جسدك لديه قدرة مرعبة في شفاء نفسه .. فقط إكشف عنها 1

الفهرس
حياتنا مجموعة من الأحداث التي تتسلسل لتبني تاريخنا ، ذكرياتنا، ويومياتنا الشخصية، ولا بد أن كل واحدا فينا يذكر أحد الأيام قد واجه وقتا عصيبا فيه بسبب مرضه أو مرض أحد أقرباءه، وشكلت تلك المرحلة تغيرا فكريا ونفسيا بالنسبة إليه، سواء بسبب مرض في الجسم و أعراضه الصعبة أو العلاج الذي قد يكون صعبا من ناحية ثمنه أو من ناحية إيجاده في المنطقة.
هذه الأحداث التي تراكمت ربما شكلت عندك تساؤلات عدة، منها السلبي ومنها الإيجابي ، قد يكون أحد الأسئلة الملونة باليأس يقول : ألا يوجد علاج لهذا المرض؟
وسؤال آخر ينبع من تفائل كبير : هل حقا وصل الطب إلى هذه الدرجة؟
لن يكون مقالنا هذا مُنْصَبًا في شرح المفارقة بين السؤالين ، لكنهما مهمين وجب عليك التفكير متى تم طرحهم ، أو متى أنت طرحتهم .
لكن لنوجه تركيزنا نحو شيء ملفت قليلا ، ولنتفكر في معنى المرض الفيسيولوجي، بشكل عام ، هو خلل في إحدى أو عدة وظائف لعضو معين ، ناجم عن سبب كان قادرا على افساد السيرورة والإتقان اللذان يحكمان الجسم، ولكي لا يكون تعريفا فقط سطحيا ، سنذكر مثلا مرض السكري رقم إثنان والذي قد تحدثنا كثيرا عنه، ولا بأس أن نذكر أهم أضراره ولما نعتبره مرضا فيسيولوجي، ببساطة ، هو خلل في عمل مستقبلات الأنسولين التي تتواجد بجدار خالايا الجسم ، والتي وظيفتها أثناء اندماجها مع جزيئة الأنسولين القيام بتثبيت بويبة الغلوكوز في جدار الخلية.
إعلان
إذن الخلل هو عدم استجابة هذه المستقبلات للأنسولين، ومن بين الأسباب التي تنمي هذا الخلل؛ التعرض المستمر والطويل للأنسولين بنفسه.
كان المثال البسيط لتفسير المرض الفيسيولوجي ( الباثولوجي) وهناك العديد والعديد من هذه الأمراض، كما أن هنا مسببات مختلفة، وللفهم أكثر ، مثالا آخر: داء فقدان المناعة ( السيدا ) الذي يسببه الفيروس VIH، حيث يقوم خصوصا باستعمار الخلية تي 4 و التكاثر بها وافساد جينومها ، وهذا يؤدي لنتيجتين، النتيجة الأولى: زيادة نسبة الفيروسات بالجسم، والنتيجة الثانية تغيير جينوم تي 4 , وتصبح غريبة على الجسم ، فيتم مهاجمتها من طرف المناعة ( دفاع الجسم)، وهذا يؤدي لإنخفاظ أعدادها تدريجيا ، هذه الخلية جد مهمة في توجيه و تنشيط جهاز المناعة المختص ، إذن فتدميرها يعني تدميرا لمناعة الجسم، فيؤدي ذلك لخلل بالوظائف المعنية بالأمر والتي بدورها ستقوم بالتأثير على الوظائف الأخرى، فيتبعه خلل بعد آخر.
فهمنا قليلا الخلل الحيوي الذي قد يواجهه الجسم ، كما أننا نعلم بتواجد علاجات عدة فعالة و جزئيا فعالة لمقاومة المرض، لكن الشيء المهم ، هل يمكن للجسم أن يواجه المرض بطريقته، بفلسفته ، وبقوته؟
الجسم يشفي نفسه آلاف المرات دون أن ندرك كل ذلك:
ضربت أصبعك مع الطاولة، جرحت يدك أثناء الطبخ، سقطت أثناء لعب الكرة فجرحت ركبتك، والكثير من الحالات التي تواجهها ونواجهها جميعا.
لكن في تلك اللحظة نطمئن أنفسنا بوضع ضمادة أو قليل من الإسعافات ، ونقول بأنفسنا أن الضرر سيختفي بعد مدة ، واثقين أن الجسم سيعالج الجرح الآن أو بعد مدة، بسبب أننا اعتدنا ذلك، نسينا أو تغافلنا عن مدى روعة الجسم في القيام بالتصليح.
نحن واثقون بذلك لأننا رأينا هذا الترميم أو الشفاء الذاتي يحدث غالبا ولو لم نضع أي شيء بالجرح.
يمثل الجرح تلفا في الخلايا ، حيث أن مسبب الجرح قد قام بتدمير وتعطيل عدة خلايا بالجلد واختراقه أكثر عمقا، وهذا قد يعد خللا حدث في حاجزنا الفيزيائي الذي يحمي الجزء الوظيفي الداخلي ، حيث يعد الجلد من موانع اختراق البكتريا والكائنات المجهرية للدورة الدموية و تعفين الأعضاء، إذن فالجرح قد نعتبره خللا صغيرا في هذا الحاجز.
يبدأ الجسم عملية العلاج بمراحله المنظمة والمتناسقة، حيث تشكل خلايا الدم الحمراء جلطة بالجرح، وهذا سيمنع مؤقتا تسلل الميكروبات إلى داخل الجسم عبر هذا الجرح، بعد ساعات قليلة يصبح الجلد أحمر اللون ومنتفخا، وهذا يعني مرحلة الإلتهاب الناجم عن قدوم الخلايا المناعية البيضاء لمواجهة الميكروبات التي تسللت مباشرة وبسرعة أثناء حدوث الجرح، بعد ذلك تَحْضُر الخلايا الليفية بقرب الجرح فتقوم بانتاج الكولاجين الذي يشكل نسيجا جلديا متماسكا ، فترتبط الأدمة والبشرة وأخيرا يغلق الجرح.
إنها عملية رميم ذاتية، شفاء يعتمد على آليات الجسم، وعلى نظامه في إنقاذ المواقف.
وقد نضيف مثال الكسر ،إلتواء، أو شق بالعظم، يقوم الطبيب بوضع ضمادة من الجبس على مكان الكسر بعد تعديل العظم والعضلات ومحاولة إرجاعهم لمكانهم ، وذلك لتسهيل عميلة إصلاح الكسر واعطاءه الوقت الكافي، ويعد الجبس ضروريا من أجل عدم ايقاف هذه العملية إذا ما تم تحريك اليد أو الرجل بشكل مفاجىء أو مؤثر على الإصابة
لماذا كان علينا شرح ذلك؟
ذكرنا ذلك للقيام بمقاربة واضحة ، من المفترض علينا فهمها، فقد شرحنا كيف يتم ترميم الجرح ، الخلل البسيط، أو نعتبره كذلك لأنه سهل ، لكن في الحقيقية آلاف التفاعلات قد حدثت لينتهي الخلل بالشفاء.
السؤال المهم واللذي سنرى إجابته في الجزء الثاني :
السرطان خلل، السكري رقم إثنان خلل وعدة أمراض تعد خللا أيضا، لكن لماذا لم يقم الجسم بترميم ذلك الخلل ؟ ( نقصد الحالات التي نعرفها الآن، فأي حالة بها خلل، فإنها تحمل أملا كبيرا في الشفاء ).
سنذكر في المقال القادم قدرة الجسم في علاج نفسه ذاتيا بعدة طرق، لكن ختاما أود طرح إشكال ينبه من يقرأ هذه المقالة، أنت تعرف مقولة ” المرء طبيب نفسه ” أليس كذلك ؟
من واجبي أن أقول لك أن هذه المقولة عميقة بشكل مذهل و أسطوري، فهي تعني أن الإنسان يمكنه المحافظة على جسده ، وجعل هذا الأخير قويا على هزيمة الأمراض وتجنبها ولتحقيق هذه المقولة وجب أن تغرس في وجدناك شيئين أساسيين
الأساس الأول : أن تبحث وتحاول توعية نفسك بشأن الأمراض والتغذية والظروف التي نعيشها ، لتعرف الأسباب والنتائج .
الأساس الثاني : أن تطبق ما استنتجته بعدما علمت الأسباب، ففي المقال السابق ” من يسيرك عاداتك أم علمك ومعرفتك ” أوردنا أهمية هزيمة العادات السيئة، فما فائدة الأساس الأول إن لم تقم بالأساس الثاني ؟ فما فائدة العلم والتدخين وما قرأته إن لم تبدأ في التوقف عن التدخين ؟ فما فائدة …. ؟ نعم أكمل السؤال بذكر كل العادات التي لا تزال محافظا عليها رغم أنك تدرك أضرارها و مخاطرها .
وعينا وتنوير عقولنا يكون بتطبيق معرفتنا في الواقع الذي نعيشه!
في حالة أعجبك المقال، ربما ستعجبك مقالات أخرى، نرشح لك
كيف تنتج أدمغتنا تجربة واعية؟ “مدخل لفهم طبيعة الوعي 3”
ما الذي يسيّرك عاداتك أم علمك ومعرفتك؟
كيف يمكنك التحكم بالأحلام، دراسة تخبرنا كل ما تريد معرفته
إعلان