تحف معمارية تخليدا لذكرى قصص الحب

“أرجمند بانو بجيم”، اسم عند ذكره لا يعلم الكثير منا من تكون صاحبته، إنها هي من ترقد في الضريح المشهور “تاج محل” في الهند، كانت “أرجمند” ثالث زوجات الامبراطور الهندي المسلم “شاه جهان” وأكثرهن قربا منه، إذ كان يحبها حبا شديدا. فكانت دائمًا بجانبه في جلساته، مع وزرائه، في سفره وحتى في حملاته، مطلقا عليها اسم “ممتاز محل” والتي تعني «جوهرة القصر» باللغة الهندية. وعند وفاتها سنة 1631، قرر الإمبراطور تخليد ذكراها ببناء ضريح “تاج محل” لفرط حبه لها.

ليتحول اليوم لمزار من قبل آلاف السياح من مختلف أنحاء العالم وايقونة للعشق الخالد في تحفة معمارية رائعة.

غير أن تاج محل لا يعتبر التحفة المعمارية الوحيدة التي خلدت قصة حب عظيمة، بل هناك العديد من الآثار على غراره في أنحاء أخرى من العالم.

 1- قلعة جون بولدت – الولايات المتحدة الأمريكية

تقع قلعة بولدت في جزيرة القلب في خليج الإسكندرية في نيويورك. ويرافق تاريخ هذا المبنى الجميل قصة مأساوية. ففي سنة 1900، قام جورج بولدت، صاحب فندق والدورف أستوريا الشهير في مدينة نيويورك بتكليف فريق من أكثر من 300 عامل لبناء قلعة من 120 غرفة كهدية لزوجته لويز. كان حبه لزوجته عظيما لدرجة أنه لم يبال بالحجم الهائل لنفقات التصميم والإنجاز، والتي شملت أنظمة النفق والحدائق الإيطالية، وكذلك جسر.

إعلان

توفيت لويز بولدت في عام 1904، جراء ضعف في عضلة القلب فأمر جورج أن يتوقف البناء فورا لكونه غدا عاجزا على تخيل العيش في قلعته العظيمة دون حب حياته، فتخلى بولدت عن المشروع ولم يعد أبدا إلى الجزيرة ليبقى المبنى مهجورا لمدة 73 عاما كنصب تذكاري لم ينته أبدا في حالة سيئة عرضة للأمطار والرياح والمفسدين.

في عام 1977 قررت السلطات الأمريكية رصد أموال ضخمة على مدار سنوات بهدف ترميم القلعة وفتحها للعموم. وأطلقوا عليها لقب «قلعة الحب» في خطوة لاستعادة مجدها كرمز للحب فأصبحت قبلة لآلاف الأزواج والمحبين كل عام لكي يحتفلون بزفافهم ويعقدون قرانهم فيها.

2- قلعة الغموض – أريزونا- الولايات المتحدة الأمريكية

تقع قلعة الغموض في سفح جبل ساوث بارك في فينيكس،بولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد شيدت سنة 1930 على يد رجل يدعى بويس لوثر جولي. وهو في الأصل من سياتل، كانت له ابنة تدعى ماري لو، التي كثيرا ما كان يروي لها حكايات حول القلاع. حتى انه وعدها ببناء قلعة لها يوما ما. ولكن جولي أصيب بداء السل المميت عندما كانت ماري لو في سن الخامسة، فقرر الرحيل لأريزونا دون أن يخبر ابنته أو بقية عائلته كي لا يروه على فراش الموت. هناك اقتنى جولي قطعة أرض صغيرة وقرر تشييد قلعة عليها بنفسه على  مدى 16 سنة من الرمال والمعادن و الحجر والاسمنت وقطع غيار السيارات. و في عام 1945، تلقت ماري لو في سن 22 سنة ، رسالة من والدها، كتبها وهو على فراش الموت، ليخبرها بأنه شيد لها قلعة وفاءا لوعده لها.

انتقلت ماري لو وأمها من سياتل إلى أريزونا للإقامة في القلعة التي تتكون من 18 طابقا من الحجر مليء بالمقصورات السرية المحشوة بالقطع النقدية والمجوهرات وحتى شذرات الذهب. وأصبح يأتي إليها الزوار من جميع أنحاء العالم ليشاهدوا التحفة المعمارية التي خلدت حبا أبويا جارفا لابنته. توفيت ماري لو عام 2010، لتبقى القلعة مزارًا سياحيًا حتى الآن.

3- قلعة دوبرويد – انجلترا

وقع جون فيلدن, الذي كان ابنا لمالك طاحونة ثري, في حب فتاة من الطبقة العاملة تدعى روث ستانسفيلد. وعندما طلب منها أن تتزوجه، وافقت شريطة أن يبني لها قلعة عربونا لحبه لها. ثم تزوجا في عام 1857، وعام 1866, تعاقد فيلدن مع المهندس جون جيبسون لتصميم وبناء القلعة التي تضم 66 غرفة، إسطبل لـ17حصانا، كما تم نقش الأحرف الأولى لأسميهما في اثني عشر موقع في جميع أنحاء المبنى كلفتة من الحب.

بعد عدة أعوام, أرسل فيلدن زوجته إلى سويسرا لكي تتعلم فنون الإتيكيت وتندمج في الحياة الاجتماعية الراقية. ولكن تجر الرياح بما لا تشته السفن إذ توفيت روث بعد عودتها من السفر بفترة وجيزة. وبالرغم من مواصلة جون العيش في القلعة وزواجه مجددا, لكنه تعرض فيها لحادثة اليمة اصيب بعدها بشلل تام بقية حياته اثر سقوطه من صهوة جواده ليبقى مقعدا حتى وفاته سنة 1893.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت قلعة دوبرويد مدرسة للبنين، ثم مركز بوذي، ومؤخرا مركزا لأنشطة المجموعات المدرسية.

4- قلعة المرجان – فلوريدا – الولايات المتحدة الأمريكية

عند وقوفك على مدخل قلعة المرجان ستجد حجرا نقش عليه “سوف ترى إنجازا غير عادي”.

عام 1913, كان إدوارد ليدسكالنين يبلغ من العمر 26 عاما ويعيش في ريغا، لاتفيا، عندما ارتبط بحب حياته، أغنيس سكوفس، التي كانت آنذاك تبلغ 16 سنة. قبل يوم واحد من حفل زفافهم، قررت أغنيس ايقاف اتمام مراسم الزفاف. وهو ما أغرق أدوارد في حزن شديد فقضى عدة سنوات منتقلا بين كندا وكاليفورنيا وتكساس قبل أن يستقر في ولاية فلوريدا سنة 1918. وهناك قرر البدء في بناء نصب تذكاري لتخليد قصة حب غير متبادل.

بدأ إدوارد ببناء منحوتات صخرية مرجانية ضخمة في منزله في مدينة فلوريدا، ولكن في عام 1936 اشترى 10 فدادين من الأراضي المجاورة في مكان قريب من البيت ونقل المشروع إليه. بحلول عام 1940، كان قد شيد بمفرده مجموعة كاملة من الأبراج والنوافير والأثاث المزخرف، والمنحوتات التي بلغت حوالي 1100 طن من الصخور المرجانية باستخدام أدوات بدائية فقط وسلسلة من البكرات والرافعات.

  1. قلعة عش السنونو أوكرانيا

تربض القلعة المعروفة باسم “عش السنونو” على حافة جرف يطل على بحر القرم جنوب أوكرانيا. في بادئ الأمر، سنة 1895، وقع تشييد المبنى الأصلي من الخشب وكان يعرف باسم “قلعة الحب”. ولكن لا يعرف ما إذا كان قد تم بناؤه حبا في امرأة أو حبا في البلد أو ببساطة هو عبارة عن مكان للمغامرات الرومانسية.

ثم عادت ملكية القلعة لطبيب القيصر، أ.ك. توبين، والذي وهبها لزوجته التي باعتها بدورها عام 1903. ثم تداول المالكين على العقار حتى عام 1911، عندما اشتراها رجل النفط الألماني البارون فون ستينهيل. فهدم المبنى الخشبي وأنشأ هيكلا حجريا جديدا مكانه على الطراز القوطي الجديد آنذاك. لا يزال المبنى المثير للإعجاب معلقا على حافة الهاوية اليوم، حتى بعد أن نجا من زلزال في عام 1927. وقد ظهر البناء في العديد من الأفلام السوفياتية لجمال معماره الخلاب. ثم تم تحويله منذ السبعينات لمطعم إيطالي ليحتضن أمسيات رومانسية رائقة في ظل تحفة معمارية تاريخية.

  1. التريانون الصغير- فرنسا

تحف معمارية
A view of the Petit Trianon in Versailles. (Photo by: Loop Images/Universal Images Group via Getty Images)

صممه آنج جاك قابريال سنة  1762 بناء على طلب لويس الخامس عشر لعشيقته مدام دي بومبادور. وكان التأثر بالنمط اليوناني، الذي اجتاح أوروبا آنذاك، واضحا بشكل كبير.

ولكن الموت كان سباقا اذ توفيت مدام دي بومبادور قبل إتمام أشغال بناء القصر. وعند الانتهاء منه سنة 1768 شغلته مدام دي باري حتى وفاة لويس الخامس عشر سنة 1774.

عندما تربع لويس السادس عشر على العرش، أهدى القصر لزوجته الشابة ماري انطوانيت والتي تعد أشهر من سكن القصر. وأثناء الثورة الفرنسية تحول القصر الى نزل قبل ان يستعيده نابليون بونابرت ويعطيه لاخته بولين.

وفي سنة 1867 حولت الامبراطورة يوجيني زوجة نابليون الثالث والتي كانت مولعة بماري انطوانيت القصر الى متحف يعرض حياة زوجة لويس السادس عشر ويخلد ذكراها الى يومنا هذا.

  1. نصب أشتون التذكاري – انجلترا

يعرف النصب التذكاري أشتون محليا بـ”تاج محل في الشمال”، ويقع فوق تلة في حديقة ويليامسون في لانكستر بإنجلترا. قام المليونير اللورد أشتون بتشييد هذا الهيكل الذي يبلغ ارتفاعه 150 قدما تخليدا لذكرى زوجته الثانية جيسي الي وافتها المنية سنة 1904.

صمم السير جون بيلشر نصب آشتون الذي بني بحجارة بورتلند مع قبة من نحاس. منذ عام 1909 تم افتتاح النصب التذكاري للجمهور الذي يطل على مشهد رائع للخلجان المحيطة به. كما يحتضن النصب التذكاري في بعض الأحيان المعارض الفنية، والحفلات الموسيقية، وبطبيعة الحال، حفلات الزفاف نظرا لرمزية المكان الذي أقيم خصيصا لتخليد ذكرى الحب.

8- معبد كوداي-جي اليابان

وإن كانت المعالم التي ذكرناها آنفا قد شيدها رجال أرادوا عبرها تخليد ذكرى قصص عشق عاشوها، فإن معبد كوداي-جي باليابان وقع بناؤه علي يد امرأة وهو من أقدم المعالم في هذه القائمة. هذه المرأة هي كيتا نو ماندوكورو وقد شيدته سنة 1606 في ذكرى زوجها، تويوتومي هيديوشي، الذي توفي سنة 1598. فيما بعد، أصبحت كيتا نو ماندوكورو كاهنة المعبد وعرفت باسم كودايين كوجيتسوني وبقيت فيه حتى وفاتها سنة 1624.

يتكون المعبد اليوم من حديقة مزخرفة (صممها الفنان العظيم كوبوري اونش)، ومن مبنى رئيسي أعيد ترميمه بعد حريق هائل سنة 1912، وفيه أضرحة كل من تويوتومي، هيديوشي وكيتا نو ماندوكورو. و يضم المعبد أيضا جينباوري (معطف يقع ارتداؤه على درع)، يعود إلى هيديوشي، منسوجا من الذهب والفضة.

المصادر :

إعلان

اترك تعليقا