شريط الذكريات “بين الحب والألم والغموض” قصة قصيرة

الصمت سيد الموقف ولا مكان إلا لـ شريط الذكريات الأليم. يقف وعلى ملامحه حزن دفين وبقلب يكاد يصرخ ألمًا لينظر إلى صورتها التي طالما احتفظ بها وترافقه أينما ذهب ظل يصارع نفسه مصارعةَ قائدٍ يدافع حتى الرمق الأخير عن قلعته التي يخشي انهيارها وسقوطها بيد أعدائه ولكنها وبكل أسف سقطت.

لقد انهمرت دموعه وانفجر باكيًا كإعصار يجرف كل شيء أمامه بلا رحمة أو هوادة بلى، لقد جرف فقدان بلسم بقلب غازي ومشاعره وحطم كل أمل بقي بداخله. جلس غازي يتذكر ما فات كل شيء يمر الآن عليه ويعيشه كأنه حدث بالأمس.

كل ركن، كل ذرّة تراب، كل همسة، وإن كانت سرابًا، تذكره ببلسم وكلامها الرقيق. كانت تقول له دائمًا ادعُ الله لطفلي المدلل وحبيبي ألّا يذوق قلبه الألم وأن يكون الأمل له ماء والضحك له غذاء والصبر له دواء وكان يقاطعها دائمًا بالله عليكِ يا بلسم كيف أكون طفلك المدلل بتلك اللحية؟ أنا حبيبك فقط فكانت تقاطعه لا أنت طفلي وحبيبي أحبك يا ابن قلبي ونور عيني أرجوك لا ترهق حالك بكثرة البحث والعمل لا تشغل بالي عليك يا زوجي الحبيب فيقبّل غازي يد بلسم قائلًا: “أمرك يا أجمل من رأت عيني”، فردت بابتسامة: “أجمل ما رأت عينك الويل لك إنْ كنت تكذب.” فيرد عليها قائلًا: “قلت لك مليون مرة أنا لا أكذب في حبك أبدًا، وكيف أكذب أمامك يا صاحبة الابتسامة الصافية؟

وفجأة انقطع شريط الذكريات وخالطته آهات غازي الذي ظل يردد باكيًا آه يا بلسم آه كم أحرقني الشوق لك! كم أتمني رؤيتكِ لقد اشتقت لصوتكِ ولحنانكِ اشتياقَ الغريق لبر الأمان آه اشتقت لكِ يا من كنتِ لقلبي كتلاوةِِ سمعها ملحد فتحول بقدرة الله إلى (سيد العارفين)، أقسمت عليكِ أن تعودي ولن أعود إلى ما كنت عليه وظل يبكي حتى أصابته حالة من الإغماء في هذه الأثناء كانت والدة غازي وأصحابه يبحثون عنه ويحاولون الاتصال به فلقد انقطعت أخباره منذ الصباح بعد أنْ أخبر والدته بأنه ذاهب إلى عمله بالجامعة وبعدها أغلق الهاتف استشعرت الأم القلق على ابنها وبدأت كل الأفكار السيئة تطارد خيال الأم المسكينة مطاردة الذئب لفريسته ولكن الأم سريعًا ما قالت أعوذ بالله من خبث تلك الأفكار الماكرة يجب أن أدفع عن رأسي هذا الفأل السيء فهو أول طريق وقوع البلاء، خيرٌ إن شاء الله يكون غيابه خير وبعد أن فرغت من صلاتها قالت يارب كن لابني حارسًا وكن له من غفلته موقظًا”، “يارب يدفع عنك البلاء فأنت القادر وكأنها كانت تشعر بأبنها وما حدث له، وظلت تدعو إلى أن قطع جرس الباب دعاء الام المكلومة.

أسرعت وهي تقول يارب استر إلى أن حدث ما لم تكن تتوقعه، فلقد أخبرها (قاسم) أحد أصدقاء (غازي) بلهفة: “الحمد لله يا أمي وجدنا غازي”. سارعت الأم للسؤال عن حال ابنها ولكن سرعان ما قاطعها (قاسم ): “لا وقت يا أمي كما علمتيني منذ أن كنت طفلًا الوقت كالسيف”. فقاطعته الأم بحدةٍ ممزوجةٍ بقلق قائلة: “طمنّي عن ابني أولًا لا وقت ولا طاقة عندي لتذكر أيام طفولتكم التي أعرفها جيدًا فأنت صديق ابني المقرب وتعرف شعوري جيدًا لا تقلقني أكثر فقال (قاسم ): “آسفٌ يا أمي ولكن تفضلي بالنزول معي أولًا وبالطريق سأحكي لك كل شيء وافقت الأم ونزلت مع (قاسم) وبعد لحظات من الانطلاق بالسيارة ووسىط زحام مروري جعل الأم بالطريق تزداد قلقًا.

إعلان

قالت الأم لـ(قاسم): “أسمعك هيا احكِ لي كل شيء فقال (قاسم): “حاضر يا أمي”، وبدأ بسرد ما حدث قائلًا: اتفقت مع (غازي) على أنْ نلتقي بمنزل زميلتنا (ملاك)بالقرب من الجامعة لأخفّف عنه وطأة ماتعرض له من ضغط فقدان (بلسم) وبعد محاولات كثيرة معه أقنعته أخيرًا ووافق على اللقاء فقاطعته (الأم): “وماذا حدث بعد ذلك؟!”، فقال (قاسم):”فكرت أن نعيد لقاء الأصدقاء القدامى فاتصلت بـ(مودة رأفت) و(ملاك نسيم)، ولكن (غازي) تأخر. وطبعًا يا أمي حضرتك تعلمين أن (مودة و ملاك)، تخصصهن بالطب النفسي فعندما تأخر (غازي) افترضنا أنه سيكون متواجد بمنزله.”

فقالت الأم: “تقصد منزله هو والمرحومة (بلسم)” فقال (قاسم): “بالضبط يا أمي ولقد غيرت الخطة واتصلت بملاك لكي تتوجه لشقه غازي وقد أخبرتني أنها وصلت منذ قليل ومودة بالطريق وفجأة رن هاتف قاسم يرن باتصال من ملاك وظلّ يسمع كلامها بالهاتف ويرد قائلًا: “حاضر وفجأة ظهر على وجه قاسم علامات الصدمة”، واستكمل قائلًا: “كيف حدث أنا بالطريق لكِ وأخبري مودة بما حدث وأغلق الخط وظهرت على وجهه علامات الشرود”، فقاطعته الأم قائلةً: أحَدَث مكروهٌ لغازي؟ أكمل لماذا صمت كلامك فجأة؟” فرد قائلًا: “وصلنا يا أمي ومن الأفضل أن تشاهدي بنفسك ولكن رجاءً أن تحكمي بنفسك.” فقالت الأم: “ألهذه الدرجة ابني بخطر؟” وقالت بانفعال: “انطق يا (قاسم) ماذا حدث لغازي لن أسمح لك بالتهرب مرة أخرى”، وبدأ بالحديث من جديد قائلًا : “والله يا أمي الفاضلة غازي بخير فقط تعرض لإغماء بعد أن ذهب إلى شقته. وبالتأكيد كما أشرت سابقًا الإغماء نتيجةَ ما تذكره من ألم بالتأكيد.”

فردت الأم في ذهول: “إغماء! أليس من المفترض أنْ يكون لقاؤكم بمنزل (ملاك) لماذا إذن ذهب إلى شقته واستعادة الذكريات؟!” وفي تلك الأثناء وصل قاسم ووالده غازي للشقة واستكملوا حديثهم أثناء صعودهم فقال قاسم: “أنتِ محقة يا أمي ولكن أنتِ الأدرى أنّ غازي عنيد وكتوم للغاية وقبل أن تستسلم الأم لدوّامة الدموع مرة أخرى فوجئت بيَدٍ رقيقة تقول: “لا داعي للبكاء والله سميع بصير بأحوالنا يا ماما فارتمت والدةُ غازي بحضن (مودة) التي بادرتْ بالتخفيف عنها وأخبرتها أن كلّ شيءٍ سيكون بأحسن حال وظلت تحتضن الأم إلى أن قاطعها (قاسم) قائلًا: “جميلة جدًا الرومانسية التي أراها على درجات السلم! كالعصافير على الشجر. وفور وصولهم إلى الشقة اقترب قاسم ليدق جرس الباب ولكن حدث شيء جعله بغاية الدهشة والقلق، لقد نزل صوت (غازي) وهو يصرخ: “استحالةٌ أنْ تكوني ملاك أنتِ شيطانة، شيطانة كصاعقة من السماء. فسارع (قاسم) بكسر الباب ليفاجأ بشيء جعله يقول: “مش معقول!”. وانهمرت دموع الأم التي ارتمت بأحضان (مودة) وهي تبكي من جديد وتردد: “ابني اللهم رد لي ابني يارب.”

قاسم يحاول إفاقه غازي وينادي عليه وهو بحالة غريبة أشبه بالتشنج ويردد كلمات غريبة، مثل: “أنا سيد عليك يا كوچا،اتركني يا كوچا.” وقف الجميع في ذهول إلا أنْ قال قاسم لملاك: “أنا تركت غازي وهو بكامل الوعي، وقلتِ لي لا تقلق، اذهب وأحضر والدته إلى هنا وسيكون أفضل معي. أليس هذا كلامك يا (ملاك)؟ وبنهاية المطاف خرج من الاكتئاب إلى التشنج ومنها للغيبوبة أهذه هي المساعَدة النفسية؟ أهذا هو اتفاقنا؟”

كان كلام (قاسم) قاسيًا وأبكى (ملاك) الذي ظلّت تُردّد وهي تبكي: “صحيح ولكن أعطِني فرصةً لأشرح لكم.”
فقاطعتها الأم: “قتلتم ابني. ضاع بسببكم، تعالى الصوت من الجميع، فالجميع يحاول تبرير أو حتى إمساك طرف الخيط لكشف لغز الموضوع الذي أصبح مليء بالغموض. الشقة مدمرة وظلت كما هي منذ الحادث الذي ادي لموت بلسم حيث كان غازي يعيش بشقه والدته بعد الحادث حيث أغلقت الشرطة ملف القضية. وبالتاكيد كما أشرت سابقًا الإغماء نتيجةَ ما تذكره من ألم بالتأكيد، واعتبرت ما حدث بسبب الإهمال وأخضعت غازي للعلاج النفسي ومحاولته الانتحار لعدم تحمله ما حدث لزوجته الحامل من حادث مروع وكان غازي قد انتهى من علاجه النفسي منذ أسبوع مضى. وأغلقت القضيه باعتبارها تماس كهربائي أدى لحريق.

وظلت ملاك تردد: “سامحني يا غازي آسفة. وقاسم بكل صرامة يخاطب (ملاك): “انطقي حصل ايه؟” بكاء بلا رد. الارتباك سيد الموقف الآن. إلى أنْ قطع هذا الارتباك صوتٌ حاد جدًا مجهول المصدر. يقول: “هدوء واسمعوني أنا!”
يقف الجميع في ذهول يقطعه قاسم بقوله: “من أنت يا صاحب الصوت اللعين؟”
فيقاطعه صوت الشيخ (ناصر الدين مجاهد)، قائلًا: “مازلت متسرعًا يا قاسم لا تتغير أبدًا. صوت من يا بني؟ لا يوجد حولك إلا مكان مدمَّر وأنا، أتقصد صوتي هو من فزعك؟ فرد قاسم في خجل: “آسف يا مولانا. لا، لم يكن صوتك مطلقًا، ولا صوت أحد من الموجودين، ولكنه أفزعنا جميعًا. اعذُرْني، الوضع فاق التحمُّل.”

وتناول قاسم حبات من المهدىء لعلّها تلطِّف من الارتباك قليلًا، ومسح عرقه. فقال الشيخ: “لا عليك يا بني، ليلطف الله بنا جميعًا. لقد أحضرت لكم طبيبًا موثوقًا به؛ ليفحَص غازي قبل أنْ يُنقل للمستشفى.”
فردت والدة غازي: “وجودك أنقذنا يا شيخ ناصر.”
تاركين غازي بهذه الوضع ويتشاجرون، لا فائدة فيكم. وانهارت الأم باكيةً، بعد أن حاولت إيقاظ ابنها بلا فائدة. إلى أنْ قاطعها د.خالد قائلًا: “من فضلك يا أمي اهدئي، سأفحصه حالًا.”
وبدأ يفحصه بعد أن ترك الجميع الغرفة بأمر الطبيب، إلا قاسم ظلّ يقول: “لن أخرج إلا بعد أنْ أعرف من صاحب الصوت الحاد.”
فردت (مودة): “لا صوت. هذا صوت جنونك. فقط اخرج.”
فردّ: “والله لا أمزح أنا صادق. وأنتِ يا مودة سمعتيه أيضًا، فكيف يكون خيال؟”
فقالت: “ربما كان صوتُ تلفازٍ أو أي جارٍ قريب منا ليس شرطًا أن يكون الحديث موجهًا لنا. فقال قاسم: “لا الصوت كمان.”
وقبل أنْ يستكمل الحديث جذبته مودة للخارج قائلةً: “اصمت وكُفّ عن خيالاتك تلك. هذا ليس مجال مناسب على الإطلاق كما ترى.” سكت قاسم وخرج ولكنّه ظَلّ مصدقًا أنه كان هناك صوت بالفعل وأنّ وراءه سر يحاول أحدٌ إخفاءه. الجميع بالخارج يدعو الله ويترقب والأم المسكينة تخشى رصاصة الرحمة؛ وهي إعلان وفاة (غازي) ولكنْ حدث خلافُ ذلك. مرّ وقتٌ طويل والطبيب يفحص، والجميع في ترقب لسان حال الجميع ماذا حدث؟ والشيخ ناصر يحدّث الكل قائلًا: “غرفة مُدمَّرة من إثر حادث أمر معقول، ولكن من رسم تلك النقوش؟”

وقاسم بكل صرامه يخاطب (ملاك): “انطقي حصل إيه؟”
“الغريبة مرة أخرى؟” وماذا حدث ليصل غازي لهذه الحالة خصوصًا أنه كان معك أنت فقط يا ملاك فيما وصلنا جميعًا الآن. ومن أعاد لصق صور ذكريات غازي وبلسم؟ بالرغم من أنها مع والدة غازي، فقط هي من كانت تحتفظ بنسخ بديلة لكل صور ابنها فكيف وصلت للشقة؟ وتم وضعها بالشكل الذي كان عليه سابقتها المحترقة، بالرغم من وصول الأم معنا فمن فعل كل هذا! فردت ملاك: “أنا مش متهمة، أنا سأذهب. أراكم بخير.”

وكانت عليها علامات الارتباك فقال الشيخ ناصر: “هذا ليس تحقيقًا أو اتهام، إنها مجرد أسئلة.” واستكمل قاسم: “بما أننا أصدقاء غازي والأقرب له، فلابد من أنْ نساعده، فما نحن فيه يعتبر شروعٌ جديدٌ في قتل غازي بعد أن أوشك على التعافي من حادث موت بلسم. هذه هي المرة الثانية لتكرار نفس الحريق والنقوش، ولكن دون موت غازي هذه المرة.” فسارعت الأم بصفعه قائلةً: “تفاءل يا غراب.”
فقال: “لم أقصد. أنا آسف، خانني اللفظ وبطبيعة الحال لم يستبعد الشيخ ناصر فرضية القتل، لكن ينتظر رأي الطبيب الذي خرج وعليه علامات الدهشة، ويردد :”استحالة وغير ممكن! ما رأيته أغرب من الخيال واستكمل قائلًا: “كل الأجهزة بجسمه تعمل بكفاءة. لكن لا يستطيع العودة للوعي وكأن شيئًا مفزعًا أقوى من طاقة تحمُّل عقله؛ تمنعه بقوة من ذلك، وأيضًا جروح الجسد تشير على أنه وضعٌ لم يكن خيرًا على الإطلاق.”

وما أنْ سمع قاسم ذلك الكلام إلا واحتد النقاش بينه وبين الطبيب خالد قال قاسم: “كيف؟ المريض بخير ولا يستطيع العودة للوعي؟ وماذا عن المخ؟ ذهب في غيبوبة من تلقاء نفسه؟” فرد خالد: “أسوأ منَ الغيبوبةِ بكثير، وكأنّ شيئًا شديدَ الرعبِ سيطر عل عقله ويمنعه من العودة للوعي.”
الأمرُ شديدُ الغموضِ والتعقيد نقل غازي للمستشفي سريعًا وصُنِّفتْ الحالةُ بغيبوبة عميقة. ولكن خالد كان غير مقتنع وكان دائمَ البحثِ ليعرفَ سببَ وجودِ جروحٍ بجسد غازي، وكأنّه تعرَّضَ لضربٍ مبرحٍ أو شجارٍ، وعلاقتها بما هو عليه الآن خصوصًا وأنّ ملاك كرّرت تأكيدها بأنه لم يكن هناك أي شيءٍ خارجًا عن نطاق تجمُّع الأصدقاء للتخفيف عن غازي ألم فقدانه لبلسم، وأّن كل شيء كان بتخطيط مشترك بينها وبين قاسم.
الكل في حيرةٍ شديدةٍ. والسؤال الأبرز من فعل هذا؟ وكيف؟ ولصالح مَنْ؟
والشك أصبح سيدَ الموقفِ حاليًا. وأربعٌ وعشرون ساعة ليست مُهمة وخطيرة على غازي فحسب، ولكن للجميع أيضًا.
“يوجد خائن بيننا، فمن هو؟”
الساعات الأربع وعشرون تمرّ ثقيلة، ليس فقط على غازي وحده ولكنْ على أصدقائه أيضًا.
الكل أصبح داخل دائرة الشك والكل متهمٌ أمام والدة غازي، ويتحملون المسؤوليةَ أمامها إلى أنْ يَثبُتَ العكس.

الوضعُ الطبيُّ لغازي سيءٌ لا تحسُّن بالحالة، وكل الطاقم الطبي بقيادة د.حسين رضوان يعمل كخليةِ نحلٍ حتى يشفى غازي ويعود للوعي؛ لكي يُحَل ذلك اللغز، ويُرفَع عن أصدقائه الاتهام. وبعد محاولاتٍ عديدةٍ استفاق غازي من غيبوبته وهو يردد: “سأنتقم منك يا كوجا أنت من قتلت بلسم وقتلت طفلتي.” وتارةً يصرخ: “لا، أنا لستُ بقاتل!” وسط ذهول الجميع.

وبعد أن ارتوت الأم برؤيةِ ابنها مرة أخرى، بعد أن ظنَّ الجميع أنه بعداد الأموات حان وقت الإجابة على السؤال: “ماذا حدث يا غازي؟” ، فردَّ بنفس الإجابة: “كوچا وليلاس قتلا زوجتي الحامل، أنا لم أفعل شيء.” فرد الدكتور حسين رضوان: “من هؤلاء؟ أشخاصٌ تعرفهم؟ أم أسماءٌ حركيّةٌ لمجموعةٍ خطفتهم مثلًا؟ أرجوك وضّحْ أكثر.” فأصر غازى على عدمِ الكلام إلّا بحضور الشيخ ناصر وعلى انفراد. فلبّى الطبيب طلبَه بعدَ مشاورات، وأخذ الاحتياطات التي تضمن عدم تكرار انهياره العصبي وغيبوبته مرة أخرى.

دخل الشيخ ناصر على غازي الذي بادره بالارتماء بحضنه وأجهش بالبكاء مرددًا: “الله حرمني من بلسم روحي ونبض قلبي، ماتت زوجتي يا شيخي.” فظلّ الشيخ يذكّرُه بالصبر وأجره عند الله وأنّ لقاءه بزوجته وطفلته سيكون بالجنة. وما أنْ سمع غازي هذا الكلام إلّا وانفجر صارخًا سأدخل النار وأخلُدُ فيها.” فقاطعه الشيخ ناصر: “الله يغفر ويرحم وأرْحَم مما تتصورُ عقولُنا. اهدأ.” فصرخ غازي: “أنا قتلت زوجتي بسببه.” فرد الشيخ: “بسبب من؟ قُلْ ولا تخَفْ.”

فردّ غازي: “كوجا وليلاس وكتاب الظل الأسود. منذ أنْ اشتريتُ هذا الكتاب الملعون، بسبب فضولي تدمّرتْ حياتي وأصبحتُ لا أطيق حياتي، صرتُ أصرخ كل ليلة والنار تشتعل بجسدي أعَذَّب دون أنْ يشعر بي أحد. أصبحتُ ممنوعًا عن أي شيء. فقط كنت راهبًا لهذا الكتاب فقط. كانت بدايةُ الأمر عاديةً وكانت بإرادتي، ولكنْ أصبحتُ بعد ذلك مرغمًا.”
فقال لهُ الشيخ: “صِفْ لي شكلَ هذا الكتاب. وكيف تعرفت على ليلاس وكوجا، ولكن غدًا لأتركك ترتاح اليوم.”

البقيّة في الجزء التالي.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: محمد إبراهيم

تدقيق لغوي: أبرار وهدان

اترك تعليقا