قياتي عاشور يكتب: الإرهاب فكر لا يتم محاربته الإ بفكر

تطالعنا الصحف والاخبار عن سقوط ضحايا تفجير لكمين أو اشتباك مع مسلحين، الإرهاب الغاشم يضرب كل مفاصل الدولة فيستهدف دور العبادة المساجد والكنائس تارة ومناطق المدنيين ونقاط التمركز الأمني تارة اخرى، وتسارعت وتيرة العمليات الإرهابية التي تشهدها مصر خلال الفترة الماضية بما يخلق جواً عاماً من الخوف الذي يهدد أمن واستقرار المجتمع.

في البداية نشير أن معالجة الإرهاب لا تتم بمضاعفة قمع الرأي الاخر وانفاق المزيد من الثروات وتسليح قوات مكافحة الإرهاب بأحدث معدات القتال، بل بالوقوف على الأسباب الحقيقية ومعالجة الأمر بالحكمة والموضوعية، ولا يمكن أن ينتهي العنف في مصر الا بقيام البدائل الديمقراطية التي ترتكز على مؤسسات دستورية تحترم المواطن، وتشاركه القرار، وترفع مستواه الاقتصادي والثقافي وتقلل الفوارق الطبقية.

ومن المؤسف أن يكون المدخل الأمني هو المدخل السائد والوحيد في مواجهة الإرهاب والتطرف، إذ تبدوا المواجهة بين أجهزة الدولة والجماعات المتطرفة كما لو أنها ثأر متبادل بين الطرفين، فمن الواجب تحديث وتطوير جهاز الشرطة بكاملة وذلك لمواكبة التطورات الحديثة المتلاحقة في مجال الجريمة المنظمة وذلك بتحديث الإمكانات البشرية، وتطعيم الجهاز بأعلى الخبرات وأفضل القوى البشرية المتواجدة على الساحة مع إرسال البعثات واستقدام أفضل المعلمين لإيجاد القدرة على التميز والتفرد في مواجهة الإرهاب، وكذلك إيجاد أفضل الوسائل التكنولوجية وأدق الأجهزة الالكترونية السمعية والبصرية.

والحوارات الوطنية في مصر مطلب ضروري لأنها تضمن توثيق الصلة بين الدولة والمجتمع المدني، وتضمن كذلك إتاحة الفرصة أمام القطاعات المختلفة للإسهام بنصيب في صياغة التوجيهات السياسية، والمشاركة في مواجهه أزمات الامة.

لابد أن ندرك جيدا أن الإرهاب فكر لا يتم محاربته إلا بفكر فيجب أن يتجه الواقع التربوي إلى تعليم الطفل كيف يناقش، وكيف يعبر عن رأيه بحرية، وكيف يحترم آراء الآخرين، وكذلك يجب التركيز على فلسفة المشاركة في جميع مراحل التعليم، وذلك من خلال خلق ملكة التفكير الخلاق والنقدي، والحوار المبني على التحليل والاستنباط، واحترام الرأي الآخر، والايمان بالمشاركة الفعالة في قضايا المجتمع، فضلا عن غرس المبادرة لدي الطلاب من خلال الحوار والاقناع وليس التخويف والعقاب.

إعلان

والاهتمـام بأساليب ومؤسسات التنشـئة الاجتماعية ابتداء مـن الأسـرة والمدرسـة والمسجد والإعـلام، ووضع البرامـج اللازمــة لتوعيــة تـلك المؤسسات بأسـاليب التنشـئة والتربيـة السليمة لإعـداد مـواطنين صالحـين أخلاقياً وفكريـاً ونفسـياً وغـرس قيـم الــولاء والانتمــاء للوطن. ويجب على جميع الأجهزة أن تعمل معا في محاربة الإرهاب ومكافحته فلا يجوز أن يقوم بالدور الجهاز الأمني فقط فأين دور كل من الأوقاف والتعليم والشباب والرياضة؟

يجب إجراء دراسات رأي عام ودراسات كيفية متعمقة على المجتمع السيناوي والسماع لهم لأنه البيئة الحاضنة للإرهاب وتقديم حلول واقعية بناء على دراسات علمية معمقة، وإشراك الشباب السيناوي بالعديد من المعسكرات وزيارات داخل محافظات الدلتا حتى ينخرط مع شباب أخرين، وتأهيل البعض منهم تأهيل كوادر رجال دولة يكون لهم تأثير في المستقبل.

ودور الشباب هنا هو أن يحاول أن يفهم التنظيمات والحركات بشكل أكثر صحة، وألا ينساق إلى أي تنظيم أو حركة حتى وإن كانت تدغدغ هذه الحركات مشاعره بكلماتها وعبارتها المتفجرة ، وأن يبتعد عن كل ذلك وأن يجعل من الموضوعية والشفافية هما الأساس لفهم أي فكرة تدور في الشارع، و ألا يجعل العنف هو أول الحلول ولا حتى أخرها، ولكن الحوار هو أول الحلول وأخرها والسؤال الموجة للشباب المصري أليس العيش لخدمة قضية عبر المطالبة بها والضغط السلمي لتنفيذها أفضل بكثير من الموت بداخل سيارة مفخخة، إن إيمان الشباب ونقصد هنا الشباب المنتمين لتنظيمات وحركات عنف أن ينزعوا إلى السلم ففي السلام توجد مكاسب أكثر من الحرب والدمار.

مساهمة من قياتي عاشور

 

إعلان

اترك تعليقا