كيف تتكون الظواهر المناخية الشتائية بمختلف أنواعها ؟!

كيف تتكون العاصفة الرعدية؟ هل تساءلتم يومًا ما الفرق بين البرد والثلج؟ كيف تستطيع الغيوم إنتاج الكهرباء ؟ لماذا يختار البرق أماكن معينة لضربها دائمًا؟ الغيوم كم هي بعيدة عنّا ؟ نبدأ معكم في الجزء الأول من هذا الموضوع ...

قد أتى الشتاء وقد أتت معه مختلف أنواع الظواهر المناخية الباردة فمنها الثلجية ومنها الرعدية ومنها المطرية، حتى الظواهر المعنية بالرياح كالأعاصير والتي تعد أخطرها..

سنتعرف في هذا المقال عن أنواع العواصف المختلفة وطرق تكونها وما الظروف التي يجب أن تتوفر حتى تتكون هذه العواصف :

1- العاصفة الرعدية Thunderstorm :

العواصف الرعدية في الأرض لا تتوقف، فهناك حوالي 2000 عاصفة رعدية تحدث الآن في أماكن مختلفة من حول العالم، تكثر العواصف الرعدية في أيام الصيف والحر وفي الدول الاستوائية والمدارية القريبة على مدار الاستواء، كما تندرج عواصف البرد والأعاصير والعواصف البرقية تحت خانة العواصف الرعدية، وكلها تتكون من نوع واحد من الغيوم ويسمى غيوم المزن الركامي (Cumulonimbus clouds )، تحتاج العواصف الرعدية لظروف مناخية غير مستقرة ومعينة لتتكون، سنتحدث عنها الآن..

كيف تتكون العواصف الرعدية ؟

تتكون العواصف الرعدية في 3 خطوات:

إعلان

أولًا: تكون الغيمة عن طريق تيارات الحمل الحراري.

ثانيًا: توفر الظروف المناخية الغير مستقرة لتكوين عاصفة رعدية مستقرة.

ثالثاً: تساقط الأمطار .

  • اولاً تكون الغيمة عن طريق تيارات الحمل الحراري :

تبدأ العواصف الرعدية بالتكون عند صعود كتل هوائية رطبة دافئة كبيرة وقليلة الكثافة محمّلة ببخار الماء إلى طبقات الجو العليا الباردة ونزول الكتل الهوائية الباردة الثقيلة مكانها لتكون دائرة من تبادل أماكن الكتل الهوائية وهذه العملية تسمى تيارات الحمل الحراري (convection currents)، تستمر هذه الدورة مرات ومرات وفي كل مرة تصعد كتل هوائية دافئة للأعلى وتكون محملة ببخار الماء وتنزل مكانها كتل هوائية باردة وتستمر الكتل الهوائية الدافئة بالصعود لطبقات الجو العليا أعلى فأعلى، حتى تصبح أكثر برودة ويبدأ بخار الماء بالتكاثف وتكوين حبيبات مياه صغيرة وبذلك تتكون غيوم المزن الركامي .
تمتاز غيوم المزن الركامي بأنها كبيرة جدًا وطويلة كالأبراج وتشبه حبة المشروم (الفطر) في بعض الأحيان ويصل ارتفاعها إلى 5 كلم وفي الأماكن الأكثر رطوبة، خاصة الأماكن الاستوائية حيث يصل ارتفاع هذه الغيوم إلى 12 كلم .

  • ثانيًا توفر الظروف المناخية الغير مستقرة لتكوين عاصفة رعدية مستقرة :

تتمثل الظروف المناخية الغير مستقرة التي تحدثنا عنها في الأعلى في انخفاض درجات الحرارة حول تيارات الحمل الحراري بشكل أسرع من انخفاضها داخل التيارات نفسها وهكذا يتكون المناخ الغير مستقر وتتكون العاصفة الرعدية .

  • ثالثاً تساقط الأمطار :

تستمر قطرات المياه في الارتفاع للأعلى في تيارات الحمل الحراري داخل الغيمة حتى تنخفض درجة الحرارة بشكل كبير وتتحول قطرات المياه لحبيبات جليدية فتزداد كثافتها و وزنها وتبدأ بالسقوط، فتسقط من الغيمة وفي أثناء سقوطها إلى الأرض تتحول الحبيبات الجليدية إلى قطرات مياه وهكذا تسقط أمطار العواصف الرعدية .

غيمة مزن ركامي عالي , توضح الرسمة تيارات الحمل الحراري للاعلى (Updrafts) و للاسفل (Downdrafts)  و تاثيرها على بناء الغيمة و تكون المطر و حبات البرد

كيف يتكون كل من البرق والرعد في العواصف الرعدية ؟

إن احتكاك قطرات المياه المستمر مع بعضها البعض أثناء ارتفاعها للأعلى يسبب توزيع للشحنات الكهربائية داخل الغيمة، بحيث يكون قاع الغيمة محمل بشحنات سالبة وقمتها بشحنات موجبة، وعند تفريغ هذه الشحنات يضرب البرق مسببًا ارتفاع شديد في درجة الحرارة المحيطة بالغيمة وتصل إلى 30 ألف درجة مئوية، فينتج عن ذلك أيضًا صوت شديد ومرتفع يسمى الرعد، معظم حالات تفريغ الشحنات الكهربائية تحصل داخل الغيمة أو مع الغيوم المجاورة بحيث تكون مشحونة أيضًا.

نحصل على البرق المرئي الذي يضرب الأرض عندما تقوم غيمة قاعها يحمل شحنات سالبة بتفريغ شحناتها في الأرض الذي يحمل شحنات موجبة وهكذا نستطيع أن نرى البرق يضرب الأرض والذي يشكل 20% فقط من مجموع البرق المتكون أثناء العاصفة .

 

2- عاصفة البرد Hail Storm :

يسقط البرد من السماء بسرعة 170 كم في الساعة، وهي عبارة عن قطرات ماء صغيرة تتحول إلى جليد بفعل درجات الحرارة المنخفضة جدًا في الغيوم الرعدية وتتراكم فوق بعضها لتكون حبة البرد المعروفة لدينا .

إذن كيف تتكوّن عاصفة البرد ؟

تبدأ عاصفة البرد بتكوّن نوع من الغيوم يسمى (Cumulonimbus clouds ) أو المزن الركامي العالي، وهي غيوم طويلة وضخمة ترتفع في السماء كالأبراج، وتتميز هذه السحب باحتوائها على تيارات هوائية شديدة تصعد للأعلى (Updrafts) باستمرار حيث تصل درجة الحرارة في قمة هذه السحب إلى 36 درجة مئوية تحت الصفر وهي تعمل كآلة تبريد شديدة السرعة فتحول قطرات المياه إلى جزيئات من الجليد وتبدأ جزيئات الماء بالتكوّم فوق بعضها البعض لتصنع المزيد من الطبقات الجليدية على حبة البرد وثم تعود حبة البرد لأسفل الغيمة مجددًا حتى تسحبها التيارات للأعلى من جديد وكلما صعدت حبة البرد للأعلى كلما زادت الطبقات الجليدية المتكونة حولها وكلما أصبح حجمها أكبر، فتتراوح أحجام حبات البرد من حجم حبات الأرز إلى حجم كرات غولف تتساقط من السماء مثل ما حصل في تكساس في عام 2019 وفي ولايات أمريكية مختلفة في عام 2010 وعام 2017 أيضًا، وهذا يعتمد على المدة الزمنية التي تقضيها حبات البرد هذه في الغيوم قبل أن تصبح ثقيلة جدًا حتى لا تستطيع الغيمة تحمل وزنها وتسقط .

غيمة مزن ركامي عالي

تتسبب عواصف البرد بخسائر مادية كبيرة تقدر بآلاف الدولارات في الدول التي تتساقط فيها بكثرة وبأحجام كبيرة كأمريكا، فهي تتسبب بتحطيم زجاج الأبنية والسيارات وأسقف المنازل وانهيار الأشجار وقد تسبب بمقتل البشر إذا ساروا أو وقفوا تحت العاصفة أثناء تساقط حبات البرد خاصة التي تكون بحجم كرات الغولف أو أكبر من ذلك، كما سجلت حالات وفاة لأطفال بكسور في الجمجمة بسبب ارتطام حبات البرد برؤوسهم إضافة لإصابات أشخاص بالغين بكسور وإصابات في الوجه بسبب الارتطام .

3- الثلج Snow:

بعيدًا عن أجواء الأعياد والشتاء والدفء وكأس الشوكولاته الساخن، إضافة للأحلام البيضاء والفانتازيا التي يعيشها الأطفال مع الثلج وغطائه الأبيض الجميل، سنتكلم بشكل علمي عن الثلج .

كيف يتكون الثلج ؟

تبدأ العملية أولًا بتبخر المياه من المحيطات والبحار والأنهار لطبقات الجو العليا فيبرد بخار الماء ويتكاثف فيتحول لغيوم، يبدأ بخار الماء بالتكوّم حول قطع الغبار الصغيرة المتناثرة في السماء ويتحول لجليد مباشرة من دون المرور بالحالة السائلة للماء بسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، ويستمر إضافة المزيد من الطبقات الجليدية لهذه القطع الجليدية حتى تصبح ثقيلة ولا تستطيع الغيمة حملها بعد الآن فتبدأ بالسقوط نحو الأرض، لكن القصة لم تنتهي هنا، فإذا كانت درجة الحرارة بين الغيوم والأرض منخفضة بشكل كافي لتحافظ هذه القطع على تماسكها و بقائها كقطع جليدية (حيث يجب أن تكون درجة الحرارة تحت الصفر مئوية) ستبدأ ظاهرة تساقط الثلوج، بينما لو كانت درجة الحرارة فوق الصفر ستذوب القطع الجليدية إلى ماء وتسقط كأمطار .

ولأن الماء من المركبات القليلة التي يزداد حجمه عند تجمده، فإن تجمع 2 سم من المياه فوق سطح ما يؤدي إلى تكوين 7 سم من الثلج عند تجميد الماء، وهذا ما يؤدي إلى مظهر منتفخ وجميل للثلج .

كيف تبدو أشكال ندف الثلج snow flakes  ؟

ليست كل أشكال ندف الثلج سداسية جميلة ومنمقة وتشكل لوحات فنية خيالية وإنما للكثير منها أشكال مختلفة أيضًا فمنها ما يكون مكورًا أو مسطحًا أو بشكل بلورات غير سداسية ربما تكون ثمانية أو تساعية، يعتمد شكل تكون ندفة الثلج على الدرجة الحرارة التي تواجدت بها هذه الندف فتكون أطرافها شبيهة بالإبر عند درجة حرارة 5 تحت الصفر مئوية، بينما تكون مسطحة وعريضة عن درجة حرارة 15 تحت الصفر مئوية، إضافة إلى درجة الرطوبة والضغط الجوي الذي تواجدت فيه هذه الندف في الغيمة .

الظواهر المناخية

 

 

4- العاصفة الثلجية الشديدة Blizzard :

تعرف العاصفة الثلجية الشديدة حسب دائرة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية أنها العاصفة التي تصل سرعة الرياح فيها إلى أكثر من 56 كلم في الساعة، ويكون وضوح الرؤية فيها أقل من 400 متر، عادة ما يترافق هذه العواصف تساقط شديد للثلوج مع سرعة رياح شديدة وتسبب الكثير من الأضرار ولكن أيضًا قد لا يترافق معها تساقط للثلوج وإنما تناثر شديد للجليد والثلج على الأرض بسبب الرياح الشديدة وهذا يتسبب بتشوش الرؤية الشديد .

الظواهر المناخية

إذن كيف تتكون العاصفة الثلجية الشديدة ؟

تتكون عند التقاء كتلتين هوائيتين واحدة حارة و رطبة والأخرى شديدة البرودة مما يتسبب في ارتفاع الكتلة الهوائية الحارة إلى الأعلى ونزول الكتلة الهوائية الباردة للأسفل وعند ارتفاع الكتلة الهوائية الحارة المحملة ببخار الماء للأعلى يتكاثف بخار الماء ويبرد فيتحول لثلج ويؤدي ذلك لتساقط الثلوج، و بسبب التقاء كتلة هوائية حارة  بكتلة هوائية شديدة البرودة يتسبب ذلك في تكون رياح شديدة وسريعة، وهي إحدى أهم الظروف المناخية التي تميز العاصفة الثلجية الشديدة عن العاصفة الثلجية العادية .

ما الفرق بين الثلج والبرد ؟

كلاهما  قطع جليدية أو بشكل أدق جزيئات ماء في الحالة الصلبة للمادة ( حالة التجمد) ، إذن ما الفرق حقًا بين الاثنين ؟

سنشرح في هذه الفقرة الفرق بين الاثنين من ناحية طريقة التكون ومكان التكون والظروف والشكل التي يكون فيه كل من الثلج والبرد، وسنبدأ حديثنا عن الثلج، يتكون الثلج من جزيئات ماء تجمعت مع بعضها بطريقة معقدة لتكون الكريستالة، وعادة ما تكون صغيرة الحجم وخفيفة الوزن ويتكون الثلج عن طريق مرور الماء من الحالة الغازية للحالة الصلبة ( الجليدية ) مباشرة دون المرور بالحالة السائلة للماء ويتميز الثلج بإمكانية تكونه في أي نوع من الغيوم و ليس فقط الغيوم الرعدية ( غيوم المزن الركامي)، بينما ينشأ البرد عن طريق تجمع كبير لجزيئات الماء في حالته الصلبة وتكدسه فوق بعضه البعض وفي حالة البرد يتحول بخار الماء لماء سائل ثم لحالته الصلبة ولا تكون حبة البرد على شكل كريستالات وإنما قطع جليدية كبيرة وثقيلة تتساقط بسرعة عالية إضافة إلى أن البرد يتكون فقط في الغيوم الرعدية (المزن الركامي) ولا يمكنه التكون في أنواع غيوم أخرى .

نلقاكم في الجزء الثاني من المقال..

قد يُعجبك: أغرب الظواهر المناخية

المصادر:
العواصف الرعدية https://www.phenomena.org/weather/thunderstorm/
عاصفة البرد https://www.phenomena.org/weather/hailstorm/
العاصفة الثلجية https://www.phenomena.org/weather/blizzard/

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: أريج أبوهنية

ترجمة: أريج ابوهنية

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا