الإسقاط النجمي بين الخرافة والحقيقة

بسم الله الرحمن الرحيم: “ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”
“إنّ مقدرة الإنسان على اكتشاف النفس لهو إنجاز عظيم  لا يقارَن بغزو الإنسان للفضاء” -دكتور مصطفى محمود
على الأغلب، جميعنا سمعنا عن ظواهر وممارسات خارجة عن إطار المألوف والمنطقي، يفسرها البعض على أنها أفعال خارقه للطبيعة، وهم غالباً ما يغالون في تقدير الأشياء ودائما ما تجدهم يستبعدون أيّ تعليل علمي، وهناك فريق آخر لا يصدقون ويصنفون الظواهر التي لا يستطيع العلم تفسيرها ضمن نطاق الخرافات، ربما لعدم اعترافهم بما وراء الإنسان المادي وإنكارهم للطاقة الخفية التي نطلق عليها (الروح).
 لكنّ كلّ ظاهرة وإن بدت غير مألوفة لا بدّ وأن يكون خلفها تفسير وعلّة، ولا يكون اختفاء التفسير العلمي حُجّة على عدم وجودها؛ فالعلم لا يبتدع  القوانين وإنما يكتشف طريقة سير الكون فقط.
دعونا الآن نتطرق إلى موضوعنا الرئيسي: الإسقاط النجمي -أو ما يُطلق عليه “تجربة الخروج من الجسد.”
 تعريفات:
  • الإسقاط النجمي هو تفسير افتراضيّ لحالَة الخروج من الجسد وذلك بافتراضِ أنّ هناك  هيئةٌ نجميّة -وتسمى الجسم الأثيري- تنفصل عن الجسد الفيزيائي قادِرة على السفر خارجه، أو بمعنى آخر: انفصال جزئيّ للروح عن الجسد بحيث تظلّ صلة الجسد بالروح موجودة عن طريق الحبل الفضي “أو حبل الطاقة”.
  • الإسقاط النجمي ليس وهماً ولا هو من القدرات الخارقة، كما يروج له البعض، لكنّ الكثيرين يبالغون في الحديث عنه ويتطرقون لموضوعات أخرى كالطاقه الحيوية والقدرة الشفائية لها وغير ذلك مما لا أحبذ الخوض فيه.
  • الإسقاط النجميّ، ببساطة، حالة من التأمّل الخالص  يصل لها الفرد بعد سنوات من التمارين على الاسترخاء والتأمل وتحكم الشخص بأفكاره وأجزاء جسده، حتى أنّ البعض قد يصل إلى مرحلة التحكم بمدى الشعور بالآلام.
وتعتبَر هذه الظاهرة المستوى الأعلى من التأمل كمراحل (النيرفانا) عند رهبان التبيت والممارسات البوذية والكنفوشيوسية، وكما وردت في النصوص البوذيه القديمة التي اعتبرت الروح خالدة وتنتقل من شكل حيّ إلى آخر، فهذه الطقوس التأملية تصل الإنسان بكلّ ما في الكون فيتحد مع الوجود وهذه غاية النقاء الروحي.
 وكذلك ورد عن بعض المتصوفين الأوائل أنهم كانوا يستعينون بالطقوس التأملية للوصول إلى حالة الصفاء الداخلي والوصول إلى النشوة الإيمانية.

الإسقاط النجمي واحد من تطبيقات علم “الباراسيكولوجي” وهو علم  حديث ويعتبر امتداداً لعلم النفس لكنه يختص بالظواهر غير المرئية والقدرات الروحية للإنسان، وغالباً يتم تفسير الظواهر  كاستدعاء الأرواح والتنويم المغناطيسي والتكهّن والتخاطر عن بعد من خلال هذا العلم.

تطبيقات “ممارسات” الإسقاط النجمي :

1_ الخروج من الجسد.
2_ التخاطر عن بعد.
3_الجلاء البصريّ (رؤية أحداث واقعية) ثمّ يتضح أن هذه الأحداث كانت قد وقعت بالفعل أو أنها تقع فيما بعد.

كيف يحدث الإسقاط النجمي ؟

فسّر الباحثون في الظواهر الغريبة الأمر كالآتي:
 عند النوم، ينفصل جسد الإنسان عن روحه انفصالاً جزئياً، والأحلام التي نراها عبارة عن أفكار ومخزون العقل اللاواعي. وكان السؤال: ماذا يحدث إذا تحكم الإنسان في
 عقله اللاواعي؟
 سيمتلك القدرة على التحكم بأحلامه، أو ما يسميه العلماء “الأحلام الجلية” أي الواضحة. ونذكر هنا “Inception”، فيلم قد أورد هذه الفكرة بطريقة ما لتفسير هذه الظاهرة.
وبهذا يستطيع الإنسان نقل اللاوعي خارج حدود الجسم المادي.

 ولكن، كيف يتم الأمر ؟

دعونا نتفق أولاً أنّ الطاقة أو الروح غير مرئية وأنّ قدرات الإنسان الروحية لا مجال لحصرها ومعرفتها كاملة، وطالما بدأ العلم بمحاولة فهم طاقة الإنسان الروحية فإنّ كلّ شيء سيكون يوماً ما خاضعاً للتفسير.
 وثانياً، نتفق على أنّ طريقة عمل الدماغ البشري من أعقد المسائل التي انشغل بها  العلم وما زال لا يتعدى فيها جزءاً من المليون من المعرفة رغم جميع الدراسات والأبحاث المعملية الحالية والتي لا يستطيع أحد الجزم بنتائجها.
 يحدث الأمر على  هيئة ظاهره تسمى (الجاثوم) تكون كالحلم، لكنّ الفرد يكون واعياً لما يحدث وعاجزاً عن الخروج من هذه الحالة بإرادته، ولذلك تسمى ب “حالة الشلل النومي”.
 وتعد هذه  أولى خطوات الإدراك لانتقال اللاوعي خارج الإنسان والدخول في مرحلة الخروج من الجسد.

 إذن، ماذا يحدث عند النوم؟

تنفصل الروح جزئياً وتظل متصله معاه بخيط من الطاقه اسمه الحبل الفضي، وأثناء النوم  يستعيد الجسم طاقته من خلال الشاكرات السبعة؛ وهي أماكن استقبال الطاقه في الجسم، وقليل من الأشخاص يمتلكون القدرة على تفعيل هذه الشاكرات من خلال التمارين والتأمل  التي قد تتشابه مع مستويات أعلى من اليوجا، والغالبية العظمى  عندهم هذه  الشاكرات  غير  مفعلة، ويرجع ذلك  إلى الإرهاق والمرض والتفكير والكرما وأي عائق من شأنه التأثير  على الصفاء الروحي للإنسان، ولذلك نجد  أن كل إنسان لديه مستوى مختلفاً من الطاقة: فبينما يرتفع مستوى الطاقة لدى بعض الأشخاص، يتوسط لدى بعضهم الآخر وينخفض أو حتى أنه ينعدم عند آخرين.

ومن يعنينا  الآن هم أصحاب الطاقات المرتفعة  والذين تتفعّل الشاكرات لديهم بحيث تكون جاهزة لاستقبال الطاقة بقدر كبير أثناء نومهم وأثناء التأمل، فيحدث معهم  ما يسمى بظاهرة الإسقاط النجمي والتي قد تحدث لأشخاص قلائل لا يدرون ما يحدث لهم لعدم معرفتهم بها، فهي تبدو كظاهرة غريبة لم يقصدوا ممارستها.
أما البعض الآخر فيتعلم هذه الظاهرة ليخوضها عن طريق التأمل وبعض التمارين الخاصه التي تخوله للوصول إلى مرحلة الصفاء الروحي وإلى حالة الوعي الكاملة التي  تعزز لديه قدرة عالية من الادراك لنفسه وروحه وما يحيط به، وتسمى هذه المرحلة ب”العين الثالثه” حيث ينتقل الإنسان من البعد الحقيقي والبعد المادي  للبعد النجمي “وهو عالم موازي” لكنه بأبعاد أخرى وقوانين أخرى؛ وبكلمات أوضح: إنه عالم خيالي يقع في اللاوعي عند البعض،  ومن خلال هذه التجربه يستطيعون الذهاب إلى عالمهم الموازي حيث تنتفي قوانين العالم الحقيقي فيستطيع المرء التحليق والسفر عبر الزمن أو تخيل أي عالم آخر يبتغيه (تجربة ذهنية ممتعة).

نستنتج مما سبق أن هناك أشخاص يتمكنون من  الخروج من الجسد بدون تمارين وتعليم  بسبب مقدار الطاقة الروحية المرتفعه لديهم، أما بالنسبة للأشخاص الذين لا يمتلكون هذه الميزة فيستطيعون الوصول لمرحلة الخروج من الجسد  لكن بصعوبة بالغة، إذ يمضي البعض سنوات من تمارين التأمل واليوجا ليصل إلى هذه القدرة.

في مرحلة الخروج من الجسد، يحذر المختصون في دراسات هذه الظواهر  من عدم الإحاطة والدراية الكاملة لهذه القدرة، وترجع الخطورة إلى أن  الإنسان يحاول تجاوز الحيز الطبيعي للروح والتحكم بعقله وأفكاره، ومن هنا، إذا حدث أي خطأ في الممارسة فإنه سيخلف أخطاراً نفسية وبدنية أيضاً.

مثال للتقريب

تتجسد الأفكار التي نختزلها  في العقل اللاواعي في البعد النجمي الذي نختلقه، ولنفترض أنك اختلقت عالماً رائعاً مثالياً تستطيع التحليق فيه، ماذا لو خانتك أفكارك وتحولت الأفكار الرائعة إلى مرعبة ستنعكس تلك الافكار  عليك بالتأكيد، ويصاب البعض بانهيار عصبي نتيجة خطأ الممارسة وفقدان التركيز.
لذلك يتوجب على الممارسين الإحاطة الكاملة بما يحدث والاسترخاء التام، وهذا ما يجعل الأمر في غاية الصعوبة ونادر الحدوث.
حالة الخروج من الجسد ليست فقط لرؤية عالم موازي ورؤيا واضحة ولكنها تعتبر أيضاً من أسباب الإرتقاء والسمو الروحاني والتي يسميها المتصوفون “انسلاخ الروح”  للوصول إلى آفاق علوية والوصول إلى المكاشفة والرؤيا الجلية.
ويستخدم أصحاب “الدلاي لاما” في التبيت طقوس التأمل والتخلص من الطاقات السلبية للاتحاد مع الكون مما ينمي لديهم الوعي والحكمة.

وأخيراً:

ربما يتفق البعض أو لا على ظواهر عديدة لقدرات الإنسان الروحية، بل إن البعض لينفي وجود الروح  كطاقة خفية، لكن ليس كل ما نؤمن به نراه وليس كلّ ما نراه حقيقيّ فمنذ الأزل، يستعصي هذا العالم على الفهم، حتى أن الاستدلال على الحقائق تختلف طرق الوصول إليها فالبعض لا يعترفون بالدليل التجريبي وآخرون يشككون في كل شيء حتى بحواسهم وعقلهم، وآخرون يطلقون العنان للمعرفة الأزلية المختزلة لدى الإنسان منذ تكونه الإلهي.

لا يسعنا إلا البحث وراء الأشياء حتى نكوّن اعتقاداً ما، وليس بالضروره أن يظل اعتقادنا بالأشياء ثابتاً إذا تبيّنت لنا عدم صحته.

في حالة أعجبك المقال، ربما ستعجبك مقالات أخرى، نرشح لك

كيف يمكنك التحكم بالأحلام، دراسة تخبرنا كل ما تريد معرفته

إعلان

اترك تعليقا