أحمد ياسر يكتب: الحرية الفكرية فى ظل السلطات الأبوية

الحرية الفكرية فى ظل السلطات الأبوية والشعوب المنحرفة كيف يمكن لفكر أن يتقدم ، أو لحضـارة أن تتشكل ، وتتكون ، وتنمو فى ظل ما يعانيه هذا الوطن التعيس من أمراض متفشية ، وياليت أمراضنا أمراضاً عضوية ، فلو كان المرض عضـوياً لكـن سهلاً بسيطاً علينا التخلص من المرض ، أو التخلص من صاحبه ، أما لو كان المرض مرض فكري مستشري فى كل الأوساط فكيف يمكنك التخلص منه ؟

جهل عام يعم كل نواحي البلاد ، جهل يستشري ليلتهم كل شئ ، ويلتهمنا نحن حتي ، جهل داخلي تبدو ملامحة ” وسطية ” ، ولكـنه وبلا شك ” غول ” لا معني لوجودنا بوجوده .

فى البلاد السلطوية الأبوية الذكورية التى نعيش فيها أنت ممنوع من كل شئ ، فكما غني سعيد صالح فى مسرحية ” كعبلون ” من كلمات ” أحمد فؤاد نجم ” .. قصيدة ” الممنوعات “ ممنوع من المناقشة ممنوع من السكات “.

هذا هو حالنا فى بلد الممنوعات ، ومن ضمن الممنوعات التى تورثنا ما نحن فيه من فقر ، وجهل غياب الحرية الفكرية .

لماذا يكـون غياب الحرية الفكرية مشكلة أصلاً ؟

بكل بساطة لأن غياب الحرية الفكرية يولِّد لك مجتمعاً من المنافقين ، الكل يخفي نفسه ، ويخفي عقيدته ، ويزداد التشتت ، وتزداد الاتهامات فكل شئ ممنوع ، وأنت خائف ، خائف من كل شئ حتي من إبراز نفسك .

إعلان

وأسرد لك بعض الأمثلة على غياب الحرية الفكرية المزعومة تلك وآثارها.

1- فرج فودة ” شهيد الحرية الفكرية “

مصري مسلم ، يحب الوطن ويعشق ترابه ، علماني ، دخل فى معركة مع الإسلام السياسي على من يحكم ، الإسلام السياسي ، أم العلمانية ، والرجل لم يقل أبداً أنه ضد الدين ، بل حتي أشهر مقاطعه على الانترنت التى يحتج الأعداء بها عليه، ما يفعله فيه هو تنزيه للرسول الكريم من أن يكـون قال كلاماً مثل أن المرأة التى تخرج من بيتها متعطرة فهي زانية.

فيستنكر ذلك ويحتج على أن الدين ، والرسول نفسه لا يريد أبداً أن نمشي فى الشوارع بروائح عفنة ، وهو يحتج على المتن عقلاً بغض النظر عما إذا كانت فكرته صائبة أم لا ولكـنه مسلم ، ولكـن لاشتباكه مع الإسلام السياسي ، وبعد معركته فى معرض الكتاب ، وأقول معركة لأنها كانت معركة فعلاً وبتحريض واضح من الجهة الإسلامية تم قتل الرجل ، لأن الرجل كافر !! من قال أنه كافر ، وكيف انتشـر ذلك ، ولماذا يقتل إنسان بهذا الشكل بغض النظر حتي لو كان كافراً ، ملحداً ، بوذيا ، هندوكياً ، حتي لو كان ما كان ما كان ينبغي أن يقتل الرجل .
ماذا حدث هنا ، لا شئ سوي غياب الحرية الفكرية .
ويحتفي موقع ” الملحدين العرب ” بالرجل ، وينشروا كتبه ، بينما يتقاعس عن ذلك المسلمون ظناً منهم بأن الرجل كافر !!

2- طه حسين و الحرية الفكرية

وأنا صغير سمعت أن طه حسين قال ” أعطوني قلماً أحمر لأصحح أخطاء القرآن ” ، وسمعت أنه يشتم الإله علانية فى قصيدة له ” كنت أعبد الشيطان ” ، كبـرت لأبحث فما وجدت قلماً لأ أحمر ، ولا أخضـر ولا غيره ، وكذلك ما وجدت قصيدة بهذا الاسم إلا شئ قبيح مدسوس عليه ولاشك ، ثم وجدت كتباً للرجل زادتني عشقاً له وللدين ، مثل ” الوعد الحق ” والذي كان قوياً جداً مؤثراً جداً ، ولما تم سؤاله هو شخصياً عن أحب كتبه ذكر منهم الوعد الحق ، وذكر كذلك كتاب ” الشيخان ” ..

قد يعجبك أيضًا

إذا أين إلحاده وكفره ؟ ، لن تجد شيئاً سوي اتباعه لمنهج الشك الديكارتي فى كتابه ” الشعر الجاهلي ” الذي قامت الدنيا عليه فيها ، وكل ما قاله الرجل يتلخص فى شكه فى أشعار السابقين ، وأنها منحولة بعد ذلك العصر ، وشكه فى وجود الأنبياء أو بعضهم لعدم وجود شئ مادي يثبت ذلك وأياً ما كانت القصة وبدون زيادة فى التفاصيل تم حذف ذلك فى النسخة الأحدث ” الأدب الجاهلي ” وانتهى الأمر ، ستجد كذلك الملحدين هم من يهتمون جداً بطه حسين بالرغم من أنه مسلم ، ونحن مسلمون ولكـن لا أحد يهتم بذلك الكافر !

ونفس الكلام على نجيب محفوظ فى ” أولاد حارتنا ” ، ومثله على فيديوهات عدنان إبراهيم عن الصحابة .

ونفسه فى سجـن إسلام بحيري ، والشيخ ميزو ، واتهام يوسف زيدان بإزدراء الأديان ، وإتهام أحمد سامي بالإلحاد .

كل ذلك المناخ الجميل لا يسمح للشخص أبداً أن يعبر عن أفكاره بصورة سليمة صحيحة ، بل تكـون القاعدة العامة فى التعامل :-

” استر ذهبك ، ومذهبك ، وذهابك ” .

في حالة أعجبك المقال، ربما ستعجبك مقالات أخرى، نرشح لك

محمد شحرور نظرة تجديدية أم تحريفية

مراجعة فيلم After the dark استخدام ذكائنا للنجاة في حياتنا

ميثولوجيا الفردوس المفقود

إعلان

اترك تعليقا