النمو (المعرفي العقلي- النفسي جنسي- النفسي الاجتماعي)

جان بياجيه والنمو العقلي

يعد العالم السلوكي جان بياجيه عملاقاً في دراسة مراحل نمو التفكير، وقد أنفق ما يزيد عن خمسين عاما في محاولة تخطيط عالم عقل الطفل.
ولاحظ أنّ الصغار يفكرون بشكل مختلف عن الراشدين. وعادة ما ينظر الى عقل الطفل وكأنه ألبوم “لصور يصور المشاهد واللقطات الفوتوغرافية” المتراكمة. كما ولاحظ أنّ الاختلاف الأساسي بين عقول الأطفال والراشدين يكمن في عدد المفردات المخزونة فيها. وتبنّي بياجيه منظوراً بنائياً يفترض أنّ الناس يجب أن يستعملوا خيالهم لفهم مغزى الخبرات التي يتعرضون لها. ولكي يفهم العالم عملية التفكير يجب عليه اكتشاف ما يستمده الأفراد من خبراتهم وما يضيفونه إليها -بمعنىً آخر: ما يقومون “ببنائه”. وقد توصل بياجيه الي اعتقاد مؤداه أنه كلما نما الأطفال تطورت قدراتهم العقلية إلى مستوى قدرات الراشدين.

طرق البحث عند بياجيه

استخدم بياجيه طرقاً إمبريقيه لجمع الملومات عن عملية التفكير. إذ يطرح الأسئلة على الأطفال مثل “من أين تأتي الرياح؟” أو “ما الذي يجعلك تحلم؟“. كان يلاحظ ويتابع نمو وتطور بعض الحالات الفردية، كذلك أجرى تجارب صغيرة كتقديم عملات نقدية ومجموعة من الزهور للأطفال ويطلب منهم حساب عدد الزهور التي يمكن شراؤها بست بنسات لو كان ثمن كل الزهرة عملة واحدة. وفيما يلي الوصف والحوار الذي دار في بعض الحالات منقولاً من كتابات بياجيه: جوي عمره 4 سنوات و4 شهور وضع خمسة من الزهور مقابل ستة بنسات ثم قام بتبديل كل زهرة ببنس (آخذاً الزهرة السادسة من المكان الذي تحفظ فيه الزهور) وقد تجمعت العملات في صف والزهور في حزمة وسأله الملاحظ: ماذا فعلنا الآن ؟
جوي: لقد بدلناهم
الملاحظ: وهل يوجد نفس العدد من الزهور والعملات؟
جوي: لا
الملاحظ: هل يوجد عدد أكبر في أي منهما؟
جوي: نعم
الملاحظ: أين؟
جوي: هنا، (العملات)
وبعد ملاحظة كيفية معالجة الأطفال لأسئلة تدور حول السببية والمكان والزمان والعدد والسرعة وموضوعات أخرى، كوّن بياجيه نظرية شاملة عن كيفية نمو وتطور التفكير المنطقي. وقد لاقت الخطوط العريضة لهذه النظرية تأييداً واسع النطاق.

افتراضات بياجيه عن الوظائف الموروثة

يعتقد بياجيه أنّ كلّا من الحاجة والقدرة على التكيف مع البيئة يصاحبان طفل الإنسان منذ ولادته، وهو في ذاك يشبه غيره من الحيوانات الأخرى. ويحدث التكيف كنتيجة طبيعية لتفاعل الكائنات مع البيئة المحيطة بها. حيث يتعلمون مواجهة المشكلات التي تصادفهم، وتنمو قدراتهم العقلية آلياً.
ويتضمن التكيف -كما يراه بياجيه- عمليتين فرعيتين: التمثيل والمواءمة. في معظم الأحيان يستوعب الأفراد المعلومات، أو يمثلونها ويصنفونها في ضوء ما يعرفونه بالفعل. ويضرب بياجيه مثلا للتمثيل سلوك الرضيع الذي يقوم بمص ولعق كوب ما مستخدماً استجابة أساسية، وهي المص (التي تلاءم عملية الرضاعة) وذلك في معالجته لموقف مرتبط (أي الكوب). ومن الأمثلة الأخرى التي يذكرها بياجيه لعملية التمثيل ما يلي: رأت جاكلين (ابنة بياجيه) حينما كان عمرها واحد وعشرين شهر صدفة وقالت عنها “فنجان”. ثم التقطتها وتظاهرت بالشرب منها… وعندما رأت نفس الصدفة في اليوم التالي قالت “كوب”، ثم “فنجان”، ثم “قبعة”، وأخيرا “قارب في الماء”.
وكلما نما الأطفال تغيرت الأساليب العامة التي ينتهجونها في تفاعلهم مع البيئة. ويستخدم بياجيه مصطلح مخطط أو بنية للدلالة على كل من الأساليب السلوكية: الملاحظة والمفاهيم المرتبطة التي تستخدم لتجهيز البيانات الحسية الواردة. ثم تعد كل من أفعال “النظر والالتقاط” ” والمص ” مخططات. ومن خلال التمثيل والمواءمة تتغير المخططات باستمرار بحيث يستطيع الأفراد مواجهة الوسط المحيط بهم بكفاءة أكبر.

مراحل النمو عند بياجيه

يعتقد بياجيه أنّ التفكير ينمو لدى الأطفال بنفس التعاقب الثابت من المراحل. وعند مواضع محددة من النمو تظهر مخططات مميزة. ويفترض أنّ إتمام كل مرحلة يعتمد على المراحل السابقة لها. وعلى الرغم من تأييد بياجيه لتأثير الوراثة على عملية النمو، إلا أنه يؤكد أيضاً على احتمال تأثير البيئة الاجتماعية والمادية على العمر الذي تظهر وتتطور فيه قدرات عقلية معينة.

  1. مرحلة النشاط الحس-حركي (تبدأ من الميلاد وحتى عامين تقريبا): يدرك الأطفال ما يحيط بهم في الاربعة وعشرين شهر الاولى من حياتهم بواسطة أنظمتهم الحس حركية. حيث تنمو بعض القدرات المعرفية الأساسية والقدرات الذاتية المغلقة التي تهتم بإشباع رغباتها الأولى. يبدأوا فيلا تكوين تمثيلات بسيطة (المحاكاة المرجأة). إلا أنّ تفكير الطفل لا يزال مقيداً بالفعل الذي يراه.
  2. مرحلة ما قبل العمليات (تبدأ تقريبا من عامين وحتى سبعة أعوام):
    يعتمد الطفل بدرجة كبيرة على إدراكه للواقع؛ حيث يحل المشكلات بمعالجته للأشياء المحسوسة. ولكنه يلقى مشقة في حل الصور الأكثر تجريداً. ويصبح قادراً على التفكير في البيئة عبر معالجة الرموز “بما فيها الكلمات”.
  3.  تظهر اللغة ويستطيع الطفل أن يكوّن مفاهيم بسيطة ويشترك في اللعب باستخدام الخيال. يصف بياجيه تفكير الطفل في هذه المرحلة بإنه متمركز حول الذات، بحيث يرى الطفل العالم ويفهمه من منظوره الخاص، لذلك يجد الواحد منهم صعوبة في وضع نفسه موضع الآخرين وفهم وجهات النظر البديلة.
  4. مرحلة العمليات المحسوسة (من سن السابعة تقريبا وحتى الحادية عشر):
    يصبح الطفل قادراً على استخدام المنطق ويتوقف عن الاعتماد على المعلومات الحسية البسيطة في فهمه لطبيعة الأشياء. كما ويكتسب القدرة على الإجراء الذهني والعمليات الحسابية وتمييز المظهر من الواقع. إلا أنه لا يكون قادراً على المعالجة المنطقية للأفكار المجردة؛ حيث يميل إلى حل المشكلات بالمحاولة والخطأ.
  5. مرحلة العمليات الصورية (تبدأ من أحد عشر عاما وحتى خمسة عشر تقريبا):
    تتطور القدرة على فهم المنطق المجرد؛ حيث يقوم بالتحقق الذهني من صحة بدائل الحلول للمشكلات، كما يختبر الاتساق المنطقي لمعتقداته بحيث يبني النظريات ويفكر في المستقبل ويفهم المجاز. وفي نهاية هذه الفترة يكون لدى الأطفال نفس القدرات العقلية الموجودة لدى الراشدين.

فرويد والمراحل النفسية الجنسية

جاء سيغموند فرويد -مؤسس التحليل النفسي- بأفكارٍ ما زالت موضع جدل. وقد انتُقِد في عصره لأنه اعتبر الجنس قوة أساسية في السلوك الانساني، كما وانزعج كثيرٌ من معاصريه من أبناء العصر الفيكتوري من ملاحظته حول “الجنسية الطفولية“. ويعد فرويد اليوم عملاقاً عقلياً في تاريخ الفكر الحديث.
يمكن تفسير وصف فرويد للمستويات أو التركيبات الثلاثة للشخصية؛ فأفكاره تشكل أساساً لفهم التغيرات الدافعية التي تحدث في مراحل النمو المختلفة. إذ يقسم التغيرات إلى مراحل متعاقبة يمكن تمييزها عن بعضها البعض عن طريق الأشياء أو الأنشطة اللازمة لإشباع رغبات الفرد أثناء كلٍّ منها. حيث يؤكد فرويد على الأساس الجنسي لهذا النمو، فذات الطفل -بالنسبة لفرويد- هي مركز النمو؛ فهو يرى نفسه موضوع الاستثارة.

إعلان

  • المرحلة الفمية

الفم أول منطقة شبقية تظهر عقب الولادة مباشرة وتأخذ تلح على النفس في إشباع مطالبها اللبيدية. بحيث يتركز النشاط النفسي حول إشباع حاجات هذه المنطقة “ووظيفتها حفظ الذات بالتغذية”. مع ذلك تسعى النفس وراء اللذة بصرف النظر عن تناول الغذاء؛ ولهذا السبب نصف هذه الرغبة بإنها جنسية. تأخذ الدوافع السادية في الظهور بطريقة غير منتظمة أثناء المرحلة الفمية عندما تبدأ الأسنان في الظهور. وتستمر خلال سني المهد والرضاعة منذ المولد حتى الشهر الثامن تقريباً. حيث تتميز بظهور “الهو”؛ فالطفل يركز كل اهتمامه في إشباع رغباته ودوافعه.

  • المرحلة السادية الإستية

تزداد الدوافع السادية لأن الطفل يسعى للحصول على اللذة من وراء العدوان عن طريق عمليتي الإخراج ” التبرز والتبول “. ويصطدم الطفل بالواقع عندما تُفرَضُ عليه الضوابط والأنظمة الصارمة؛ فيخضع لإرضاء أمه من ناحية ولتنظيم عملية الاستمتاع من ناحية أخرى. ويبدأ في تكوين الأنا كمحاولة لتنظيم العلاقة بين “الهو” والواقع.

  • المرحلة القضيبية

وهي باكورة المرحلة النهائية للحياة الجنسية. فلا ينصب اهتمام الأطفال في هذه المرحلة على الأعضاء التناسلية لكلا الجنسين، بل ينصب على عضو الذكر التناسلي (القضيب). أما عضو المرأة التناسلي فيظل لمدة طويلة غير معروف، إذ أنّ الأطفال حينما يحاولون فهم العمليات الجنسية يسلمون بالنظرية الإستية وهي نظرية ذات مبرر تكويني.
تبلغ الحياة الجنسية للطفل ذروتها ثم تقرب من انحطاطها. ومن بعد ذلك يبدأ الصبيان والبنات تاريخاً مختلفا حيث يوجهان نشاطهم العقلي الي الناحية الجنسية، وكأنّ كلاهما يفترض وجود القضيب عند الجنسين. أما الآن فيشق كلاهما لنفسه سبلاً مختلفةً. فيدخل الصبي في المرحلة الأوديبية التي يبدأ فيها باللعب بقضيبه ويتخيل أنه يقوم مع والدته ببعض الأفعال التي يستخدم فيها قضيبه. ولكنه في آخر الأمر يشعر بأعظم صدمة في حياته نتيجة لما يصيبه من تهديد بالخصاء، ولما يراه من حرمان المرأة من القضيب. ويمهد ذلك لمرحلة “الكمون” وما يتبعها من عواقب. أما البنت فإنها بعد أن تحاول عبثاً أن تفعل ما يفعل الولد تبدأ تدرك حرمانها من القضيب أو بالأحرى ضآلة بظرها. ويؤثر ذلك في تكوين شخصيتها تأثيراً لا يزول وغالباً ما ينتج عن هذا الفشل أن تنصرف نهائياً عن الحياة الجنسية.

  • مرحلة الكمون

يعتقد فرويد أنّ الشخصيات تتكون جوهرياً عندما تنتهي المرحلة القضيبية في سن الخامسة تقريبا، وتصبح الحاجات الجنسية ساكنة خلال السنوات السبع التالية أو ما يقرب من ذلك. ولا تحدث أيّة صراعات هامه أو تغييرات في الشخصية.

  • المرحلة التناسلية

وفقا لفرويد فان الميول الجنسية تستيقظ في سن البلوغ. فخلال المرحلة التناسلية (من المراهقة مروراً بالرشد حتى ظهور الشيخوخة) يتجه الناس نحو الآخرين عندما يشاركون في أنشطة ثقافتهم. فالناس يستغرقون أجسامهم في حاجاتهم المباشرة. الا أنه يتوجب عليهم الآن أن يكونوا علاقات جنسيه مشبعة. لقد اعتقد فرويد أنّ الربطة الجنسية الناضجة مع الجنس الآخر علاقة مميزه للنضج. فإذا قُيِدت الطاقة بسبب الإشباع المفرط أو الاحباط في المراحل النمائية السابقة فإن المراهقين يصبحون غير قادرين على مقابلة هذا التحدي.

إريك إريكسون والمراحل النفس اجتماعية

لقد وسع إريكسون -عالم التحليل النفسي الأمريكي- نظريات فرويد النمائية. وتؤكد صياغاته على التضمينات الاجتماعية والنفسية وتهتم بسنوات الرشد. فعنده تتكون الشخصيات كلما تقدم الناس في المراحل النفسية الاجتماعية خلال الحياة. ويوجد في كل مرحله جديدة صراع يواجِهه المرء ويحله. كما يوجد لكل معضله حل إيجابي وسلبي. والصراعات كما يراها إريكسون موجودة كلها عند الميلاد لكنها تصبح أكثر سيطرة عند نقاط خاصة في دائرة الحياة. ويظهر الحل الإيجابي في الصحة النفسية بينما يقود الحل السلبي إلى سوء التوافق. ويعتمد حل أي صراع جزئياً على كيفية مواجهة المعضلات السابقة بنجاح. لكن الصحة النفسية لا تثبت مرة واحدة وإلى الأبد -ولحسن الحظ أو لسوئه فإنّ الخبرات المتأخرة يمكن أن تضاد مع الخبرات المبكرة.

  • خلال السنة الأولى (الموازية للمرحلة الفمية عند فرويد) يواجه الطفل صراعاً بين الثقة وعدم الثقة. وتعد العلاقة مع الأم هي المحور في هذه المرحلة. فاذا أطعمت الأمهات صغارها وجعلتهم يشعرون بالدفء والراحة -بجانب معانقتهم واللعب معهم والحديث إليهم- فسوف ينمي الأطفال الشعور بأنّ البيئة أمان وسرور (الثقة الأساسية). وعندما تفشل الأمهات في مواجهة هذه الحاجات، ينمي الصغار المخاوف والشكوك (عدم الثقة).
  • خلال السنة الثانية والتي توازي المرحلة الشرجية عند فرويد، يواجه الأطفال التحدي الثاني وهو (الاستقلال الذاتي) ضد الخجل والشك، فطاقات الأطفال تنمو بسرعة في هذا الوقت. يحبون الجري والدفع والشد، فاذا شجع الوالدان الأطفال فسوف ينمي الصغار ضبط العضلات والحاجات البيئية وضبط أنفسهم. أما إذا استعجل الوالدان الطلب أو منعوا الأطفال من استخدام مهاراتهم الجديدة فإنهم سوف يصبحون معرضين للخجل والشك.
  • يكون الأطفال في سن الثالثة حتى الخامسة من عمرهم نشطين، كما ويشتقون تقدير الذات من القوى العقلية ومن القدرة على استخدام اللغة والخيالات والألعاب الإيهامية. وهنا يواجه الصغير صراعاً جديداً: “المبادأة ضد الذنب” – وهو ما يوازي المرحلة القضيبية عند فرويد. فإنّ الأطفال يتعلمون الاقتراب مما يرغبون، كما أنّ احساسهم بالمبادأة سوف يعزز. أما إذا كان الوالدان غير صبورين وعقابيين ويعتبرون الأسئلة والأنشطة أموراً حمقاء، فإن الأطفال يشعرون بالذنب وبأنهم غير جديرين بالثقة.
  • يدخل طفل السادسة حتى الحادية عشرة من عمره عالماً جديداً، وهو المدرسة بأهدافه وفشله وإنجازاته. فيتعلمون عن كونهم عاملين -وهم بهذا يواجهون التحدي الرابع (الإنتاجية ضد الدونية).
    فعندما يشعر الأطفال أنهم أقل كفاءة من أقرانهم في التحصيل والمهارات والقدرات، ينمو لديهم الإحساس بالنقص. أما الناجحون فيُظهِرون -مع شعورهم بالكفاءة والسرور في العمل- إحساساً بالإنتاجية.
  • تحدث خلال المراهقة (بداية المرحلة التناسلية عند فرويد) أزمة الهوية، التي إن لم تحل فسوف يواجه الفرد خلط الأدوار. فعلى المراهق أن يجمع بين تصورات عديدة للذات في تصور واحد ونمط معين للحياة.
    وعندما يحرز الشباب الثقة الأساسية والاستقلال الذاتي والمبادأة والكفاية، يمكن أن يجدوا ذواتهم على نحو أكثر سهولة. أما إذا انهزموا في هذه الأزمة، فيحاول الأفراد معرفة من هم وعن أي شيء يبحثون.

ويعتقد إريكسون أنّ البحث عن الهوية يفسر أنماطاً كثيرة من سلوك المراهق فقد كتب يقول:

“لكي يستمر المراهقون مع بعضهم فإنهم يبالغون في تقمص شخصيات أبطال جماعة الأقران أو المشاهير إلى درجة فقدهم الواضح لفرديتهم. ولدرجة معقولة، يعتبر حب المراهق محاولة للوصول إلى تحديد هوية الفرد بإسقاط الصورة العقلية للذات على الآخرين وبرؤيتها منعكسه على هذا النحو، ثم تتضح هذه الصورة تدريجياً. ويمكن البحث عن الذات أيضاً بالوسائل المدمرة. فيمكن أن يصبح المراهقون يمكن بصورة ما متعصبين وقليلي الاحتمال وقاسين في استبعاد الآخرين الذين يخالفونهم في لون الجلد أو في الخلفية الثقافية أو في الأذواق والمواهب -وغالباً في كل المجالات الصغيرة كالملبس والإشارات المختارة عرفياً كعلاقات داخل أو خارج الجماعة. إنه من المهم أن نفهم من حيث المبدأ (التي لا تعني التغاضي في كل مظاهرها) أنّ مثل هذا الاحتمال ربما يكون لفترة دفاعاً ضرورياً ضد الإحساس بفقد الهوية. هذا لا يمكن تجنبه في وقت من الحياة عندما تتغير نسب الجسم بصورة جوهرية؛ أي عندما يظهر البلوغ الجنسي والتخيلات بكل أساليب الدوافع، وعندما يواجه المستقل القريب بالاختبارات المحيرة. ويساعد المراهقون بعضهم البعض خلال هذه الصعوبات بتكوين الجماعات أو العصابات ويلتزمون ببعض الأنماط الجامدة نحو أنفسهم أو مثالياتهم أو أعدائهم “.

  • يظهر تحد جديد خلال (الرشد المبكر) -الألفة ضد العزلة. إنّ الراشدين الصغار مستعدون لتكوين الروابط الاجتماعية الباقية التي تتميز بالاهتمام والمشاركة والثقة. ووفقا لرأي إريكسون تتطلب الألفة نحو العلاقات الجنسية وجود شخص محبوب من الجنس الآخر؛ شخص يرغب أن ينظم معه نظام العمل والانجاب والترفيه. إنّ الناس الذين ينقصهم الإحساس بالهوية الشخصية يقضون وقتاً صعباً في تكوين العلاقات الحميمة. فهم يعزلون أنفسهم أحياناً، وأحياناً أخرى يقيمون علاقات محدودة تنقصها التلقائية والأصالة.
  • تستمر الصراعات، ويكون على الراشد في مرحلة منتصف العمر أن يختار بين الإنتاجية والانشغال بالذات. وقد صك إريكسون مصطلح الإنتاجية ليشير الي الاستسلام للمستقبل وللجيل الجديد. فهو يعتقد أنّ اهتمام الناس النشط ورفاهيتهم ومحاولة جعل العالم مكاناً أفضل لمِن الأمور التي تعظم الذات أو تضخمها. أما الانشغال الكامل بالذات فيؤدي إلى الركود.
  • الرشد المتأخر: عندما تقترب الحياة من نهايتها، فإنّ الشخص المسن يواجه الأزمة الأخيرة؛ التكامل ضد اليأس أو القنوط. ويظهر التكامل عندما ينظر الناس إلى الخلف ويشعرون بالقناعة ويقبلون على حياتهم كشيء قيِّم. أما اليأس فإنه يقيِّد هؤلاء الناس الذين يجدون في ماضيهم معنى أو رضاً ضئيلاً ويرون حياتهم كشيءٍ ضائع. ويبدو الوقت بالنسبة لهم وكأنه انتهى ويظهر الموت المخيف.
المصادر والمراجع
مدخل علم النفس النفس / لندا ل .دافيدوف /دار ماكجرويل للنشر 
معالم التحليل النفسي /سيجموند فرويد/دار الشروق 
ميللر ، باتريشيا / نظريات النمو / دار الفكر 
محمد رفقي عيسي /في النمو النفسي (آراء ونظريات ) دار المعارف

نرشح لك: الثبات ضد النمو.. طريقتا التفكير اللتان تشكلان حياتنا

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: أحمد سيد عبدالله‎

تدقيق لغوي: راما ياسين المقوسي

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا