الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر: ابتذال المبدأ.

لا يُطلَق مُصطَلَح الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر إلّا وتبادرت إلى الذِّهن معاني انتهاك الخصوصيّة، والتّسلُّط، وإجبار النّاس على الدّين، وكبت الحُرّيّات. بصفة عامّة فإنّ هذا المصطلح قد تعرَّض للابتذال والتّلوّث، لذا نحاول هنا إعادة التّعريف بهذا المبدأ، ونُبرِز صوره المُستنيرة، وأسباب ابتذاله، وشروط تطبيقه.

لماذا الأمر بالمعروف ؟

(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً…). [سورة البقرة – الآية ٣٠].

(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ…). [سورة ص – الآية ٢٦].

الإسلام يعتبر الإنسانَ خليفةَ الله في الأرض، خليفةً تقوم به القيم والأخلاق، فيقيمُ العدلَ ويرفع الظُّلمَ ويُعمِّر الأرضَ، هذه هي الأمانة الّتي أَبَتْ السّماءُ والأرضُ والجبالُ أن يحملنها، وحملها الإنسانُ.

لذلك كانت المَهام العُظمى للإنسان: تزكية النّفس، وعبادة الله، وتعمير الكون. وبالتّالي لا يكتمل إيمانُ المرء إن أراد أن ينعزل عن الواقع ويكتفي بالعبادة والذِّكر، بل أحد واجباته وفروضه هي عمارة الأرض، بما يتضمّنه من الانغماس في الواقع، والاهتمام بمشكلاته، ومتابعة أحداثه، ومقاومة الظُّلم، والتّعاون على البرّ.

إعلان

ولن يكتمل عُمران إلا بشرط ودعامة: الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر، ذلك هو شرط صلاح الأُمم ورهن خيريّتها.

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ…). [سورة آل عمران – الآية ١١٠].

لذلك قد أوجب الله على كلّ مسلم فريضة الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر، فلا يفوته معروف إلا وقد أمر به، ولا يمرّ أمامه مُنكَر إلا ويحاول منعه.

(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). [سورة آل عمران – الآية ١٠٤].

(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ…). [سورة التّوبة – الآية ٧١].

يقول “ابن حزم”: «اتّفقت الأُمّة كلّها على وجوب الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر بلا خلاف من أحدٍ منهم».(1)

وقد اعتبر “المعتزلة” الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر أصلًا من الأصول الخمسة للدّين.

ويقول “الغزّاليّ”: «إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر هو القُطب الأعظم في الدّين، وهو المُهِمُّ الّذي ابتعث الله له النّبيّين، ولو طُوي بساطه وأُهمل عمله، لتعطّلت النّبوّة، واضمحلّت الدّيانة، وفشت الضّلالة، وخربت البلاد، وهلك العباد».(2)

ويعتبر “بيجوفيتش” أنّ هذا المبدأ كافٍ لتعريف الإسلام، فيقول: «إنّ الإسلام هو دعوة إلى أُمّة تأمر بالمعروف وتنهى عن المُنكَر، أي تؤدّي رسالة أخلاقيّة».(3)

وقد أثار هذا المفهوم “مايكل كوك” حتّى كتب عنه مُجلَّدًا ضخمًا، وعقد في بدايته مقارنة بين هذا المفهوم في الغرب والإسلام، فقال: «ليس لدينا -نحن الغربيّين- في حياتنا اليوميّة مصطلح يشرح هذا الواجب، كما ليست لدينا نظريّة حول الأوضاع الّتي تنطبق عليها، والإرغامات الّتي تسقطه. إنّ القيمة الأخلاقيّة موجودة عندنا، لكنّها ليست من القيم الّتي أولتها ثقافتُنا صياغةً متطوّرةً ومتكاملة.

صحيح أنّ الحقوقيّين والفلاسفة يتناقشون حول الشّروط الّتي تُحتِّم علينا واجب الإغاثة، لكن ذلك النّقاش يتم ضمن نطاق ضَيّق بين أهل الاختصاص، ولا يمكن اعتباره ملكًا لثقافتنا في كلّيّتها. لم أسمع أنا شخصيًّا بذلك إلى أن انتبهت إليه في بحوثي عن الإسلام».(4)

    التّطبيقات   

أوّلًا: في السّياسة.

لا معروف أعظم من إقامة العدل والحُرّيّة والمساواة، ولا مُنكَر أبشع من الظُّلم والاستبداد، وما يَنتُج عن الاستبداد من تحريف الدّين، وهدم الأخلاق، وسجن العلماء، وتعذيب الأبرياء، وسرقة المال العام، واغتصاب الحُكم، لذلك فأولى غايات الأمر بالمعروف هي إقامة الحُكم الرّشيد العادل وإزالة الاستبداد الظّالم.

لذلك نَصَّ النّبيّ على أمر الحُكّام تحديدًا بالمعروف، ونهيهم عن المُنكَر، وقول الحقّ في وجوههم دون خوف أو جُبن، فقال:

سَيّد الشُّهداء، حمزة، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمره ونهاه، فقتله»(5).

«إنّ من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر».(6)

وقال عبادة بن الصّامت: «بايعنا رسول الله على السمع والطّاعة.. وأن نقول بالحقّ حيثما كُنّا، لا نخاف في الله لومة لائم».(7)

وقد كان المسلمون في الصّدر الأوّل لا تنقطع رقابَتهم على حُكّامهم، ولا يتوقّف نُصحهم ونقدهم، بل مقاومتهم وصَدّهم إن انحرفوا.

فهذا أبو بكر يقول في خُطبة البَيعَة: «أيّها النّاس فإنّي قد وُلّيت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني، أطيعوني ما أطعت اللهَ ورسولَه، فإذا عصيت اللهَ ورسولَه فلا طاعة لي عليكم».(8)

وقال عمر: «أرأيتم لو ترّخصت في بعض الأمر، ما كنتم فاعلين؟» فقال “مُحمَّد بن مسلمة”: «لو مِلْت عدلناك، كما يُعدَل السَّهم في الثّقاف»، فقال “عمر”: «الحمد لله الّذي جعلني في قومٍ إذا مِلْت عدلوني».(9)

ويُروى أنّ إبراهيم الصّائغ أتى _أبا مسلم الخراسانيّ” فوعظه، فقال له أبو مسلم: «انصرف إلى منزلك، فقد عرفنا رأيك». فرجع “إبراهيم” ثمّ تحنَّط وتكفَّن، وأتاه وهو في مَجمَع من النّاس، فوعظه وكلّمه بكلامٍ شديد، فأمر “أبو مسلم” بقتله، فقُتل وطُرح في بئر.(10)

وحين خطب المغيرة بن شُعبة وشرع في شتم “عليّ بن أبي طالب” وأصحابَه كما تعوَّد الأمويّون، وثب حُجْر بن عُديّ وقال له: «أنا أشهد أنّ من تذمّون وتُعيِّرون لأحقّ بالفضل، وأن من تُزكّون أولى بالذّمّ. مُرْ لنا بأرزاقنا وأعطياتنا، فإنّك قد حبستها عنّا، وليس ذلك لك، وقد أصبحت مولعًا بذمّ أمير المؤمنين»، فتعاطف النّاس معه حتى قام أكثر النّاس يقولون: «صدق والله حُجْر»، واستمرّت ثورة “حُجْر” وأصحابه حتّى قتلهم “معاوية”.(11)

وحين ورَّث معاويةُ الخلافةَ لابنه “يزيد” ، ثار الحُسين ورفض البَيعَة ليزيد، وقال: «قد نزل بنا ما ترون، إنّ الدّنيا قد تغيّرت وتنكَّرت، وأدبر معروفها، واستمرّت حتّى لم يبق منها إلّا صبابةٌ كصبابة الإناء، وإلّا خسيسُ عيشٍ كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحقَّ لا يُعمل به، والباطلَ لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، وإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة، والحياة مع الظالمين إلّا ندمًا»، وفضَّل “الحُسين” القتل على مبايعة “يزيد”، وبالفعل قتلوه وطافوا برأسه في المدائن. ورأس “الحُسين” أصبحت تحمل درسًا جليلًا: الكرامة خيرٌ من الحياة.(12)

وحين رأى وفدٌ من أهل المدينة فُجر “يزيد” وطغيانه، نقضوا بَيعـته وثار ضِدّه أهلُ المدينة، وقال “عبد الله بن حنظلة”: «والله ما خرجنا على “يزيد” حتّى خِفنا أن نُرمى بالحجارة من السّماء، إنّ رجلاً ينكح الأمّهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويَدَعُ الصّلاة، والله لو لم يكن معي أحدٌ من النّاس لأبليت الله فيه بلاءً حسنًا»، ودخل “يزيد” المدينة واغتصب نساءها، وقتل أطفالها، وسرق أموالها.(13)

وثار “عبد الله بن الزُّبير” ضِدّ “عبد الملك بن مروان” حتى قُطعت رأسه وصُلبت جُثَّته.

وظُلْمُ “الحَجّاج” وسفكُه للدّماء لم يمرّ دون مقاومة، بل ثار ضِدّه “ابن الأشعث”، وخطب في النّاس: «أيّها النّاس، ألا ترون هذا الجبّار – يعنى “الحَجّاج”- وما يصنع بالنّاس؟!

ألا تغضبون لله؟! ألا ترون أنّ السُنَّة قد أُمِيتت، والأحكام قد عُطِّلَت، والمُنكَر قد أُعلِن، والقتل قد فشا؟ اغضبوا لله، واخرجوا معي، فما يَحلُّ لكم السّكوت».(14)

فلم يزل يُحرِّض النّاس حتّى ثاروا معه، وكان أغلبهم من العلماء والقُرّاء حتى سُمّيت (ثورة القُرّاء).  

وثار “زيد بن عليّ” ضِدّ “هشام بن عبد الملك” حتى قُتل، ونهشوا قبره، وصلبوا جُثّته.

وثار “يزيد بن الوليد” ضِدّ “الوليد بن يزيد”، وانتصر عليه.

وثار “النّفس الزّكيّة” ضِدّ “أبي جعفر المنصور” حتّى قُتل.

كل هذا الإرث من المُعارَضات والاحتجاجات والثّورات في تاريخ أُمَّتنا كان تطبيقًا عمليًّا وتجسيدًا واقعيًّا لمبدأ الأمر بالمعروف.

يقول “علي شريعتي”: «كان أقلّ انحراف من الحكومة باعثًا كافيًا لتقاطُر النّاس على المسجد، وإثارة (صداع) عند الهيئة الحاكمة».(15)

ويقول “راشد الغنوشي”: «واجب الأُمّة رقابة الحُكّام، وأدلّة هذا الوجوب من الكتاب والسُّنّة والإجماع وسير الخلفاء كثيرة، وتدور كلّها حول المبدأ الإسلاميّ العظيم: مبدأ الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر، الّذي يُمثِّل بحقّ السُّلطة الرّابعة في الدّولة، السُّلطة القوَّامة على بقيّة السُّلطات، سلطة الأُمّة المباشرة، أي سلطة الرّأي العام عبر جهود الأفراد ومؤسَّسات المُجتمَع، من صُحُف ومساجد وجامعات ومراكز، إلخّ».(16)

ثانيًا: إغاثة المضطهدين.

الجهاد في الإسلام له دافعين:

١. الدِّفاع عن النَّفْس.

٢. الدِّفاع عن الغير:

لم يكتفِ القرآن بدفاع المسلمين عن أنفسهم، بل أمرهم أن يجاهدوا، ويُضحّوا بأموالهم وحيواتهم، ويتركوا أولادهم، وزرعهم، وتجارتهم، ويجاهدوا للدفاع عن المستضعفين، المضطهدين، مهما كان لونهم، ودينهم، ولغتهم، وقضيّتهم.

(وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ…). [سورة النّساء – الآية ٧٥].

فلو أنّ مُعتَدٍ اضطهد يهوديًّا ليُغيِّر دينَه، وجب على المسلمين -متى تمكَّنوا- أن يحاربوا المُعتدي ليرفعوا الظّلم عن اليهوديّ، ويتمكّن من التّعبُّد بدينه الّذي ارتضاه لنفسه، حتّى لا تكون فتنة، وحتّى لا يكون إكراهًا في الدّين!

يقول “القرضاويّ”: «المسلمون مدعوّون لإغاثة الملهوفين، وإنقاذ المستضعفين في الأرض من خلق الله، وإن لم يكونوا مسلمين، لأنّ رفع الظّلم والأذى عن جميع النّاس مطلوب من المسلم إذا كان قادرًا».(17)

(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). [سورة الأنفال – الآية ٣٩].

يقول “محمّد رشيد رضا”: «إنّ المعنى بتعبير هذا العصر: ويكون الدّين حُرًّا، أي يكون النّاس أحرارًا في الدّين، لا يُكرَه أحدٌ على تركه إكراهًا، ولا يؤذى ويُعذَّب لأجله تعذيبًا، ويدلّ على العموم قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [سورة البقرة – الآية ٢٥٦].».(18)

(…وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا…). [سورة الحجّ – الآية ٤٠].

على المسلمين أن يدفعوا أهل الباطل والظُّلم والاحتلال والاضطهاد، فتتحرّر المساجد والبِيَع والصّوامع، ويتعبّد كلّ امرئ بما يدين له بلا إكراه، وتلك سُنّة الله في الكون، لولا دَفْع الصّالحين للفاسدين لهُدِمَت دُور العبادة بكلّ أنواعها.

ولا تقتصر إغاثة المضطهدين في صورة الحماية العسكريّة للجيوش، بل على المستوى الفرديّ، ما كان لمسلم غيور صاحب مروءة وخُلُق أن يقف موقفًا يرى أمامه مظلومًا دون أن ينصره ويحميه، سواء في صورة إنقاذ فتاة من التّحرُّش، أو الشّهادة لصالح متّهم بريء، أو مساعدة محتاج، أو رعاية ذوي احتياجات خاصّة، إلخّ.

ثالثًا: في العلم

تدخَّل مفهوم الأمر بالمعروف في العلم، إذ ألزم العلماء بالدّعوة إلى كلّ معروف، بلا كتمان، والنّهي عن كلّ مُنكَر وانحراف في الفكر، بلا محاباة.

إن المتتبّع لتاريخ العلوم الإسلاميّة لا يكاد يجد مسألة إلا واختلف فيها العلماء، ويوجد أكثر من رأي، وأحيانًا أكثر من رأيين، وبهذه الخلافات يزداد العلم ثراءً واتّساعًا، حتى قيل: من لم يقرأ اختلاف العلماء لم يذق رائحة العلم.

هذا الاختلاف ينُمّ عن بيئة علميّة نقديّة لم تُهادِن وتحفظ وتكرّر، بل خاضوا معارك فكريّة، ولم يخشوا النّقد والرّدّ والجدال. ومن هنا راجت المناظرات، وتكوّنت الفِرَق، وتعدّدت المذاهب، واختلف أتباع المذهب الواحد.

مثلًا كَتَب “الجاحظُ” (فضيلة المعتزِلة)، فردّ عليه “ابن الرّاونديّ” الملحد بكتابه (فضيحة المعتزِلة)، فردّ عليه “الخياط” بكتابه (الانتصار والرّدّ على ابن الرّاونديّ الملحد).

وحتّى الديانات الأخرى والعقائد والفِرَق تفحّصوها وانتقدوها، فكتب “الأشعريّ” (جمل المقالات)، وكتب “المسعوديّ” (المقالات في أصول الدّيانات)، وكتب “ابن حزم” (الفصل في المِلل والأهواء والنِّحَل)، وكتب “الشّهرستانيّ” (المِلل والنِّحَل)، وكتب “الرّازيّ” (اعتقادات المسلمين والمشركين).

وفي علم الحديث لم يتركوا مُحدِّثًا إلا وتفحّصوا عدالته، ولم يهادِنوا في عدالة الرِّجال، فهذا “عليّ بن المدينيّ” يعلم أنّ أباه ضعيف في الحديث، والناّس تأخذ منه، فقال: «أبي ضعيف في الحديث».(19)

وهذا “أبو داود” يعلم أنّ ابنه كذّاب، والنّاس تروي عنه، فقال: «ابني كذاب».(20)

ابتذال المبدأ

انحدر مفهوم الأمر بالمعروف لمستويات من الابتذال والإسفاف والسّذاجة والعنف، فتشوّه المفهوم وأصبح عِبئًا على الدّين أكثر منه مُقوِّمًا للأخلاق.

أوّلًا: محاباة الحُكّام.

أوّل خطوات ابتذال المبدأ أن تملّص الحُكّام من تحت عباءته، فسادت الفتاوى الّتي تُحرِّم معارضة الحُكّام، وتُحرِّم الخروج عليهم، وتأمر بطاعة وليّ الأمر مهما فعل.

فنتج عن ذلك أن تعامى العلماء عن مُنكَرات الحُكّام، فتركوهم يُعذِّبون العلماء، ويقطعون الرّؤوس، ويغتصبون الحكم، ويورّثون الخلافة، ويسرقون الأموال، ويبنون قصورًا فخمة ليسهروا فيها مع الخمر والرّاقصات العرايا! وتفرَّغ العلماء لمُنكَرات الشّعب!

“يزيد بن عبد الملك بن مروان” أتى بأربعين شيخًا، فشهدوا له: «ما على الخلفاء حساب ولا عذاب»! (21)

ثانيًا: التّفرُّغ لمُنكَرات المرأة.

بعد أن عجز المجتمع عن إنكار مُنكَرات الحُكّام وأصحاب النّفوذ والمال، تفرّغ لإنكار مُنكَرات المقهورين والضُّعفاء. أو بصيغة صريحة: تفرّغ لمن يقدر عليهم.

وأضعف أفراد المجتمع هم النساء، لذلك تفرّغ مبدأ إنكار المُنكَر لتتبّع كلّ فعل وحركة للمرأة: ملابسها، شعرها، حجابها، نقابها، صوتها، عملها، اختلاطها بالرّجال، قيادتها للسّيارة، سفرها، خروجها من بيتها، عصيانها لزوجها، إلخّ! حتى بات المجتمع كلّه آمرين (المرأة) بالمعروف وناهين (المرأة) عن المُنكَر! وأصبحت الخُصلة الشّاردة من شعرها، ومقاس ملابسها من أولويّات الأمر بالمعروف!

ثالثًا: اختلال الأولويّات

عام 2002 نشب حريق هائل في مدرسة بنات في مكّة، وسارع الأهالي ورجال الإطفاء والمسعفين لإنقاذ الفتيات، لكن أعضاء من هيئة “الأمر بالمعروف” منعوا رجال الإطفاء والأهالي من إنقاذ البنات، كما منعوا البنات من الخروج، وأغلقوا البوّابات، والسّبب؟ لأنّ البنات غير محجّبات، فيحرُم خروجهنّ بلا حجاب! وكان نتاج ذلك وفاة 15 فتاة! (22)

أحد أهمّ سمات الجاهل: اختلال الأولويّات؛ إذ يقف على قمّة أولويّاته في إنكار المُنكَر: ملابس النّساء والاختلاط والخمر والغناء! وهي كلها تدور حول هاجس واحد: الجنس، فكل ما اقترب من المرأة، أصبح بالضرورة يُفضي إلى الجنس، وكلّ الجنس رذيلة، وبالتّالي فهو مُنكَر، ويجب منعه!

ورأينا البعض يقتحمون حفلات غنائيّة فيضربون الحاضرين، ويكسرون آلات العزف، ويهدمون المسرح!

حتى أنّ الشّرطة في عصر من العصور اعتبرت أحد أولويات المُنكَر: الزُّمّارات الّتي يلعب بها الصّبيان، فطاردت الصّبيان في الشوارع لتصادرها! (23)

وعام 2003 قرّرت هيئة الأمر بالمعروف في السّعوديّة منع الدّمية (باربي)؛ لأنها تُمثِّل إهانة للقيم الإسلاميّة بملابسها الفاضحة! (24)

رابعًا: هتك حُرمَة الحياة الخاصّة.

البعض اتّخذ مبدأ الأمر بالمعروف ذريعة ليقتحم حياة النّاس، ويفتش عن عوراتهم وزلّاتهم، كأنّه يعايرهم لا ينصحهم!

ويستخدم هذا المبدأ ليمارس دور المدرّس والأبّ والشّيخ، فيقول: أنت لا تعرف شيئًا عن الدّين، أنا أعرف، اتبعني!

وتجده تدخَّل في حياة النّاس الخاصّة كأنّه يديرها نيابة عنهم، لماذا لم تتزوّج؟ لماذا لم تنجب؟ لماذا لم تتحجّب زوجتك؟ لماذا تترك ابنك بحُرّيّته؟ لماذا تعمل في هذا المجال؟ لماذا ترتدين هذه الملابس؟ لماذا تقرأ هذا الكتاب؟

ثالثًا: الإلزام.

انحرف مفهوم إنكار المُنكَر من النصيحة المُهذَّبة إلى الإلزام والإجبار؛ فأبّ لا يقنع ابنته بالحجاب، بل يجبرها على ارتدائه! ومدير لا ينصح موظّفيه بالصّلاة، بل يحرجهم لأدائها!

رابعًا: حظر حُرّيّة التّعبير.

أكثر المجالات الّتي لا يمكن تصوّر أن يطالها الإلزام: مجال الفكر؛ إذ هو قائم على الاقتناع الذّاتيّ الدّاخليّ، لكن اعتبر البعض أنّ الدعوة للتّنصّر، أو نشر المذهب الشّيعيّ، أو نشر الرأي المخالِف عمومًا، من المُنكَرات، ويجب مصادرة الأفلام/ الكتب/ الصُّحُف الّتي تدعو للفكر الخاطيء ومحاسبة كُتَّابِها!

الضّوابط.

نظرًا لهذه الصّور المُبتذَلة والمُنحرِفة، كان لا بُدّ من وضع شروط للنّهي عن المُنكَر، منها:

أوّلًا: ألّا يؤدي إنكار المُنكَر إلى مُنكَر أكبر منه.

يقول “القرافيّ”(25)، و”ابن رشد”(26)، و”ابن الحاجّ”(27)، و”الدّسوقيّ”(28): «شرط النّهي عن المُنكَر: أن يأمن من أن يؤدّي إنكاره إلى مُنكَر أكبر منه».

وقد تخصّص علمٌ كامل في الفقه لدراسة المآلات والنّتائج قبل التّطبيق، (فقه المآلات)، وإن ثبت سوء النّتائج والمآلات، توقّف التّطبيق.

وأهمّ الأمثلة على ذلك هو إنكار مُنكَر الحكومات؛ فقديمًا كان إنكار مُنكَر الحُكّام الظّالمين يعني الثّورة المُسلَّحة على الحاكم وقتله، وهو ما قد يؤدّي إلى فساد أكبر، لذلك اختلف الفقهاء في حكم الخروج على الحكام.

في الحقيقة، الفقهاء كلّهم اتّفقوا على أنّ ظلم الحاكم ضرر، كما أنّ حمل السّلاح ضرر، والجميع بحثوا عن الأقلّ ضررًا، وهذا بالتأكيد يختلف باختلاف العصر والبلد والحاكم وقدرات المعارضة ووسائل الثّورة، لذا اختلفت مواقفهم، أو بمعنى أدقّ: اتّفقت رؤيتهم واختلف واقعهم.

أما في عصرنا الحالي، فقد باتت الثّورة المُسلَّحة هي ثورة تقاوم الجيش والشّرطة والقضاء ومؤسّسات الدّولة، وهي ثورة تستخدم أسلحة ثقيلة للقتال (طائرات – دبّابات)، فأصبحت كلّ ثورة مُسلَّحة تؤول بالضّرورة إلى انقسام في الجيش، وحرب أهليّة، وخراب للبنية التّحتيّة، وهدم لمؤسّسات الدولة.

وبالتّالي فالثّورة المُسلَّحة اليوم باتت دائمًا وأبدًا ضررها أكبر، لذا نرى عدم جواز الثّورات المُسلّحة حاليًا ألبتّة وإطلاقًا.

وما يباح فقط هو الثّورات السلميّة الّتي تستخدم الاعتراضات الإعلاميّة، والأحزاب المعارِضة، والرّقابة البرلمانيّة، والمظاهرات السلميّة، والإضراب عن العمل، والمقاطعة، والعصيان المدنيّ، بحيث تتناسب الوسيلة مع قدر المُنكَر.

ثانيًا: التّدرّج.

(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ). [سورة الحجرات – الآية ٩].

الدّرس المستفاد أنّه لا يجوز التّصعيد إلى وسيلة أعنف إلّا بعد استفراغ الجهد في الوسيلة الأخفّ، فإن بغت طائفة تجب محاولة الصُّلح السّلميّ أوّلًا، وإن لم يُجدِ نفعًا، نُضطرّ إلى التّصعيد.

ويقول “معاوية”: «إنّي لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني».(29)

ثالثًا: نصيحة أم إجبار؟

أحد النّقاط المحوريّة في مفهوم الأمر بالمعروف: متى نتدخّل باليد، ومتى نتدخّل باللّسان؟

هنا يجب التفريق بين المُنكَر الّذي يؤثر في الآخرين؛ مثل التّحرّش بامرأة، أو ضرب طفل، أو تخريب المال العام، أو تزوير الانتخابات، فهنا المُنكَر يقع على الغير، ويجب التّدخّل باليد، ومنع المُنكَر بالقوة، متى تمكَّن المرأ، أو على الأقلّ إخطار الشّرطة.

أمّا حين يكون المُنكَر مقتصرًا ضرره على صاحبه، مثل ترك الصّلاة، أو الإفطار في رمضان، أو خلع الحجاب، أو الكفر، فهنا لا يحقّ لأحد التّدخّل بالقوّة، وإنما يقتصر النّهي عن المُنكَر بالنّصيحة المُهذَّبة؛ ومما يثبت ذلك:

قسَّم العلماء الواجبات إلى قسمين: حقوق الله، وحقوق العباد. يقول “القرافيّ”: «فحقّ الله أمره ونهيه، وحقّ العبد مصالحه»(30)، ومن هنا كانت العبادات كالصّوم والحجّ هي حقّ الله، أما الزّكاة وحفظ العِرض ورد الدَّين فهي حقوق العباد. هذا التّقسيم جعل العلماء يفرّقون بين الفُتيا والقضاء، فالفُتيا تختصّ بإيضاح حقوق الله، وهي ذاتيّة الالتزام، إذ أنّ طبيعة الدّين الالتزام الذاتيّ، الّذي يحاسَب عليه الإنسان في الآخرة. أمّا القضاء فهو مُختَصّ بحقوق العباد، وهو القسم الّذي تتدخّل فيه الدّولة بسلطة القانون والإجبار؛ لأنّ حقوق العباد لا تُضمن إلا بسلطة تُفرض على النّاس.

يقول “القرافي”: «اعلم أنّ العبادات كلّها على الإطلاق لا يدخلها الحكم ألبتّة، بل الفُتيا فقط».(31)

ويقول “الغزّاليّ”: «معاصي اللّسان والقلب، وكلّ معصية تقتصر على نفس العاصي وجوارحه الباطنة لا يقدر على مباشرة التّغيير بها باليد».(32)

كما أنّ التّدخّل بالقوّة في العبادات والعقائد لا يخلق التزامًا، بل يخلق نفاقًا مقهورًا!

وإن كان الكفر -وهو أُسّ المعاصي- لا يجوز الجبر فيه، فما بالنا بالمعاصي الأقلّ؟

رابعًا: حُرمة الحياة الخاصّة.

يتضح من عدّة مواقف اتّخذها الإسلام أنّه يحترم الخصوصيّة الشّخصيّة، ويجعل لها حرمة وقدسيّة.

منع التّجسُّس:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا). [سورة الحجرات – الآية ١٢].

لاحظ الحزمة الأخلاقيّة الّتي شملتها الآية؛ فقد حفظت للحياة الخاصّة حرمتها على عدة مستويات:

منعت التّجسُّس والتفتيش وتتبع عورات النّاس.

منعت حتّى ذكر حياة النّاس بالمكروه والسّوء، واعتبرت هذه الغيبة من المُنكَرات.

منعت حتّى الظّنّ السّيّء في الآخرين.

وبذلك فالإسلام يرفع أيدي النّاس عن التّدخّل في خصوصيّات غيرهم وحياتهم الشّخصيّة الخاصّة، سواء باليد (التّجسُّس)، أو اللّسان (الغيبة)، أو حتّى الفكر (الظّنّ السّيّء).

تجريم التّجسُّس:

أباح الإسلام لصاحب البيت أن يفقأ عين من يتجسّس عليه، فقال النّبيّ: «لو أنّ امرؤ اطَّلع عليك بغير إذن، فخذفته بعصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح».(33)

الأمر بالسّتر:

حين أخبر “هزَّال” النّبيّ بحادثة زنا، قال له النّبيّ: «لو سترته بثوبك كان خيرًا لك».(34)

وقال: «من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة».(35)

وقال: «تعافوا الحدود فيما بينكم, فما بلغني من حَدٍ فقد وجب».(36)

ومن هنا ننتقل للسؤال: إن كان (النّهي عن المُنكَر) قيمة أخلاقيّة، كما أنّ (حرمة الحياة الخاصّة) قيمة أخلاقيّة، فكيف نوفِّق بينهما؟

هاتان القيمتان لا تلغي أحدهما الأخرى، بل تضبط كلّ منهما الأخرى، ومن هذه الضّوابط:

اتّفق الفقهاء على أنّ النّهي عن المُنكَر يشترط ظهور المُنكَر؛ فلا يحقّ لأحد البحث عنه والتّفتيش وراءه.

لكلّ مُنكَر طريقة تناسبه للإنكار؛ مثلًا إنكار مُنكَرات الحاكم تتمّ أمام النّاس في صورة معارضة شعبيّة وإعلاميّة، ومطلوب فضح جرائمه أمام الرّأي العام. بينما المُنكَر الّذي يرتكبه شخص في حياته الخاصّة، فالتّشهير به هو جريمة مستقلّة لا تجوز، ويجب أن ينحصر إنكار المُنكَر هنا في صورة نصيحة شخصيّة وودّيّة وسرّيّة.

من ينصح من؟

الواقع يشهد أنّ النّاس لا تتقبّل نصائح من أيّ أحد، لذا يجب أن تتوفّر علاقات شخصيّة تسمح بالنُّصح، فقد تقبل المرأة نصيحة عن ملابسها من امرأة صديقتها، لكن بالطبع لا تقبلها من رجل، أو امرأة لا تعرفها. وقد يقبل الرجل نصيحة في عمله من زميل العمل، ولا يقبلها من رجل خارج تخصُّصه. المُهمّ هو وجود علاقة تسمح بالتّناصح، وإلا ستتحوّل النّصيحة إلى تسلُّط وتدخُّل غير مرغوب فيه.

خامسًا: الفكر لا يُواجَه إلّا بالفكر.

إنكار الأفكار الخاطئة لا معنى له إلّا بالنّقد والتّبيان والبلاغ، وكلّ صورة للتّدخّل القانونيّ أو العنيف أو المُسلَّح ستؤول للحَجْر على الفكر، والإكراه في الدّين، وكبت الحُرّيّات.

وإن كنتَ مخلصًا حقًا في مواجهة الأفكار المنحرفة والمعتقدات الباطلة، فلترفع كتابًا وأذانًا بين النّاس بالحقّ، ولتُسلِّط الكتب والنّدوات والحوارات والمناظرات على الباطل ليدمغه. بهذا -وهذا فقط- يمكنك اقتلاع الضّلال من الرؤوس.

الأمر بالمعروف اليوم.

إنّ المفاهيم الإسلاميّة كي يكون لها موضع قدم في هذا العصر يجب أن تتّخذ لنفسها مؤسّسات وهيئات منظَّمة وقانونيّة ومعاصرة، فمثلًا البَيْعَة أصبحت انتخابات، وكتابة الدَّين أصبحت مؤسّسة الشّهر العقاريّ للتّوثيق، وأهل الحِلّ والعَقْد أصبحوا البرلمان، كذلك مفهوم الأمر بالمعروف يجب أن يتّخذ صورًا معاصرة وآليّات مؤثِّرة، وهو ما يتمثّل في عصرنا في صورة مؤسّسات العمل الأهليّ، مثل الأحزاب السّياسيّة، والجمعيّات الخيريّة، والأكاديميّات العلميّة، والأُسر الطّلّابيّة، والنّقابات العُمّاليّة.

نرشح لك: الكِنْدِيُّ فيلسوف العرب: كيف حاول التوفيق بين الفلسفة والدين؟

المصادر: 
1- (الفصل في المِلَل والأهواء والنِّحل - أبو حامد الغزّاليّ.) ج4 ص132.
2- (إحياء علوم الدّين - أبو حامد الغزّاليّ.) ج2 ص306.
3- (الإسلام بين الشّرق والغرب - علي عزّت بيجوفيتش.) ص57.
4- (الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر في الفكر الإسلاميّ - مايكل كوكّ.) ص25.
5- (المستدرَك على الصّحيحين) ج3 ص215 رقم (4884).
6- (المستدرَك على الصحيحين) ج5 ص708 رقم (8590).
7- (صحيح البخاريّ) ج9 ص77 رقم7.
8- (البداية والنّهاية - ابن كثير.) ج8 ص89.
9- (الزُّهد - ابن المبارك.) ج1 ص17.
10- (الطّبقات الكبرى - الشّعرانيّ) ج7 ص262.
11- (تاريخ الطّبريّ) ج5 ص254، (المنتظَم في تاريخ الملوك والأمم) ج5 ص241، (الكامل في التّاريخ) ج3 ص69، (البداية والنّهاية) ج11 ص229، (تاريخ ابن خلدون) ج3 ص13، (سير أعلام النُّبلاء) ج3 ص462، (أنّساب الأشراف) ج5 ص242، (الفتنة الكبرى) ج2 ص28. 
12- (تاريخ الإسلام) ج5 ص12.
13- (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) ج6 ص19.
14- (الأخبار الطّوال) ص317.
15- (بناء الذّات الثّوريّة - عليّ شريعتي.) ص76.
16- (الحُرّيّات العامّة في الدّولة الإسلاميّة - راشد الغنوشي.) ج1 ص270.
17- (فقه الجهاد) ج1 ص456
18- (تفسير المنار) ج9 ص553
19- (المجروحين لابن حبّان) ج2 ص15
20- (ميزان الاعتدال) ج2 ص433
21- (تاريخ الخلفاء) ص184
22- ميدل إيست (مقتل الطّالبات في حريق في مكّة: اتّهام «المَطَاوِعَة» بأنّهم وراء الكارثة) http://bit.ly/2S48CYH ، https://bbc.in/2Uwmht2
23- (الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكَر في الفكر الإسلاميّ) ص818.
24- 
25- (الفروق) ج2 ص255.
26- (البيان والتّحصيل) ج9 ص360.
27- (المدخل) ج1 ص71.
28- (الشّرح الكبير) ج2 ص174.
29- (أنساب الأشراف) ج5 ص21، (تاريخ دمشق) ج59 ص173.
30- (الفروق) ج1 ص140.
31- (الفروق) ج4 ص38.
32- (إحياء علوم الدّين) ج2 ص303.
33- (صحيح البخاريّ) ج9 ص11 رقم (6902).
34- (المستدرَك على الصحيحين) ج4 ص403 رقم (8080).
35- (صحيح البخاريّ) ج3 ص128 رقم (2442).
36- (المستدرَك على الصحيحين) ج4 ص424 رقم (8156).

 

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: خالد باظة

تدقيق لغوي: عمر أسامة

اترك تعليقا