مرحلة الانقراض الكبرى السادسة؛ حرائق الأمازون ليست البداية

الأرض، الكوكب الوحيد الذي يحمل الحياة في الكون المنظور حتى الآن، لا يزال الكون يخبئ في طياته أسرارًا عديدة، ولكن سر الأسرار هو الحياة، الأرض تحمل من أشكال الحياة وتنوعها ما لا يخطر على بال، وما لا يوجد مثيل له في الكون حتى يكتشف العلم عكس ذلك، ولكن رغم ذلك يسعى البشر لتدمير هذا الكوكب، وتدمير الحياة وتنوعها، تعميهم أطماع لا تكتفي، ولا يرى أحدٌ لها نهاية، سوى بفناء البشر أنفسهم، ربما حينها تجد الطبيعة والأرض فرصةً للتعافي.

الإنسان البدائي والطبيعة والروح

“الحياة هي النار التي تحرق والشمس التي تمنح الضوء. الحياة هي الرياح والمطر والرعد في السماء. الحياة هي المادة وهي الأرض. ما يكون وما لا يكون، وما هو وراء الأبدية”.

لوكيوس أنّايوس سينيكا

كان الإنسان البدائي يعيش في بيئة تبدو بالنسبة له غامضة سحرية، عامرة بالأسرار والأرواح، فهو لا يعرف السر وراء السماء والأرض، ولا الشمس والقمر، ولا البرق والمطر، ولا غيرها من الظواهر الطبيعية سوى من خلال التفسيرات الأسطورية، وكان للحيوانات دورٌ في تلك الأساطير الدينية القديمة.

نبع تقديس الإنسان البدائي للحيوان من تقديسه لفكرة “الحياة” ذاتها، لم يفترض الإنسان البدائي أنه مميز، بل نظر إلى نفسه ككائن حي بين الكائنات الأخرى؛ الحيوانات والطيور، بل حتى الأشجار والأنهار الجارية، كلها تنضح وتفيض من المنبع ذاته، هم شركاؤه في الحياة على هذه الأرض، وذهب بعضهم إلى الاعتقاد بأن أشكال الطبيعة الجامدة كالصخور والجبال تحتوي على نوع من الروح أو الحياة.

الطوطم يمكن أن يكون طائرًا أو حيوانًا أو نباتًا أو ظاهرةً طبيعية أو مظهرًا طبيعيًا مع اعتقاد الجماعة بالارتباط به روحيًا.

حتى أشكال الحياة التي قد ينظر إليها الإنسان بخوفٍ ورهبة، لم ينظروا إليها باعتبارها شرٍ مطلق، بل حاولوا تلمّس جوانب الخير فيها. فحيوان زاحف سام مثل الأفعى نال نصيبه من التبجيل والاحترام، وكما عدّه البعض رمزًا للشر، فقد عده آخرون رمزًا للخير والخصوبة، ففي الحضارة المصرية القديمة نجد الثعبان أبو فيس أو أبيب رمز الشر الذي يبتلع الشمس في المساء ثم يصارعه في الصباح ويهزمه لتشرق الشمس من جديد، ولكننا نرى أيضًا واجيت حامية الملوك وحامية المرأة أثناء الولادة، وكان السكان الأصليون للأميركتين المعروفون باسم الهنود الحمر، يربطون الأفعى بالخصوبة والزرع والمطر والولادة، وفي بعض الثقافات كانت الأفعى رمزًا للحبل السري الذي يربط بين الطفل وأمه، أو يربط بين البشر وأمهم الأرض. وهنالك رمز أوروبوروس أو الأفعى التي تلتهم ذيلها، وهو رمز للحياة والموت، أو الأبدية والخلود عند الكثير من الديانات.

لوحة تخيلية للثعبان أبوفيس أو أبيب وهو يلتهم الشمس بريشة Jeszika Le Vye

ومن الجوانب الأخرى لتقديس الحيوانات والذي نجده في الطوطمية والشامانية هو تقديس الرمز أو القيمة الأخلاقية والاجتماعية التي يمثلها الحيوان، كالشجاعة أو الذكاء أو الحكمة، وكانت بعض العائلات في العصور القديمة تتخذ لها رمزًا حيوانًا من الحيوانات، كما كان العرب القدماء يحبون التسمية باسم الحيوانات مثل ثور وأسد وكليب، تيمنًا بالصفة التي يتمتع بها هذا الحيوان من قوة أو شجاعة. فمن الممكن القول إن تقديس الحيوانات عند الديانات القديمة، والتي لا يزال بعضها موجودًا في الزمن الحاضر مثل الهندوسية، هو ليس عبادة للحيوان ذاته، بقدر ما هو تقديس للحياة ذاتها، والروح، والمنبع الإلهي الذي انبثقت منه هذه الحياة.

إعلان

مكانة الطبيعة والحفاظ عليها في ثقافات القدماء 

“رأيت مرة في منامي أني فراشة ترفرف بجناحيها في هذا المكان وذاك، فراشة حقًّا من جميع الوجوه. ولم أكن أعي شيئًا سوى سعادتي بكوني فراشة؛ غير مدرك لذاتي الإنسانية. ثم استيقظت على حين غفلة وها أنا ذا منطرح على الأرض رجلًا كما كنت، ولست أعرف الآن هل كنت في ذلك الوقت رجلًا يحلم بأنه فراشة، أو أنني الآن فراشة تحلم بأنها رجل”.

 جوانغ زي

قَدَّسَ الإنسان البدائي الطبيعة والحياة، فالإنسان البدائي لم يقتل الحيوان سوى ليأكل ويكتسي ويعيش، واعتبر ذلك جزءًا من دائرة الحياة، لم يقتل للتسلية، ولم يلوث الماء، ولم يحرق الأشجار. فعند شعوب الطوقان بأمريكا الجنوبية، وضعت قواعد دينية صارمة لصيد الحيوانات أو الأسماك، وربطت المعتقدات الدينية للطوقان بين كسر هذه القواعد وبين الإصابة بالأمراض. وكما قدس الانسان البدائي الحياة، فقد قدس الطبيعة التي يحيا فيها، فالأشجار أيضًا كان لها دورٌ دينيٌ هامّ مثل شجرة البلوط أو السنديان في الديانة الدرودية، وكذلك شجرة البتولا التي عدت رمزًا للخصوبة والأنوثة في العديد من الثقافات واعتقد السلافيون أن أرواح الغابة تحل في شجرة البتولا، كما أن للبتولا دورًا في طقوس الديانة الشامانية. وبجانب الأشجار والزهور فإن الأنهار والبحار والينابيع والآبار كان لها دورٌ في طقوس القدماء ومعتقداتهم، وتصوروا لها الأرواح والآلهة المختلفة.

لوحة تعبر عن روح الغابة والطبيعة بريشة الفنان Calder Moore

فالمصريون القدماء كانوا يقدسون نهر النيل، وجسدوه في صورة الربة عنقت وكان حيوانها المقدس هو الغزال، وشكلت ثالوثًا مع خنوم وساتت، وخنوم هو الذي يخلق أرواح البشر من الطين، وهو الذي جلب النيل إلى الحياة، أما ساتت فهي المسؤولة عن الفيضان السنوي وكانوا معبودين بشكلٍ أساسي في جنوب مصر والنوبة، وهناك الإله حابي إله الفيضان، فهو روح النيل وحركته، أي أنه كان فيضان المياه النابعة من نوو أو نون أي رقعة المياه البدائية المترامية الأطراف التي أقصيت عند الخليقة، إلى حافة العالم، والتي كان نهرها هو المجرى الدائم واهب الحياة. هذا التقديس للطبيعة والأشجار والأنهار جعل تلويث الأنهار أو حرق الأشجار من الآثام والذنوب،  ففي كتاب الموتى المصري أو كتاب الخروج في النهار الذي يحتوي على النصوص الجنائزية القديمة، في الفصل الذي يتحدث عن محاكمة الميت في الحياة الأخرى، يقول المتوفى مدافعًا عن نفسه ضمن أشياء كثيرة: “لم ألوث ماء النهر” و”لم أُسِئ استخدام حيوان” و”لم أحرم قطيعًا عن مرعاه”، فالحياة مقدسة عند المصري القديم، كما كانت مقدسة عند الكثير من الحضارات الأخرى، ناهيك عن أن بعض الديانات القديمة التي تؤمن بتناسخ الأرواح كانت ترى أن أرواح الحيوانات كانت بشرًا في عصور قديمة، وأن الروح التي تحل في حيوان الآن قد تحل في إنسان لاحقًا، ولم يسهم ذلك سوى في تعزيز احترامهم وتقديرهم للحياة الحيوانية.

الإنسان والآلة والهيمنة على الطبيعة

“الأرض تمنحنا ما يكفي لإشباع حاجة كل البشر، ولكن ليس ما يكفي لإشباع أطماع كل البشر”.

 مهاتما غاندي

مرت السنوات والقرون وآلاف السنوات، والجنس البشري يزداد تطورًا وتقدمًا، يخضع الأرض لرغبته وإرادته، فأخضع النار لتصير بين يديه سلاحًا مخيفًا لحرق الأشجار، وصنع الأسلحة الحادة ليسقط بها أكثر الحيوانات شراسة وضخامة فلم ينجُ منه حتى الماموث أو المستودون قبل أن يدفعهما إلى الانقراض، ثم تطور من الصيد إلى الزراعة وترويض الحيوانات، ومن العيش في الكهوف وفوق قمم الأشجار إلى بناء البيوت والمعابد، واستقر البشر في جماعات وظهرت الحضارات، ثم ظهرت الحروب وبرع البشر في صنع أدوات الحرب والحصار، وصار الإنسان هو السيد المهيمن على الأرض وما عليهما. ومن هنا نما الغرور داخل النفس البشرية، ونظر الإنسان إلى نفسه باعتباره فوق كل أشكال الحياة الأخرى.

لوحة تخيلية ثلاثية الأبعاد لامرأة تواجه حيوان المَامُوث الصُّوفِي

ورغم حفاظ الحضارات القديمة على طابع روحاني يحوط حضارتها، إلا أن الإنسان المعاصر قد خلع عن نفسه رداء الروحانية، ولم يعد من لغة سوى المادة والكسب بأي صورةٍ ممكنة، حتى لو كان الزمن هو اجتثاث الأشجار وتلويث الأنهار، وبلغ الأمر عتوَّه مع الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، فقد وصل الإنسان إلى ذروة عالية في التقدم لم يصل إليها أسلافه أو يحلموا به، لقد روض حتى الإلكترونات ليولد الكهرباء فيشغل بها الآلات الجبارة التي يشق بها الجبال ويجتث بها الغابات آلاف الهكتارات في اليوم الواحد. لقد صار الإنسان هو حامل البرق لا زيوس أو ثور.

بدأ الإنسان يسبر أسرار الكون، ويفهم الطبيعة من حوله بشكلٍ أفضل، ولم يعد ثمة أسرار روحانية، كل شيء يمكن تفسيره بالعلم، تحول كل شيء إلى معادلات وأرقام بحتة، فاتخذ كل شيء طابعًا علميًّا ماديًّا بحت، وانطمست الروحانية عند الكثير من البشر، لم يعد ينظر إلى الحياة من حوله سوى كشيء يستطيع استغلاله لتحقيق أكبر مكسب ممكن، لم يعد للروح مكان في قاموس الإنسان الحديث. ضج العديد من الأدباء من ذلك، وبدؤوا يهاجمون حتى العلم ذاته، ففي قصيدته بعنوان “سونيته من أجل العلم” يقول إدجار آلان بو مخاطبًا العلم:

العلم! أنت الابن الحقيقي للزمن الغابر،

يا من تُخضع كل شيء لعينك المحدقة!

لِمَ تقتات هكذا على قلب الشاعر،

أيها النسر، يا من جناحيه حقائق مضجرة؟

كيف يمكن أن يحبك؟ أو أن يراك حكيم،

وأنت لا تتركه في ترحاله يهيم

ليبحث عن الكنوز في السماوات المرصعة بالجواهر،

حتى وإن كان يحلق بأجنحةٍ بواسل؟

ومن الكتّاب المنهاضين للآلة أيضًا تولكين مؤلف سلسلة سيد الخواتم والتي يُظهر فيها الأورك الأشرار صانعي الآلات الحربية وهم يحرقون الأشجار ويلوثون الماء بلا اكتراث لما حولهم، وكان هذا تأثرًا بما رآه تولكين من أهوال في الحرب العالمية الأولى، ويقول في خطابه لابنه كريستوفر عندما كان جنديًّا في الحرب العالمية الثانية:

“تتضح هنا مأساةُ جميع الآلات والماكينات وإحباطاتها، فعلى عكس الفن الذي يكتفي بخلق عالم ثانوي جديد في العقل، تحاول الآلات أن تخلع على الرغبة طابعًا ماديًّا، ومن ثَمَّ خلق قوة في هذا العالم، ولا يمكن لذلك حقيقةً أن يتمَّ بأي رضا حقيقي، إن الآلات الموفِّرة للجهد لا تخلق سوى جهدٍ وشقاءٍ أسوأ لا نهايةَ لهما”.

ولكن هؤلاء المناهضين لتدمير الطبيعة هم قلة وسط بلايين البشر الذين لا يكترثون سوى بيومهم وغدهم على أقصى تقدير، لا أحد يفكر كيف سيكون شكل الكوكب بعد عشر سنوات، أو خمسين، أو قرن؟ هل نترك كوكبًا صالحًا للحياة من أجل الأجيال التالية؟ أم نحكم عليهم بالموت والفناء؟

مرحلة الانقراض الكبرى السادسة 

“قد تؤدي حضارتنا المتقدمة المزعومة إلى تغيير التوازن البيئي الدقيق الذي تطور بشكلٍ معقد خلال فترة تفوق الأربعة بلايين سنة من الحياة على الأرض”.

 كارل ساجان

هذا العدوان الذي لا يتوقف على الطبيعة أدّى إلى خلل في التوازن البيئي، ونقص شديد في أشكال التنوع البيولوجي ففي البداية أزال البشر الغابات والبراري لخلق مساحة للزراعة، فأدى ذلك إلى انقراض ملايين الأنواع من النباتات والحيوانات، ثم ظهرت الصناعة والوقود الأحفوري كالفحم والبترول، ومن مساوئ الوقود الأحفوري هو تلوث الهواء والتسبب في الاحتباس الحراري الناتج بدوره عن الغازات الدفيئة التي تغلّف المجال الجوي وتمنع الانعكاس الحراري الصادر من الأرض من انتقاله إلى خارج الكوكب، مما يسبب ارتفاعًا في درجات حرارة الأرض، ويزيد التصحر والجفاف.

في الزمن الحاضر تحرق المنشآت الصناعية ومحطات الطاقة ووسائل المواصلات مليارات الأطنان من الوقود، يعني زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة بصورةٍ كبيرة، هذا إلى جانب عملية إزالة الغابات المطيرة التي تجري بوتيرة متسارعة ولا تبدو لها نهاية رغم صيحات المنذرين، يقول أكيم شتاينر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: “إننا خسرنا 130 مليون هكتار من الغابات من المطيرة منذ عام 1990، وإننا نشاهد انقراض عشرات من الفصائل مما يدفع النظام الإيكولوجي في الأرض إلى الهاوية”.

دب قطبي أصابه الهزال من الجوع ينظر بيأس إلى الجليد الذائب

وكلما ازداد التقدم البشري تسارعت وتيرة الانقراض، يقول العلماء إننا في القرن الماضي فقدنا 60% من أشكال الحياة على الأرض، من الثدييات والزواحف والطيور والأسماك وغيرها، بسبب استقطاع الغابات المطيرة وتلويث الأنهار والمحيطات، ويرى العلماء أن البشر يساهمون في انقراض نسبة1% من الحياة كل عام، وأننا نعيش الآن في المرحلة السادسة من “مراحل الانقراض الكبرى” أو انقراض العصر الهولوسيني وهو العصر الذي بدأ منذ 10 آلاف سنة ويشكل جزءًا كبيرًا من تاريخ الحضارة البشرية على الأرض، وقد سبقته مرحلة الانقراض الخامسة أو انقراض العصر الطباشيري-الثلاثي الذي شهد انقراض الديناصورات من 65 مليون سنة والذي استمر خلال العصور: الترياسي والجوراسي والطباشيري.

هناك مليون نوع يواجه خطر الانقراض الآن، فقد أثبتت دراسات علميَّة أجريت على مدى القرن العشرين أنَّ مُعدَّل الانقراض السنويِّ للمخلوقات الحية على كوكب الأرض يعادل حاليًا 1,000 إلى 10,000 ضعف المعدَّل الطبيعي، الذي توصَّل العلماء إليه من خلال دراسة سجل الأحافير. وتعد الأنشطة البشريَّة الحديثة وعلى رأسها الصيد الجائر وتدمير البيئة والتلوث المسبِّبات الرئيسية لهذا الانقراض، ممَّا يجعله أول انقراضٍ جماعي في تاريخ الأرض تتسبَّب به أنواع من الكائنات الحية نفسها.

 

المستقبل المظلم للبشر في وجه الاحتباس الحراري 

“آجلًا أو عاجلًا سيكون علينا الاعتراف بأن الأرض لها حقوق أيضًا، أن تحيا بلا تلوث. ما يجب أن يعرفه الإنسان هو أن البشر لا يستطيعون العيش بدون الأرض الأم، ولكن الكواكب تستطيع العيش بدون البشر”.

 إيفو مورالس

المخاطر التي يواجهها البشر لا تقتصر فقط على الاختلال بالتوازن البيئي والتنوع المذهل في أشكال الحياة، فالخطر يمتد إلى تلوث الماء والهواء وخصيصًا بعد الثورة الصناعية التي حدث في القرن الثامن عشر والتي دفعت بالاحتباس الحراري إلى التسارع بشكلٍ مهول. فالمصانع تنتج العوادم والغازات الدفيئة التي تساهم في رفع حرارة الغلاف الجوي كما أن مخلفات المصانع والمزارع الكبيرة تؤدي إلى تلوث المياه بشكلٍ كبير، وخصيصًا البلاستيك الذي لا يتحلل ويمكن بقاؤه لمئات السنوات، ويعزو العلماء 80% من الأمراض في الدول النامية إلى شرب الماء الملوث، كما أن ارتفاع درجة الحرارة سيؤدي إلى الجفاف مما سيؤدي بدوره إلى انخفاض نسبة الماء الصالح للشرب في الأرض، هذا بجانب اختلال إيكولوجي في الماء العذب ودورة المطر وزيادة الفيضانات وارتفاع نسبة الماء المالح لتتسلل إلى المياه العذبة الجوفية المخزنة في باطن الأرض.

البشر يتقاتلون على موارد الأرض المتبقية لوحة بريشة Jakub Rozalski

كما أن الاحتباس الحراري سيؤدي أيضًا إلى ذوبان القطبين وارتفاع منسوب البحار مما سيؤدي إلى غرق الأجزاء المنخفضة والمدن الساحلية، وحدوث موجات جفاف وتصحر كبيرة، وانتشار العواصف والأعاصير، وزيادة حرائق الغابات، كما سيؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية في العالم بعضها جديد، وبعضها قديم سيعود للظهور من جديد، مثل الملاريا والحمى الصفراء وحمى الوادي المتصدع والأريثروميلالجيا والبلهاريسيا وعمى النهر، وستنتشر هذه الأمراض بفعل الحالات الطقسية المتطرفة، مثل الجفاف الشديد أو الأمطار لوقتٍ طويل، وستؤدي الفيضانات لوجود بيئة خصبة لتكاثر البعوض، واللبوديات أو القراد ستتكاثر في درجات الحرارة الدافئة، كمان أن المحيطات الدافئة ستسمح بترعرع العوالق والطحالب السامة مثل المد الأحمر والكوليرا. وقد اكتشف العلماء مؤخرًا أن الاحتباس الحراري له أثر أيضًا على الصحة العقلية للإنسان، وهذا الأثر بجانب الكوارث الطبيعية والظروف البيئة والاقتصادية والحروب على الموارد البشرية القليلة المتبقية سيؤدي إلى ارتفاع حالات الانتحار إلى أرقام غير مسبوقة.

هكذا قد تبدو الأرض بعد انقراض البشر

لقد وصل البشر بسبب طمعهم وقصور تفكيرهم إلى وضع الكوكب بأكمله على حافة الفناء، ولكن التاريخ أثبت أن الأرض دومًا قادرة على التكيف والبقاء حتى لو احتاج هذا التكيف لملايين السنين، فلقد مرت الأرض بخمس مراحل انقراض كبرى من قبل، ومن يخسر دومًا هو الفصيل المهين على الأرض، إذا أراد البشر أن ينجوا فعليهم أن يفيقوا، أن يكفّوا عن محاولات تدمير الأرض، قبل أن يصير الجنس البشر مجرد أحفوريات تدل على أن هناك من عاش على الأرض ذات يوم، ثم حفر قبره بيديه وانقرض.

نرشح لك: عندما تصبح التنمية أداةً لقتل كوكب الأرض!

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: أحمد صلاح المهدي

تدقيق لغوي: أبرار وهدان

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا