخي، فكما ذكرنا كان التصورُ القائمُ في ذلك الوقت أن الكائنات الحية لا تتغير مع مرور الزمن وأنها ثابتة، وكان تصنيفها يتم حسب “سلسلة الوجود العظمى”. أظهر لنا القنيبي هذا الاقتباس ووصفه بأن “حسب داروين، لم يكن هناك خطةٌ للخلق”!

بعدها مباشرة يعرض لنا الدكتور اقتباسًا آخر عن عدم صلاحية التعليل الغائي لتفسير التشابه بين الكائنات. في هذه الفقرة كان داروين ينتقد هذا التفسير بأنه -في ضوء الخلق الخاص للكائنات- لن يمكننا تفسير هذا التشابه إلا بأن الله أرادها هكذا، وانتقاد داروين كان في إطار أن هذا احتجاج بالجهل[4]. عندما عُدت لهذه الفقرة من كتاب داروين، كان يتحدث قبلها مباشرة عن أن الكائنات لديها نظام محدد في تكوينها وتشريحها؛ فرغمَ تباين أطراف الإنسان والخلد والسمك والحصان إلا أن نظام الاتصال بينها يظل ثابتًا، وخَتمَ داروين كلامه بأن هناك قوانين مشابهة تحكم تركيب أعضاء القشريات والحشرات والنباتات[5]. فيا للعجب لماذا لم يعرض الدكتور هذا الجزء (ومثله الكثير) الذي يتحدث عن وجودِ نظامٍ ما واكتفى بذكر الجزئية المتعلقة بـ”إنكار” التصميم والتخطيط من الحياة بالكلية على حد وصفه؟

 

قال الدكتور إياد قنيبي أنه سيرى “ما يدلُّ عليه العقل”، ثم يرى مؤيداته ومعارضاته ليحكم بناءً عليها. ولكن كما أسلفنا فقد عرضَ القنيبي التطور بصورةٍ غير مُنصفةٍ منذ البداية، ومع عدم توضيح المصطلحات بشكلٍ علمي والاستماتة -على ما يبدو- في المساواة بين التطور والإلحاد، فلنا أن نتساءلَ عن مدى موضوعية حكمه على التطور بناءً على هذه المقدمات؛ فالحكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوره بصورةٍ سليمة.

كما أن القنيبي أعلن أنه لن يكون انتقائيًا ينتقي من الأبحاث ما يدعم وجهةَ نظرِه فقط. سنستكمل في المقال التالي استعراض ونقد حلقات الدكتور ونرى كيف تعامل مع أدلة نظرية التطور وأبحاثه وكيف رد عليها.

[1] An Evolutionary Whodunit: How Did Humans Develop Lactose Tolerance?

[2] Darwin’s Gift to Science and Religion, p.62

[3] Biology, a Global Approach; 10th edition, Pearson P. 512

[4] The Origin of Species, p. 352

[5] أصل الأنواع، مؤسسة هنداوي؛ صفحة 651.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: زياد حسنين

تدقيق لغوي: ضحى حمد

تدقيق علمي: مازن عماد

اترك تعليقا