شكلُ الكون: هل الكونُ حقًّا مسطّح؟
shape of the universe

الفهرس
شكلُ الكون هو أحد موضوعاتِ علم الكون الفيزيائي، ويهتم بدراسة ما إذا كانت مِتريّةُ الكون مُنبسطةً أو منحنيةً. تحاول المناقشةُ العلميّةُ التوصّل للانتقال من كون ذي ثلاثة أبعادٍ، يمكن وصفُه بإحداثيّاتٍ مسايرة، إلى كونِ زَمَكان.

من الوجْهة العمليّة، فقد قام مسبار ويلكنسون لقياس التباين الميكرويّ WMAP، بتسجيل الأشعّة الراديويّة المتبقّية من الانفجار العظيم (إشعاع الخلفيّة الكونيّة الميكرويّ)، حيث وجدَها متساويةً تقريبًا في جميع أنحاء السماء، إذ لا تزيد الفروقُ في شدّتها عن 0.004. تلك النتيجة جعلت ناسا تُفصِح بالآتي:
تحقّقنا الآن من أنَّ الكونَ منبسطٌ بنسبةِ خطأ لا تزيد عن 0.4%. في نفس الوقت، فإنّ هذا يتّفق مع شكل الكون وفقًا للنظريّة السائدة، والتي تمثّلها متريّة فريدمان-لامتر-روبرتسون-ووكر، أي إن قياساتِ الخلفية الكونيّة الميكرويّة تؤيّد النظريّة القائلةَ بانبساطِ الكون وليس بانحنائِه (الأمرُ الّذي يعتمدُ على كمّية المادة فيه).
نموذج FLRW
يطبّقُ نموذج فريدمان-لومتر-روبرتسون-ووكر (إحداثيات روبرتسون-ووكر) النظريّة النسبيّة. ويمكن التعبيرُ عن هذا النّموذَج بمعادلات فريدمان، وهي تطرَحُ انحناءً للكونِِ مبنيًّا على ديناميكا السوائل، بمعنى أنّها تعاملُ المادّة في الكون كسائلٍ مثاليّ. ومع أن النّجوم وبنيات الكتلة يمكنُ إدخالها في نموذَج FLRW، إلّا إنّ نموذج FLRW الخالص يُستخدم فقَط لتمثيلِ الانحناءِ المحلّيِّ للكون المرئي.
اقرأ أيضًا: 100 عام مرت على إثبات النظرية النسبية.
وبافتراضٍ آخَر، فإنّنا إذا أهملنا كل أشكال الطّاقة المُظلمة، يُمكننا تعيينُ انحناء الكون عن طريق قياس متوسّط كثافةِ المادّة فيه، مع افتراضِ أنّ كل المادّة فيه متوزّعةٌ بالتساوي؛ وتؤيّد هذا الافتراضَ المشاهداتُ التي تُشير إلى أنّ مادّةَ الكون بصفةٍ عامةٍ متساويةُ التّوزع، على الرغم من كونِه أي توزِّعها غيرَ متساوٍ بنسبة 100% نظرًا لوجودِ مجرّاتٍ وتجمّعاتِ مجراتٍ فيه، ما يعني وجُود بُؤَرٍ تزداد فيها كمية المادة.
إعلان
يُعطي تساوي توزيعِ المادّة في الكون انحناءً ثابتًا، وينتجُ عن النظريّة النسبية ونموذج FLRW أن إحداثيّة الكثافة (Omega (Ω ترجع إلى انحناء الفضاء. وتمثّل Ω متوسّطَ كثافة الكون مقسومًا على كثافة الطّاقة الحرِجة، أي الطّاقة اللّازمة ليكونَ الكونُ ذا انحناءٍ مقدارُه صفر.
إنَّ انحناء الفضاء هوَ وصفٌ رياضيٌّ، يُسائل عمّا إذا كانت هندسة فيثاغورس تنطبِقُ على الكون فيما يتعلّقُ بـ”الإحداثيّات المكانيّة” أم لا. فإذا كانَت لا تنطبقُ عليه، فهيَ تُقدّم معادلاتٍ بديلَةٍ للتّعبير عن العلاقات المحلّيّة بين المسافات:
1. إذا كانَ الانْحِناءُ مُساويًا للصّفر، تكونُ Ω = 1، وبالتّالي فإنَّ هَنْدسة فيثاغورس تنطبِقُ على الكون.
2. وإذا كانت Ω>1، يكون انحناءُ الكونِ سالبًا.
3- وإذا كانت Ω<1، يكونُ انحناؤُهُ موجِبًا.
وفي الحالتين الأخيرتين، لا تنطَبِقُ هندسة فيثاغورس على الكون، ولكنّ الاخْتلافاتِ ستُشاهَدُ فقطْ في مثلّثاتٍ يَبلغُ طول ضِلعها أبعادًا فلكيًّة (مثْل E+26 مترًا).
إذا قُمت بِقياسِ مُحيط دوائِرَ متزايدةِ الأقطار، ثُمَّ بقسمة مُحيط الدّائرة السّابقة على محيط الدّائرة الأخيرة، فإن النماذج الثلاثة ستُعطي نفس القيمة “π” للمَقاييس الصّغيرة؛ ولكنَّ النّسبة π ستختلف في حالةِ الدّوائر الكَبيرةِ ذاتِ المقاييسِ الفلكيّة، إلّا إذا كانت Ω=1.
في حالة “Ω>1” (الحالة الكُرويّة، انظر الشّكل)، ستكُون π التي تحصلُ عليها أقلَّ من π الّتي نعرفُها، وفي الواقِع، إنَّ مُحيط الدّوائر الكبيرةِ على كُرةٍ ستَكُون ضِعفَ قطرها فقط.
أمّا في حالة “Ω<1″، ستكونُ النّسبةُ أكبرَ من π.
تُشيرُ الأرصَادُ الفلكيّةُ لكثَافةِ كلٍّ مّنَ المادّة والطّاقةِ في الكون، وفي فترات الزّمكان الناتِجَة عن مُشاهَدةِ أحْداثِ المُستَعِراتِ العُظمى، إلى أنَّ الانحناءَ الفَضائيَّ قريبٌ جدًّا مِن الصّفر؛ هذا مع أنّهما لا يَفصِلانِ في أمر ما إذا كان هذا الانحناءُ موجِبًا أو سالِبًا. هَذا يَعني أنَّه على الرُّغمِ مِنَ الانحناءِ المكانيّ للزَّمَكان الّذي تقُولُ به النّظريّة النّسبيّة، فإنّهُ في الحقيقةِ يَعتمد على “فتراتِ زمكانٍ“، إذ يُمكِنُ تقريبُ “الثلاثةِ أبعاد” الفضائيّةِ بوَاسِطَةِ الهندسة الإقلِيديّة المعرُوفة.
نرشح لك: كيف يفسر مجتمع الأرض المسطحة خسوف القمر؟
إعلان